خاص العهد
ندوة في تونس لتأبين الشهيد القائد السيد حسن نصر الله وشهداء المقاومة
من تونس الخضراء، ومن مقر التيار الشعبي الذي خضبت أوراق تأسيسه بدماء شهيده ومؤسسه محمد براهمي شهيد تونس، شاركت نخبة من المثقفين والأكاديميين والسياسيين والدبلوماسيين في ندوة لتأبين درة التاج في شهداء محور المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله. وأكد خلالها المشاركون أن القائد الشهيد نصر الله هو رمز لا يتكرّر في تاريخ الأمة وأن خطاباته وصوته المقاوم ستظل نبراسًا يضيء طريق التحرير من أجل فلسطين.
مدرسة النصر
الأمين العام للتيار الشعبي زهير حمدي قال في كلمته: "سماحة الشهيد القائد سيد شهداء المقاومة على طريق القدس، لقد كنت بالنسبة إلينا ولكل أحرار أمتنا العربية الذين أعيتهم الخيبات والنكسات بمثابة قنديل زيت يضيء لنا الدروب، فقد كنت جبلًا من الكبرياء نفض عنا غبار الهزائم حين حققت تحرير أرض عربية عنوة وبالقوّة فوق برك من الدماء وتحت أفق مشتعل من نار سنة 2000، وأنت من سافر فينا إلى المستحيل في ملحمة 2006 وعلمنا من جديد النصر والكبرياء". وأضاف: "ارتقى فارس العروبة وبطل مقاومتها، ارتقى بعد عقود من المقاومة كان فيها بصوته وعنفوانه الملاذ لنا من ليل النظام الرسمي العربي الحالك، ارتقى بعد عقود من الصمود كان فيها نبراس الحالمين وإمام الثائرين".
واستذكر ما قاله سماحة الشهيد السيد حسن نصر الله "نحن لا ننهزم، عندما ننتصر ننتصر وعندما نرتقي ننتصر". وأضاف في كلمته: "الشهيد حسن نصر الله ارتقى في معركة تحرير فلسطين وكرم الله ورضوانه عليه وكرمه على أمتنا أن استشهد حسن نصر الله مع رفاقه القادة في محور المقاومة حيث اختلط دم الفلسطيني باللبناني بالسوري باليمني وبالعراقي وبالإيراني، فدمك سيدي ودم رفاقك في محور المقاومة لم يكرس وحدة الساحات فقط وإنما أعاد لأمتنا وحدتها بعد أن كادوا أن يسقطوها طوائف وقبائل تائهة في الصحراء. فدم حسن نصر الله مع قادة الحرس الثوري الإيراني ودم الشهيد إسماعيل هنية في طهران كان طوفانًا جرف كلّ الأدران التي علقت بشعوبنا وبوعيها لسنوات طويلة، إنه فضل الله ونصره ".
وأشار حمدي إلى أنها معركة الحق كله ضدّ الظلم كله، وتابع قائلًا: "إن حسن نصر الله ورفاقه الشهداء هم شهداء لكل المضطهدين ولكل الفقراء في العالم بل هم شهداء الإنسانية ضدّ البربرية والتوحش، هم شهداء الواجب الإنساني لا تجاه فلسطين والأمة العربية والإسلامية فقط بل هم شهداء الواجب تجاه البشرية التي تعيش مرحلة حرجة من تاريخها".
وأكد أن سماحة الشهيد حسن نصر الله ورفاقه الشهداء في محور المقاومة ارتقوا في مواجهة الحلف الأطلسي كأكبر مؤسسات الإجرام للطغمة الرأسمالية، فالعصابة الصهيونية أصغر من أن تواجه محور المقاومة وقادته الأبطال وحدها.
ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في تونس عابد الزريعي قال في كلمته: "إن انطلاق الموجة الأولى لطوفان الأقصى من أرض فلسطينية صغيرة ومحاصرة على مدى خمسة عشر عاما برًّا وبحرًا وجوًّا، لتمتد من صنعاء إلى بيروت إلى دمشق إلى بغداد إلى طهران، ويقاتل ويستشهد فيها المسلم السني والشيعي إلى جانب اليساري والقومي العربي، ويستشهد الفلسطيني في طهران والإيراني في دمشق ولبنان، وتشمل بتداعياتها كلّ عواصم العالم، تأكيد على أنها المعركة الأخلاقية الكبرى في التاريخ الإنساني المعاصر، حيث تشكّل فلسطين العنوان الذي تلتزم حوله كلّ القيم والمعاني التي تجعل من الإنسان إنسانًا بمنطوقه الأخلاقي بعيدًا عن التصنيف المذهبي والطائفي، لذلك لا حياد في هذه المعركة فإما أن تكون مقاتلًا في جبهة الحق أو الباطل، في جبهة الإنسان أو الشيطان". وأشار إلى أن رحيل الشهداء قد ترك فراغًا في الوجدان وفي المواقع والمهام التي انتدبوا إليها، وأن القلق خيم على الحضور، ولكن علينا أن ندرك أن عملية التدارك قد تمت في زمن قياسي وخلال المعركة وليس خارجها، فلم تتوقف حماس عن القتال للحظة عندما اغتيل هنية، ولم يتوقف حزب الله عندما اغتيل السيد، ولم تتوقف كتائب أبو علي مصطفى عندما اغتيلت قيادتها، ذلك يعني أن قوى محور المقاومة لم تعد قيادات مهما علا شأنهم تلتف حولهم مجموعة من الأفراد ينفرط عقدهم بمجرد رحيل القائد، وإنما باتت مؤسسات تنظيمية وسياسية وعسكرية قادرة على التدارك والاستمرار وهذا هو المهم والأهم".
تحديات المقاومة
أما عن أبرز التحديات القادمة فقال الزريعي: "إن التكريم الحقيقي للشهداء يتجسد عبر النضال من أجل تحقيق الأهداف التي ناضلوا من أجلها، وذلك من خلال الوعي بمتطلبات اللحظة والموقع الذي نناضل فيه". وأردف بالقول: "مهمتنا الآن وفي موقعنا هي التصدي لعملية التضليل السياسي والمعنوي التي يديرها الكيان وأدواته، بما يعنيه ذلك من برامج عمل واضحة وشعارات محدّدة وأفكار عميقة تبني وعيًا ولا تبدّد وتشتت الأذهان، لم يعد مقبولًا أن تكون هتافاتنا وشعاراتنا وكأنها نوع من الاملاء على المقاومة، في الوقت الذي يستدعي أن تكون أدوات تعبئة لجمهورنا وتبصيره بما يجب أن يقوم به دعمًا للمقاومة".