نقاط على الحروف
بشهادة خبراء ونخب مصر.. "الطوفان" أعاد الحياة للوعي العربي
لا يحتاج موقف الشعب المصري الثابت تجاه القضية الفلسطينية لكثير قول، مصر أدركت منذ اللحظة الأولى لنشأة كيان العدو أنها لا تخوض معركة نيابة عن فلسطين، وإنما تخوض أصلًا معركتها هي، كان هذا الموقف المصري الرسمي طوال عقود وتجلى بوضوح أيام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر. موقف الشعب المصري المتضامن مع فلسطين وغزة هذا لم يتماه مع الموقف الرسمي، وترجم على أرض الواقع تظاهرات واحتجاجات منذ لحظة اشتعال أحداث طوفان الأقصى... فالقاهرة التي كانت يومًا حلمًا لنيلسون مانديلا، قلوب شعبها تساند غزة منذ أحد عشر شهرًا، وقد عبّر الكثيرون من نخبها بشكل واضح عن مواقفهم وإدانتهم لحرب الإبادة في غزة، ما يثبت أن بوصلة الشعب المصري لا تزال مضبوطة ولم تتغير.
أبو عيطة: مصر تغلي
وقوف الشعب المصري الى جانب إخوانه في غزة، يؤكده وزير القوى العاملة والهجرة المصري السابق كمال أبو عطية، فيشير إلى أن موقف الشعب المصري من القضية الفلسطينية ثابت، ولم يتغير عداؤه للصهيونية ورفضه الكامل للتطبيع مع العدو، وهو ما أثبتته المقاطعة التي أقبل عليها الناس بشكل تلقائي فور اندلاع "طوفان الأقصى"، بالإضافة إلى المظاهرات التي جرت سواء في الجامع الأزهر أو مسجد مصطفى محمود، رغم التضييق الأمني.
وفي حديث خاص لموقع "العهد" الإخباري، يضيف أبو عطية، أن هناك تصرفات فردية تعبر عن مكنون هذا الشعب وموقفه، أولها قيام أمين الشرطة بالإسكندرية بإطلاق النار على وفد سياحي صهيوني، بدافع من مشاعره الوطنية، والاشتباكات التي تجري في سيناء وتوقع قتلى ومصابين في صفوف جيش العدو، رغم تشكيك وترويج بعض الإعلام روايات أخرى كما قيل عن الشهيد البطل محمد صلاح.
ويوجه "أبو عيطة" رسالة للأمة العربية، يؤكد فيها أن مصر تغلي وأنها لا زالت على عهدها العربي، وتتفاعل مع الأحداث في فلسطين.
د. عمار علي حسن: الطوفان كشف وعي الأجيال الجديدة
كلام عطية، يؤكده الكاتب والباحث في علم الاجتماع السياسي الدكتور عمار علي حسن، فيقول إن من أهم آثار طوفان الأقصى هو كشف وعي الأجيال الجديدة بالقضية الفلسطينية، وهو على الأقل يمثل رفضه لفكرة "الطغيان" والاضطهاد الذي يصل لحد المجازر والإبادة الجماعية والتدمير الشامل، مضيفًا أننا أدركنا من الشباب في أول العمر والأطفال أن فكرة المقاطعة هي بذاتها فكرة المواجهة التي يمتلكونها لأسباب معروفة تتعلق بالتضييق من قبل السلطات العربية.
أضاف "عمار"، في تصريحات لموقع "العهد الإخباري"، أن هناك حقيقة قائمة وهي أن هذا الجيل لم يمت بعد، كما كان يتصور الكثيرون، وأن موقفه المبدئي هو مساندة فلسطين، ولم ينسلخ عن عروبته، وأنه لا يقبل بوجود الكيان ولا يقبل بفكرة التطبيع، وهذه من الأشياء التي أضافها "طوفان الأقصى" ليس إلى وعي الجيل العربي الجديد، ولكن حتى أصداؤها وصلت إلى أجيال الشباب في الغرب الذين يتظاهرون ضد الوحشية الصهيونية في الجامعات والميادين.
"الروبي": وعي الشارع بإزالة الكيان
أما بشأن محاربة التطبيع، فتؤكد الباحثة الإعلامية كريمة الروبي، أمين إعلام القاهرة بالحزب الناصري، وعضو المؤتمر القومي العربي، أن التطبيع لم يتسلل لوعي المواطن المصري، رغم 45 سنة مما يسمى "السلام" الرسمي، والدليل أن التعامل مع أي صهيوني يظل منبوذًا شعبيًا، وهناك دائمًا تمجيد لكل من يقاوم التطبيع ويقاتل الصهاينة، مثل تنظيم ثورة مصر، والشهيد سليمان خاطر، والشهيد محمد صلاح، وكلهم كانوا قبل حرب الإبادة الحالية.
وتضيف الروبي في تصريحات لموقع "العهد الإخباري"، "أما تأثر الناس بالحرب فهو واضح جدًا من أول يوم، الناس لديها وعي فطري بضرورة التخلص من الكيان الصهيوني، وهذا يظهر مع كل حدث في فلسطين، سواء الانتفاضة أو عملية طوفان الأقصى، التي فرح بها الشعب العربي كله"، كما تشير الروبي إلى أن "وعي الشارع بعروبته أكبر من وعي النخب، وهذا ما يجعلهم مؤمنين بضرورة الوقوف مع إخوتهم في غزة، وهذا موجود وملموس في تصرفاتهم .."، وتدلل على ذلك بأن الناس لم تخرج في مظاهرات بعد ارتفاع الأسعار، لكن خرجت غاضبة غضب شديد من أجل غزة".
"ماضي": احترام وتقدير للمقاومة
بدوره، يقول القيادي الناصري، هاني ماضي، في تصريحات خاصة لموقع "العهد الإخباري"، إن التفاعل الشعبي في مصر مع طوفان الأقصى حاضر وبشدة، مضيفًا أن طوفان الأقصى أظهر وكشف ما كان مخفيًا داخل مصر من الإحساس بأولوية القضية الفلسطينية والعداء للصهيونية والتقدير والاحترام البالغين للمقاومة العربية المسلحة، كطريق للتحرير. أضاف "ماضي" أن القوى الوطنية المصرية الآن، وبالأساس القوى الناصرية والاشتراكية، هي التي تحمل لواء الدفاع عن فلسطين.
حصيلة ما يؤكده خبراء ونخب مصر بشتى فئاتهم السياسية والاجتماعية والإعلامية أن بوصلة الشعب المصري دومًا فلسطين، فرغم كل هذا الألم، لا تزال الأسفار المقدسة للوعي المصري هي طلقات العبقري المغدور، الدكتور جمال حمدان، عابرة للسنوات والأجيال، "ما بيننا وبين الكيان هو إذًا صراع بقاء من أجل البقاء بالمعنى الخام، بمعنى أن نكون أو لا نكون حرفيًا، فهو ليس نزاع حدود بل صراع وجود، صراع بين الحق والحقد، لا بين حق وحق كما يزيف الخونة".
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
09/11/2024
أمستردام وتتويج سقوط "الهسبرة" الصهيونية
08/11/2024
عقدة "بيت العنكبوت" تطارد نتنياهو
07/11/2024