معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

رسالة حيفا..اليد الطولى للمقاومة
22/09/2024

رسالة حيفا..اليد الطولى للمقاومة

لم يشهد تاريخ الحروب أن جيشاً أو حركة مقاومة تستهدف قيادتها العسكرية، وتستهدف بنية اتصالاتها وبيئتها الحاضنة بمجازر وضربات غادرة ومتتابعة ومؤلمة في أقل من أسبوع، ثم تمارس عملها بعد ساعات، وبشكل أقوى وتوجه ضربات نوعية وغير مسبوقة للعدو، سوى حركة مقاومة استثنائية وهي المقاومة في لبنان.

والدلالة المباشرة قبل أي تحليل لضربات المقاومة على حيفا ودلالاتها، هي أن المقاومة لها اليد الطولى في تحقيق الأهداف الإستراتيجية للمعركة، حيث فشل العدو في تحقيق أهدافه المعلنة، ونجحت المقاومة في تطوير هدفها المعلن القائم على الإسناد، بأهداف أخرى تتعلق بتطوير الردع وتعميق أزمة الكيان الداخلية، وهو ما يتطلب مزيدًا من التوضيحات:

1- أهداف العدو من  وراء جرائمه:

توهم العدو أن استخدام نظرية "الصدمة والرعب" عبر جرائم متتالية سريعة مثل مجزرة "البيجر" واللاسلكي واغتيال القادة في الضاحية، ستحدث تفكيكًا وخللاً في بنية المقاومة وبيئتها وهو ما سيشكل انكسارًا للإرادة وشللاً في الحركة وبالتالي تركيعًا ونزولاً عند شروط العدو ورعاته بفك الارتباط بغزة حماية للبقية الباقية من المقاومة، وفقًا لتقديرات العدو وأوهامه.

وهو ما حدده سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله بوضوح ومكاشفة في خطابه نصًا عندما قال إن: " العدو هدف إلى ضرب بيئة المقاومة من خلال هذا التفجير الواسع وعمل على استنزاف هذه البيئة وجعلها تصرخ وتقول لقيادة المقاومة كفى، وإن العدو هدف كذلك من خلال مجزرتي الثلاثاء والأربعاء إلى ضرب البنية وضرب نظام القيادة والسيطرة وإشاعة حالة الوهن والارتباك في قيادة حزب الله، وهذا لم يحصل لحظة واحدة على الإطلاق”.

2- كيف أفشلت المقاومة أهداف العدو

بمجرد استئناف عمليات الإسناد اليومية، صدر الرد الأولي المتعدد الدلالات، وهو أن إرادة المقاومة لم تنكسر ولم تتأثر وأنها ماضية في الشوط إلى نهايته، مهما كانت الأثمان والانزلاقات.

وبلحاظ أن خطاب السيد نصر الله الذي نفى تسرب الوهن والارتباك، كان سابقًا لعملية الاغتيال الغادرة بالضاحية التي استهدفت ثلة من خيرة القادة العسكريين، فإن استئناف عمليات الإسناد اليومية بعد جريمة الاغتيال بوتيرة أعلى، ثم القيام بعملية حيفا واستهداف قاعدة "رامات ديفيد" الجوية ومصنع "رافاييل" للصناعات العسكرية، شكل دليلاً قاطعا على مصداقية المقاومة وسيدها، بأن تسلسل القيادة والاتصالات وغرف العمليات لم تتأثر، بل طورت المقاومة عملياتها وبشكل أكبر من حيث قوة النيران ونوعية العمليات.

وباختصار، فإن أهداف العدو التي كان أبرزها الثلاثية التي بيَّنها سماحة الأمين العام فشلت، فلم تتأثر البيئة والتي التفت حول القيادة والمقاومة وطالبت بالثأر، ولم تفشل البنية بدلالة استمرار العمليات وتطويرها، ولم يفشل نظام القيادة حيث تم تطوير العمليات ودخول صواريخ جديدة إلى المعركة مثل فادي 1 وفادي 2 بمديات أكبر، وتم استهداف أهداف نوعية .

3- تجديد رسائل الهدهد 

ولا شك أن حرص المقاومة على استهداف قاعدة "رامات ديفيد" ومصنع "رافاييل" وهما هدفان ظهرا في رصد المقاومة ومسحها لأجواء العدو في فيديو "الهدهد"، هو رسالة مفادها أن المقاومة لم تكن بصدد عمليات استعراضية، أو التباهي بامتلاكها قدرات فائقة في التصوير، بينما تفتقد القدرة على الاستهداف والقصف، بل تقول للعدو إنها ضربت بالفعل نموذجًا مما ورد، وأنها جادة في استهداف كامل ما ورد مما سمح بنشره، ناهيك عمّا لم تنشره المقاومة واحتفظت به كمفاجآت يأتي وقتها لاحقًا.

هنا، ومع التحدي الذي أعلنه سيد المقاومة رسميًا لنتنياهو ووزير حربه بأنه لا عودة لمستوطني شمال فلسطين المحتلة قبل وقف الحرب في غزة، فإن الكيان أمام فشل جديد، فما حاول تصديره لجبهته الداخلية من حالة انتشاء وصورة قوة بنى عليها وعدًا بعودة المستوطنين لتخفيف أزمته الداخلية، سقط في دقائق معدودة مع استئناف حزب الله لعملياته، بل ودخل أكثر من نصف مليون صهيوني في دائرة نيران حزب الله، وهو ما سيوسع دائرة التهجير والإخلاء ويعمق من أزمة الكيان ويؤكد أن يد المقاومة هي الطولى.

حزب اللهالمقاومةالجيش الاسرائيلي

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة