خاص العهد
سوريا: الجيش يستبق حشوده على طول الجبهات برسائل نارية تحذيرية إلى الإرهابيين في إدلب
شنّ الطيران الحربي السوري - الروسي غارات عديدة على مواقع إرهابيي تنظيم "جبهة النصرة" و"الحزب الإسلامي التركستاني" في إدلب وريف اللاذقية الشمالي، ما أدى إلى قتل وإصابة أعداد كبيرة منهم. في الوقت نفسه، حشد الجيش السوري أعدادًا كبيرة من المقاتلين فيما بدا أنها خطوة استباقية قام بها الجيش بعد أن قرأ نوايا المجموعات الإرهابية بإشعال الجبهات مجددًا بالتزامن مع الاعتداءات التي يقوم بها الكيان "الإسرائيلي" في فلسطين ولبنان وتكثفت باتجاه سورية في الآونة الأخيرة. لذلك نسأل: كيف ينظر الخبراء العسكريون لتسارع الأحداث على الجبهة الشمالية الغربية، وإلى أين ستقضي الأمور؟.
"رسائل بالنار"
يؤكّد الخبير العسكري العميد علي خضور أنّ ما قام به الطيران الحربي السوري - الروسي باستهداف مواقع الإرهابيين، في إدلب وريف اللاذقية الشمالي، جاء بمثابة رسائل تحذيرية إلى إرهابيي "النصرة" والحزب الإسلامي التركستاني من مغبة القيام بأي هجوم على مواقع الجيش؛ سيما وأن معلومات وزارة الدفاع السورية تؤكد استعداد هؤلاء لسلوك هذا المسار التصعيدي. وفي حديث خاص لموقع "العهد" الإخباري؛ أشار خضور إلى أن "النصرة" والحزب الإسلامي التركستاني بدأوا فعليًا بحشد أعداد كبيرة من المقاتلين على طول جبهات القتال بهدف شنّ عدوان واسع على نقاط الجيش السوري والمناطق الآمنة.
أضاف الخبير أن: "الغارات الجوية السورية - الروسية قد اتسمت بالقوة، وشملت بنك أهداف على جغرافيا طويلة تمتد من ريف إدلب الشمالي مرورًا بريفها الغربي وصولًا إلى ريف اللاذقية الشمالي، فيما يمكن وصفه بمحاكاة رد ناري على أي هجوم محتمل من هؤلاء الإرهابيين". وأكد الخبير العسكري أن الجيش السوري حرص على استمرار تحليق الطيران الحربي، في سماء إدلب والأرياف المجاورة، الأمر الذي دفع الإرهابيين إلى التحصن في مخابئهم تحت الأرض من دون أن يضمنوا نجاتهم من القصف.
" الحشود في إدلب..السياق والأحداث والتوقعات"
من جانبه، يحاول الخبير العسكري الوليد صالح، وفي حديثه لموقع "العهد" الإخباري، رسم مسار للأحداث متكئًا على سياق زمني سابق لتسلسلها، وصولًا إلى اليوم واستشرافًا للمستقبل القريب في الميدان من خلال ما يلي:
1. مقدمة: تصاعدت الحشود العسكرية للمجموعات الإرهابية المسلّحة في شمال غرب سورية، منذ بداية شهر تشرين الأول لهذا العام، في إدلب المتمثلة بهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) وحلفائها في التنظيمات الإرهابية المنضوية معها في غرفة الفتح المبين. في المقابل عزّز الجيش العربي السوري مواقعه في ريف إدلب، فما هي خيارات حدوث معركة؟ وما هي الوضعية العسكرية على الأرض؟.
2. سياق الأحداث العسكرية خلال الأعوام السابقة: آخر معركة كانت في العام 2020؛ حين تمكّن الجيش العربي السوري من تحرير عدة مناطق في إدلب أهمها مدينة سراقب الاستراتيجية وفتح أوتوستراد دمشق - حلب (M5)، فيما بقيت "ستاتيكو" على طول الجبهة منذ العام 2020، تخللها عمليات إرهابية شنها تنظيم جبهة "النصرة" الإرهابية على مواقع الجيش العربي السوري عبر انغماسيه أو عبر استهداف المدنيين بالطائرات المسيرة التي حصل عليها التنظيم من تركيا، فيما قام الجيش العربي السوري باستهداف مواقع وتحركات جبهة "النصرة" الإرهابية ومنع تسللات عناصرها عبر خطوط التماس.
3. سبب الحشود العسكرية: خرجت تظاهرات كبيرة من أهالي محافظة إدلب، خلال العام 2024، ضد جبهة "النصرة" الإرهابية وزعيمها الجولاني، وبالرغم من محاولات الجولاني استمالة التظاهرات أو ترهيبها وقمعها لم ينجح في تخفيفها؛ بل تصاعدت حدة هذه التظاهرات، خصوصًا بعد انكشاف عمالته الواضحة للمخابرات الأميركية وتجميع قادة التنظيم الإرهابي للأموال من التجارة غير الشرعية أو عبر استغلال المعابر التي تمر منها أرزاق الناس أو عبر تجارة المخدرات، ولمحاولة تصدير أزمته قام الجولاني بالتوجيه لتنظيمه بزيادة العمليات الإرهابية ضد مواقع الجيش العربي السوري. كما تسربت أخبار عن وجود تنسيق عالي المستوى بين المخابرات الأوكرانية وتنظيم "النصرة" الإرهابي برعاية تركية أميركية لتدريب جبهة "النصرة" على أنواع جديدة من "الدرونات" لاستهداف مواقع القوات الروسية والسورية، فيما لم تنتج المفاوضات غير المباشرة بين سورية وتركية عن أي نتائج في ظل رفض القيادة التركية لإعطاء جدول لانسحاب قواتها المحتلة لإدلب وريف حلب. هذا وتمكّن الجيش العربي السوري من التصدي لمحاولات تسلل تنظيم "النصرة" وتكبيده خسائر في صفوف الانغماسيين والقيادات العسكرية في التنظيم. ومع بدء الغزو البري للعدو "الإسرائيلي" على جنوب لبنان وزيادة عدوانه على سورية، وجد الجولاني ومن خلفه حليفته تركيا الفرصة ذهبية لشن هجوم على أحد المحاور باتجاه الداخل السوري فكان أن تنبه الجيش العربي السوري لحشودات الإرهابيين عبر استطلاعه لتحركات الإرهابيين، فزاد من حشودات لعدة تشكيلات للجيش العربي السوري خصوصًا العائدة من تطهير جبل العمور من عصابات "داعش" مع زيادة الطلعات الجوية للقوات الجوية السورية والروسية ضد مواقع وحشود تنظيم جبهة "النصرة" على طول جبهة القتال.
4. الوضعية العسكرية: تحشد جبهة "النصرة" وحلفاؤها من التنظيمات الإرهابية، في غرفة الفتح المبين، عشرات الآلاف من الإرهابيين في إدلب وريف حلب وأبرز التنظيمات هي:
أ- جبهة "النصرة" الإرهابية المكونة من عدة تشكيلات عسكرية؛ أهمها القوات التركستانية المتمركزة في جسر ابشغور، فرقة معاوية، لواء عمرو بن العاص، فرقة الساحل، جيش العزة، ألوية العصائب الحمراء الانغماسية وتشكيل الامنيين، ويقدر عدد قوات تنظيم النصرة بين 20 الى 30 ألف إرهابي.
ب- حركة احرار الشام: وهو تنظيم سياسي عسكري يتبع قيادة الإخوان المسلمين وينتشر في ريف حلب.
ت- الجيش الوطني : وهو تنظيم شكلته تركيا بشكل مباشر من بقايا تنظيم الجيش الحر الإرهابي، وضمت إليه فرقة الحمزات وفرقة السلطان مراد وتضعه كرأس حربة لقمع الناس في ريف حلب.
في المقابل؛ الجيش العربي السوري يحافظ على تشكيلاته العسكرية على طول الجبهة، فعزز قواته بشكل كبير بدءًا من بداية شهر تشرين الأول؛ فيما يحتفظ بالأفضلية في سهل الغاب بسبب تمركزه على مرتفعات الجبل الأحمر غرب سهل الغاب وجبل شحشبوه شرق سهل الغاب، وبالتالي كل تحركات الإرهابيين ستكون مكشوفة في سهل الغاب في حال لو هاجمت المجموعات الارهابية عبر سهل الغاب.
أما أبرز المحاور المتوقعة لهجوم الإرهابيين هي:
• مدينة حلب.
• اتستراد دمشق - حلب ( M5) خصوصا مدينة سراقب.
• محور الساحل باتجاه مدينة اللاذقية.
• محور سهل الغاب.
ختم الخبير العسكري الوليد صالح حديثه لموقعنا بالحديث عن تطور الأحداث المتوقع، مشيرًا إلى أن اندلاع المعركة وارد في أي لحظة، مع الانتباه إلى أن تنظيم "النصرة" وحليفته تركيا يريان الفرصة سانحة لاستغلال انشغال الجيش العربي السوري بهجوم العدو "الإسرائيلي" على جنوب لبنان وحشوداته في الجولان المحتل، وكذلك مع محاولة أوكرانيا توجيه ضربات استنزاف للحليف الروسي عبر إرهابيي "النصرة"، فيما الوقت الذي حسم الجيش العربي السوري فيه موقفه بعدم السماح بترك إدلب أسيرة.