نقاط على الحروف
متى تُفرض رقابة لبنانية على دعاية العدو الحربية؟
التحّكم بالآلة الإعلامية، خلال الحرب الوحشية التي يشنّها العدو "الاسرائيلي" على لبنان وترشيدها، قد يكون هدفًا يوازي بأهميّته العمليات العسكرية بالنسبة إلى جيش الاحتلال. الصهاينة يسعون في معاركهم إلى التظلّل بالصور التي يريدون بثّها لمخاطبة الرأي العام داخل الكيان وفي الغرب عمومًا، على الرغم من كلّ التغطيات الحقيقية التي توفّرها وسائل الإعلام اللبنانية والعربية والأجنبية للمجازر المستمرّة.
الغاية المنشودة بالنسبة إلى العدو تظهير هي أيّ إنجاز في الأراضي اللبنانية وتسجيله أمام الكاميرات.لأجل ذلك، ينسف المعايير الدولية والقانونية كلّ ويتجرّأ، بعد نحو أسبوعيْن على انطلاق المعركة البرية، على اصطحاب فريق من الصحافيين التابعين لوكالات أنباء عالمية ووسائل إعلام أميركية ويجول معهم في مناطق العمليات التي يخوضها في جنوب لبنان، في دخول يوصف بالمُدمج بمؤازرة جيش الاحتلال.
المكان إذًا أرضٌ لبنانية خالصة، مُدّة الجولة بلغت 90 دقيقة، ابتدأت كما توحي الصور من قرب الناقورة في منطقة حرجية. ركّز فيها العدو على فكرة وجود نفق للمقاومين ونقاط لهم على بعد 300 متر من قاعدة لقوات "اليونيفل"، واستكملت بالقرب من منازل يرجّح أنها في بلدة بليدا الجنوبية، على ما تُبيّن المشاهد المعروضة. المنتهى المأمول من هذه الصور تكريس الدعاية الحربية التي تقول إن المقاومة تنشر ترسانتها وصواريخها وتحفر أنفاقًا بين البيوت المأهولة بالسكان.
هذا انتهاكٌ لسيادة الأراضي اللبنانية لا يحمل أيّ لُبس أو تشكيك، على مرأى ومسمع العالم ولاسيّما الأبواق المحلية التي تعزف، في كلّ أونة، لحن الوطنية والاستقلال. الأمر هنا لا يختلف عن أيّة جريمة اعتداء سابق على حدود لبنان. ففي خضمّ الحرب، يُهشّم العدو كلّ القواعد والقوانين، يتوغّل في عمق الأراضي اللبنانية ثمّ يغادر، لإرسال رسالة عبر الإعلام الغربي "أننا نتحّكّم بالميدان".
أداء جيش الاحتلال، في المعركة الراهنة في جنوب لبنان، يؤكد تمامًا أن البروباغندا الإعلامية تقع في سلّم أولوياته، خصوصًا في ظلّ الإحباط والإرهاق والانهيار الذي يعيشه المستوطنون في الشمال جراء المواجهة المستمرة مع حزب الله. من أجل ذلك؛ يرى في فرض رقابته على المواد المعروضة في مواقعه الإخبارية وإعلامه الداخلي والمحطات والصحف الغربية ضرورة مُلحّة لرفع المعنويات كثيرًا مهما كلّفت المسرحيات التي يُنفّذها في بعض القرى قبل أن يفرّ منها تحت نار المُقاومين. وهذه الرقابة تسري كذلك على مندوبي وسائل الإعلام الأجنبية في الكيان الصهيوني.
الضوابط التي يضعها العدو عبر لجنة الرقابة العسكرية تُعدّ اذًا أداة توازي أسلحته وقذائفه وترسانته العسكرية، وهذا يقود إلى قول ما يلي:
1. لا كلام من دون قيود في المواضيع العسكرية.
2. لا شفافية في نتائج عمليات "إسرائيل" البرية على الحدود مع لبنان.
3. لا إفصاح عن عدد الإصابات والقتلى والجرحى.
4. لا إعلان بسهولة عن الأهداف التي تصل إليها صواريخ المقاومة الإسلامية، أو حتى الصواريخ الإيرانية في عمليتي الوعد الصادق 1 و2. هنا نفهم سبب اعتقال الصحافي الأميركي جيرمي لوفريدو بتهمة الكشف عن المواقع التي ضربتها الصواريخ الإيرانية.
5. لا حريّة للصحافيين الميدانيين في أماكن القتال والمعارك في الشمال المحتلّ.
6. لا سماح لأيّ قناة عربية بالتمركز في الداخل المحتلّ كي لا تُنقل سردية مغايرة عن التي يبثّها العدو، عبر إعلامه أو إعلامه حلفائه العرب والأجانب. وهنا نفهم لماذا أغلق العدو مكاتب قناتي "الجزيرة" في رام الله و"الميادين" في الضفة الغربية المحتلة.
ما سلف يُفسّر منهجية عمل الرقابة العسكرية في هذه الحرب وكلّ الحروب التي خاضتها "إسرائيل". في لبنان. أهل الإعلام، وربّما ليس جميعهم، يعرفون مدى تسلّط عدوّهم على أرض الواقع وعبر الشاشات والمنابر. لهذا هم مُطالبون بتحرّك فعّال يحول دون تكرار مصيبة جولة جيش الاحتلال جنوبًا والتعدّي الفاضح على السيادة اللبنانية. الجسم الإعلامي الرسمي، من وزارة الإعلام الى وزارتي الخارجية والعدل وكلّ الهيئات الإعلامية العاملة في البلد، عليهم المبادرة الى مؤازرة أهل الميدان والحؤول دون تسلّل هكذا خطوات دعائية للعدو، والتحرّك باتجاه محاسبة من يضرب سيادة الأراضي اللبنانية من وسائل الإعلام الأجنبية العاملة في المناطق كلها. المطلوب أيضًا ألّا تمرّ هكذا تعدياتٍ مرور الكرام من دون تحرّك حاسم يُعيد هيبة القوانين المحلية فعلًا لا قولًا، لا أن تُسحق بأيدٍ "إسرائيلية" بلا حسيب أو رقيب.
التضليل الإعلاميوسائل الإعلامإعلام العدوالجيش الاسرائيليوزارة الإعلام
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024