معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

ترامب وهاريس يتفقان على أمن اسرائيل" ويختلفان حول روسيا والصين
27/09/2024

ترامب وهاريس يتفقان على أمن اسرائيل" ويختلفان حول روسيا والصين

قبل اسبوعين جرت المناظرة الأولى بين المرشحين للرئاسة الأميركية "دونالد ترامب" و"كامالا هاريس". نظمت المناظرة على محطة  abc NEWS الأميركية، وناقشت السياسات الداخلية والخارجية التي سيعالجها المرشحان، على الصعيدين الداخلي والخارجي. في الداخل تطرق النقاش لإعادة بناء الاقتصاد الأميركي، ووقف التضخم، وتوقف اعتماد أميركا على مصادر الطاقة الخارجية. لكن الموضوع الأهم على المستوى العالمي يتعلق بالسياسات الخارجية القادمة، إذ تناولت المناظرة العلاقة مع الصين وروسيا و"إسرائيل" وأمنها، والحرب الدائرة في أوكرانيا وغزة، ثم إيران بوصفها تمثل الخطر الأكبر على الكيان لكونها راعية للمقاومات أو "لوكلائها" كما تصفهم الصحافة الأميركية. 

بدأ الحديث عن الصين في مستهل المناظرة بشكل عرضي. وفي إطار محاسبة "هاريس" لـ"ترامب" الذي أرسل تحياته للرئيس الصيني، "شي جين بينغ"، في وقت أخفى فيه الأخير المعلومات المتعلقة بانتشار وباء "كوفيد 19" في بلاده، اتهمته بسوء إدارة الملف المتعلق بالوباء، وأنه تسبب بالانكشاف الأمني العسكري الأميركي عبر بيع الرقائق الرقمية للصين. في حين اعتبر "ترامب" أن المشكلة الأساسية مع الصين هي في إلغاء التعرفات الجمركية على البضائع الصينية، وأوضح أن هذه التعريفات كانت أحد أهم مصادر الأموال التي دخلت الخزينة الأميركية في عهده، وليس عبر زيادة الضرائب على الطبقة المتوسطة. 

ورد ترامب على اتهامه ببيع الرقائق الرقمية، بأن الصين تشتريها من تايوان، وهي مركز مصانع الرقائق الرقمية الأميركية، متهماً حكومة "بايدن" والحكومات "الديمقراطية" المتعاقبة بالسماح لهذه الصناعة المهمة بالتمركز في خارج الأراضي الأميركية كما غيرها من المصانع التي انتقلت إلى الصين وبلاد العالم الثالث، متسببة بالبطالة ما بين العمال الأميركيين وانكشاف الأمن الأميركي. إذاً المشكلة بالنسبة لـ"ترامب" ترتبط مباشرة بنقل المعامل من أمريكا إلى الصين ما تسبب بالبطالة. وفرض التعريفات الجمركية على البضائع الأجنبية هو نوع من التعويض. 

وفيما سيستمر "الديمقراطيون" بتطبيق السياسات الاقتصادية الليبرالية الحديثة، والتي تدعم الشركات العابرة للقارات، والتي يراد من خلالها السيطرة على السياسات الاقتصادية لهذه الدول. يبدو أن "هاريس" إذا ما ربحت فإن الولايات المتحدة ستسير قدماً في سياسة الاستفزاز التي تدفع نحو انفصال تايوان عن الصين كجزء من هذه السياسة الليبرالية المتوحشة، مما قد يتسبب بحرب داخلية صينية وفق توقعات واشنطن. 

بالنسبة للعلاقة مع روسيا، أوضح "ترامب" أنه سيعمل على وقف الحرب في أوكرانيا، مشدداً على العلاقة الخاصة بينه وبين الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" من جهة، والعلاقة بينه وبين الرئيس الأوكراني "فلاديمير زيلنسكي" من جهة أخرى. كما شدد "ترامب" على أن هذه الحرب ما كان يجب أن تحدث، وقد أزهقت أرواح الملايين، وأن هناك تعتيماً إعلامياً كبيراً على عدد الضحايا فيها. ورأى "ترامب" أن "بايدن" ونائبه "هاريس" يمارسان الخداع، فبعد أن دعما العلاقة بين روسيا وأوروبا وسمحا بمد أنابيب السيل الشمالي ووصولها إلى عمق ألمانيا قام بايدن بتفجيرها. أراد "ترامب" عبر فضح سياسة "بايدن" هذه اعتماد الإستراتيجية القديمة حين فضح علاقة المرشحة "الديمقراطية"، "هيلاري كلينتون"، بتنظيم "القاعدة"، مما رفع عدد نقاطه كمرشح للانتخابات يومها، وعلى أي حال، ففي ذلك إقرار واضح بشناعة وفظاعة ما تقوم به واشنطن وتحاول إلباس ثوبه للآخرين كروسيا وسواها.

وفيما يبدو كأن "هاريس" ستستمر بالسياسة التي بدأها بايدن بدعم أوكرانيا مادياً وعسكرياً، فقد اتهمت "ترامب" بأنه صديق لـ"الدكتاتوريين" حول العالم. وقالت إنه رئيس ضعيف غير قادر على الحفاظ على المستوى العالمي للقيادة الأميركية، وأنه في حين قام "ترامب" بمحاولة تقويض سلطة أمريكا على "الناتو" عبر فرض دفع تكاليف الجيش الأميركي على أوروبا مقابل حمايتها، قامت الإدارة "الديمقراطية" بإعادة تنظيم "الناتو" واستعادة مكانتها كـ"قائد للعالم". كما ذكرت "هاريس" بأن معظم سكان "فيلادلفيا" حيث تجري المناظرة هم بولنديون، وأن بوتين عينه على أوروبا وسيبدأ غزوها من بولندا، بهدف الإيحاء أن بوتين هو "هتلر أوروبا الجديد". ففي حين تحدث ترامب عن تسوية يقودها كرئيس للولايات المتحدة وليس حول من سيربح المعركة في الحرب الروسية الأوكرانية، سأله مذيع قناة abc، "ديفيد يورن"، إذا ما كان يطمح لفوز أوكرانيا في الحرب أم لا! ما بدا كأنه سؤال تعجيزي، في وقت يطرح فيه "ترامب" خطة للتسوية!. 

لم يغب الخروج الأميركي المذل من أفغانستان عن المناظرة. واتهمت "هاريس" "ترامب" بصياغة اتفاق ضعيف مع "طالبان". فيما اتهم "ترامب" في المقابل أعضاء إدارة "بايدن" ومنهم "هاريس" بتبديد معدات أميركية بقيمة 85 بليون دولار أميركي. وبينما رأت "هاريس" أن الخروج أنهى آخر التحام للجيش الأميركي على أرض أجنبية ووفر مصاريف بقيمة 300 مليون دولار يومياً. مبالغ بدل أن تُصرف في سبيل تحسين النظام التعليمي والصحي والاجتماعي كانت تذهب لجيوب أصحاب شركات الأسلحة في الولايات المتحدة، ومنذ عامين ونصف يذهب جزء من هذه الأموال إلى جيوب أصحاب شركات الأسلحة الذين يمدون أوكرانيا بالسلاح. 

افتتح النقاش حول السياسات الخارجية الأميركية تجاه فلسطين، وحول الحرب "الإسرائيلية" على غزة عبر تذكير "هاريس" بتصريحها الذي جاء قبل تسعة أشهر، أن من حق "إسرائيل" الدفاع عن نفسها، ولكن عليها أن تتوقف عن قتل الأبرياء. وذكر المذيع "يورن" "هاريس" بأن عدد الضحايا في فلسطين قد فاق الأربعين ألفاً، وعدد "الرهائن" قد وصل حد المئة ومن بينهم أميركيون، وطلب شرح خطتها لإنهاء الحرب. لم تنس هاريس "المقدمة"، الشهيرة، بالتذكير بالبدايات: 1200 "إسرائيلي" قتلوا واغتصبت النساء بشكل وحشي. ثم أعادت تقديم اقتراح "حل الدولتين": واحدة "فلسطينية" حيث يكون فيها الفلسطينيون آمنين، كما الصهاينة في "إسرائيل"، وتصان فيها كراماتهم وحرياتهم بعد إعادة إعمار غزة، ويكون لهم حق تقرير المصير. وفق تعبيرها، دون أن تتحدث عن الضفة أو عن الأراضي المحتلة 1967، لتخلص الى التأكيد على أنها ستستمر في حال وصولها إلى البيت الابيض بتزويد "إسرائيل" بالوسائل للدفاع عن نفسها، ضد ما وصفته بـ"أي تهديد إيراني".

من جانبه، كرر "ترامب" مقولته بأنه لو كان رئيساً لما حدثت الحرب، لا في الكيان ولا في روسيا، واتهم "هاريس" بأنها لا تحب نتنياهو ولا "إسرائيل" وأنها رفضت لقاء نتنياهو عندما طلب موعداً معها. وأن رفع العقوبات عن إيران جعلها دولة تملك اليوم رصيداً بلغ 300 بليون دولار أميركي، واتهمها بأنها شخص لا يحب "الإسرائيليين" ولا يحب العرب. ومن حديثه بدا ترامب واضحًا بأنه سوف يتابع سياسة فرض اتفاقيات "أبراهام" على دول "الاعتدال" العربي كما يطلقون عليها، وإن استطاع على "غير المعتدلة"، وسيحارب على غرار "الديمقراطيين" حركات المقاومة في الدول العربية، وسيعيد تفعيل العقوبات وسياسة الحصار ضد إيران، ما يعني أن لا فرصة للتفاوض النووي في حال وصوله للرئاسة، ولربما سيذهب إلى أبعد من ذلك عبر فرض اتفاق "أبراهام" الأمني والعسكري. ففي نهاية الأمر ترامب أكد على أهمية خطاب نتنياهو في الكونغرس، والذي قال فيه أنْ أعطوني السلاح وأنا سأدافع عنكم، أي عن أمريكا، واضعاً نفسه بمنزلة "ونستون تشرشل" في بداية الحرب العالمية الثانية.

الولايات المتحدة الأميركيةالانتخابات

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة