آراء وتحليلات
"عماد4"... النفق المرعب للصهاينة
نشر الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في لبنان مقطع فيديو يحمل اسم "عماد 4 " يتضمن استعراض إحدى القواعد والتي تمثل جزءاً من البنية العسكرية الصاروخية للحزب داخل أنفاق غير معلومة المكان والعمق.. هذا الفيديو الجديد الذي أتى بعد سلسلة فيديوهات "الهدهد"، حمل في طياته العديد من الرسائل والأبعاد التي لا بد من التوقف عندها:
جاء استعراض هذه الجزئية من المقدرات العسكرية ولاسيما الخاصة بالقدرة الصاروخية في التوقيت السياسي، بعد زيارتين متلاحقتين لكل من المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين، ووزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، إلى لبنان، وما حملته هذه الزيارات وخاصة بالنسبة لهوكشتاين الذي ألمح خلال لقائه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لاستعدادات الجيش "الإسرائيلي" لشن حرب مدمرة على لبنان في حال أقدم الحزب على رد عسكري انتقاماً لجريمة اغتيال الشهيد القائد "فؤاد شكر" التي اقترفها العدو في الثلاثين من تموز الماضي بالضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، وهو ما يتضمن رسالة مفادها أن الحزب ليس مردوعاً من قبل أي جهة - حتى لو كانت الولايات المتحدة الأمريكية التي حشدت قواتها في المتوسط والمنطقة جواً وبراً - لا عن القيام بتنفيذ وعده بالرد، ولا من حيث واجبه في الدفاع عن لبنان، ولا حتى في إطار استمراره بدعم القضية الفلسطينية عبر جبهة الإسناد لغزة من جنوب لبنان. ومن حيث التوقيت أيضاً لا يمكن عزل هذا المقطع بدقائقه الأربع والنصف، عمّا يحدث في العاصمة القطرية الدوحة من محادثات سياسية، كورقة ضغط لدفع أطرافها ولاسيما الأمريكي و"الإسرائيلي" للتنازل بعدما ظهر أنهم لا يبدون إرادة سياسية جادة لوقف العدوان على قطاع غزة.
أما من حيث المضمون والتكتيك والشكل فهناك العديد من النقاط التي لا بد من التوقف عندها، والتي دون أدنى شك ستغرق صانعي القرار في كيان العدو ومؤسساته الاستخباراتية والأمنية والعسكرية والسياسية، وحتى على صعيد المستوطنين، نحو المزيد من عمق القلق والخوف والارتباك والعجز الردعي، نتيجة ما تقدمه المقاومة من مفاجآت لهذا الكيان سواء من حيث الجهوزية والإمكانات والاستعداد والإمكانات، وعليه يمكن قراءة ذلك على النحو الآتي:
أولاً - من حيث التسمية التي حملها المقطع "عماد ٤" فإن ذلك يحمل مؤشرين:
أ - تخليد ما تم إنجازه من قبل الشهيد القائد الكبير عماد مغنية (الحاج رضوان)، بما في ذلك دوره في تجهيز المقاومة خلال العقود السابقة لاستشهاده.
ب- المؤشر الثاني، أن هذه القاعدة هي الرابعة، وليست الوحيدة، وهناك العديد من القواعد العسكرية والصاروخية وغيرها مجهولة التعداد، والتي هي اليوم في إطار المفاجآت الردعية.
ثانياً - استعراض مقطع فيديو "عماد 4" لا يؤكد فقط على حتمية الرد الذي أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أنه "آتٍ حتماً"، بل يظهر أيضاً قيام الحزب بالاستعداد سواء لشن الكيان عدواناً استباقياً على لبنان، أو القيام برد مضاد على رد المقاومة.
ثالثاً - ما تضمنه الفيديو من عمق جغرافي غير معلوم المسافة تحت الأرض، وكذلك من الشاحنات التي تقل الصواريخ، والمنصات المثبتة والمتحركة للإطلاق، تؤكد على ما تمتلكه المقاومة من صواريخ بعيدة المدى ودقيقة، قادرة على الوصول إلى أبعد نقطة داخل فلسطين المحتلة، وهي في ذات الوقت جزء يسير من إمكانات الحزب التي يمتلكها من مقدرات صاروخية، قادرة على إصابة بنك الأهداف التي يمتلكها الحزب، وهنا لا بد من الربط بين ما تضمنه هذا المقطع من مقدرات عسكرية صاروخية، وبين ما تضمنته المقاطع الثلاثة السابقة التي نشرها الإعلام الحربي للحزب والتي تضمنت أهدافاً حيوية عسكرية واقتصادية وسكنية في هدهد ١ و٢ و٣، هذا الربط بدا واضحًا من خلال المواقف المنتقاة بدقة من خطابات الأمين العام لحزب الله التي وردت في الفيديو (المقاومة اليوم بما تمتلك.. أقوى من أي زمان مضى منذ انطلاقتها - هاي الاهداف عنا ياها وإحداثيتها موجودة عنا والصواريخ منصوبة وفي سرية تامة - باتت المقاومة تملك من الصواريخ الدقيقة ما إذا فرضت على لبنان حربًا ستواجه إسرائيل مصيراً وواقعًا لم تتوقعه في يوم من الأيام - المعركة معنا .. من كريات شمونة إلى إيلات.)
رابعاً - إدارة الحرب النفسية مع الكيان سواء مع مؤسساته الرسمية بمختلف مجالاتها الأمنية والعسكرية والسياسة و الاستخباراتية، أو حتى على المستوى الاستيطاني، ويمكن الاستدلال على إدارة هذه الحرب النفسية من خلال الصور الآتية:
_ رمزية تسمية المقطع باسم الشهيد "عماد" والمقصود هنا الشهيد القائد عماد مغنية الذي يعد لدى الداخل "الإسرائيلي" حتى بعد استشهاده مرعبًا لهذا الكيان، لا سيما أن مساهماته الكبيرة في تطوير البنية التحتية للمقاومة لليوم الموعود بقلب الطاولة على العدو لا تزال حيّة.
_ إظهار مدى العجز الاستخباراتي لمؤسسات الكيان الأمنية والعسكرية، في تقدير ما يمتلكه الحزب من قدرات صاروخية وجوية وبرية من ناحية، وطبيعة وشكل وطول الأنفاق التي ستقلق الداخل "الإسرائيلي"، ولا سيما أن أنفاق غزة المحاصرة كانت بمثابة رعب لهم، فكيف حال هذه الأنفاق الطويلة والعميقة والواسعة في طولها وعرضها؟.
_ تضمن مقطع فيديو "عماد 4" ترجمة باللغتين الإنكليزية والعبرية لمخاطبة المستوطنين الصهاينة والرأي العام العالمي، للضغط على حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، وردعها عن القيام بأي مغامرة أو حماقة قد تهدد استقرار الأمن الإقليمي.
في المحصلة فإن رسائل فيديو "عماد 4" تأتي بعد سلسلة "الهدهد" لتكشف عن جُزيئيات صغيرة من حجم القدرات التي راكمتها المقاومة والمفاجآت التي حضرتها لمواجهة أي عدوان واسع للعدو على لبنان، وجعله يحسب ألف حساب قبل القيام بحماقة كهذه، ينقلب فيها السحر على الساحر..
المقاومة الإسلاميةحزب اللهالإعلام الحربيعماد مغنية
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024