معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

فشل مناورات اللحظة الأخيرة لاحتواء رد المقاومة
12/08/2024

فشل مناورات اللحظة الأخيرة لاحتواء رد المقاومة

لا شك أن الوضع الإستراتيجي على الجبهات يحمل جميع الاحتمالات المفتوحة، ولا يستطيع أحد أن يتوقع توقعًا حاسمًا مآلات التصعيد الراهن ومحطات وصوله.


وإن كانت الأطراف لا يبدو عليها تفضيل خيار الحرب الشاملة، ويعمل كل طرف منها على كسر إرادة الطرف الآخر باعتباره معيارًا للنصر، إلا أنه، وفي هذا السجال الإستراتيجي لا يمكن استبعاد انزلاق الأمور إلى هذا الخيار وانتقال سياسة حافة الهاوية إلى هاوية فعلية.


كما لا يشك عاقل في أن أميركا والكيان الصهيوني، لو توفرت لديهما حسابات، مفادها أن الحرب الشاملة ستقود للنصر على جبهات المقاومة، لما ترددت لحظة لإعلان الحرب الشاملة على إيران ولبنان واليمن وجميع الجبهات.


وبالتالي فإن ما يبدو تناقضًا بين خوف العدو "الإسرائيلي" وراعيه الأمريكي من خيار الحرب الشاملة، وبين التصعيد الخطير الذي أقدم عليه العدو باستهداف الضاحية واغتيال قيادة بحجم الشهيد فؤاد شكر، وما تبعه بساعات من اغتيال للشهيد إسماعيل هنية في قلب طهران، هو تناقض لا يوجد تفسير منطقي له، إلا محاولة كسر الإرادة واستعادة اليد العليا بناء على تقديرات أن النفاق الدولي وغياب القانون وآلة القتل والجريمة الصهيونية، وتواطؤ الأنظمة العربية وصمت الشعوب، ستشكل جميعها ضغوطاً على جبهات المقاومة لعدم الخروج برد متناسب، مما يعطي صورة للنصر واستعادة للردع، وهي حسابات وتقديرات تنطوي على أخطاء كبرى ومجازفات أمريكية وصهيونية خطيرة.


وهنا يمكن رصد بعض من المحاولات الخبيثة للخروج بهذه الصورة المخادعة ومحاولة تغيير موازين الردع وإمالة كفتها عنوة لصالح عدو فاشل لا يستطيع تحرير أسراه:


أولاً- البيان الثلاثي الصادر بتاريخ 8 آب/أغسطس، باسم اميركا ومصر وقطر، وهو بيان أقل ما يقال فيه، إنه ينطوي على كثير من المغالطات، ويهدف للعديد من الأهداف الخبيثة.


فقد ورد في متنه فقرة مفادها: (لقد عملنا نحن الثلاث وفِرقنا بلا كلل على مدار أشهر عديدة لصياغة اتفاق إطاري أصبح الآن على الطاولة ولم يتبق سوى تفاصيل التنفيذ. ويستند هذا الاتفاق إلى المبادئ التي حددها الرئيس بايدن في 31 أيار/مايو 2024، والتي أقرها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735، لم يعد هناك متسع من الوقت نضيعه ولا أعذار من أي طرف لمزيد من التأخير. لقد حان الوقت لإطلاق سراح الرهائن وبدء وقف إطلاق النار وتنفيذ هذا الاتفاق، وبصفتنا وسطاء، فنحن مستعدون، إذا لزم الأمر، لتقديم مقترح نهائي يُجسّر هوة الخلاف لحلّ ما تبقى من قضايا التنفيذ بطريقة تلبي توقعات كلا الطرفين). 


وهنا يمكن القول، إن أميركا تحاول ترسيخ صورة توحي بأنها وسيط وليست شريكًا، بل قائدًا للعدوان وحرب الإبادة، كما أن استخدام اللغة الثلاثية هو إعلان اصطفاف صريح يستخدم نفس المنطق الأمريكي والصهيوني الذي يعتبر أن أسرى الحرب هم مجموعة من الرهائن والمختطفين، وهو ترسيخ للصورة الإرهابية للمقاومة، كما يخاطب البيان الطرفين بنفس اللغة وكأن كلَيهما مسؤول عن تعطيل وقف إطلاق النار وليس العدو الذي رفض سابقًا ما وافقت عليه المقاومة، والذي يستبق كل تفاوض بجرائم وشروط تعجيزية مستجدة لإفشال المفاوضات بشكل مكشوف.


والأهم، أن البيان تجاهل جريمة اغتيال القائد السياسي للحركة التي تشكل طرفًا في التفاوض، كما أنه جاء في وقت يشهد ترقبًا لرد حتمي من جبهات المقاومة على جرائم العدو وكأن المقصود هو تحميل مسؤولية فشل المفاوضات لمن يقومون بواجب الرد وليس لمن قام بجريمة العدوان المستلزم للرد، وما يؤكد ذلك هو اقتراح موعد سريع لاستئناف التفاوض لقطع الطريق على الرد وتأخيره لحين استكمال إجراءات دفاعية لإجهاضه وإفساد رسائله الرادعة للعدو.


ثانيًا - حرص الكيان الصهيوني على عدم تبني اغتيال الشهيد إسماعيل هنية رسميًا، وتبني أميركا لموقف الكيان، هو نوع من أنواع التلاعب السياسي والاستخفاف وهو يهدف لإبقاء الباب مفتوحًا لمزيد من مناورات التفاوض وكسب الوقت لحين تغيير الأوضاع على الأرض في غزة والحصول على أي صورة للنصر.


ويؤكد ما سبق، أن الأظمة المشاركة في البيان الثلاثي مع أميركا، لم توجه الاتهام للكيان الصهيوني باغتيال هنية، حيث جاءت بياناتها الرسمية عقب جريمة الاغتيال فضفاضة، باستنكار الجريمة في ذاتها، ومعها اعتداءات الكيان على المدنيين دون اتهام "إسرائيل" رسميًا بارتكاب هذه الجريمة.


ثالثًا- حجم الضغوط السياسية ومحاولات الترهيب لإيران وجبهات المقاومة لثنيها عن القيام برد متناسب ورادع، يؤكد أن الهدف هو التأثير على موازين الردع وتصدير صورة القوة للعدو وميل كفة الميزان لصالحه.


رابعًا- مجزرة التابعين والمجازر اليومية في غزة، وتعميق العدوان على لبنان بمزيد من الاغتيالات، هو انعكاس لرعب الكيان من الرد ومحاولة للقفز إلى الأمام، والملاحظ أنها تشكل عدوانًا جبانًا على النساء والاطفال والمدنيين، فيما هي ضربات محسوبة في لبنان ولا تشكل ضربات استباقية.


نحن إذاً، بصدد خطط لاستعادة الردع الأمريكي والصهيوني عبر إنجازين غادرين، ومحاولة احتواء الردود بحيث لا تكون متناسبة، باستخدام وسائل الترهيب والضغط السياسي والدعايات الإعلامية الكاذبة كافة، للتقليل من قوة جبهات المقاومة وانتقاص مصداقيتها.


ولكن هذه الخطط هي خطط مؤقتة بانتظار الرد الحتمي والرادع، وإيران وجبهات المقاومة تفطن لها، فهي أكدت أن مسار الرد الحتمي المشروع منفصل عن مسار المفاوضات الذي ستقبل به بما تقبله حماس، وبما أن الحركة أعلنت بالأمس في بيان موقفها من جولة المفاوضات المقررة الخميس المقبل، (طالبت الوسطاء بتقديم خطة لتنفيذ ما قاموا بعرضه على الحركة ووافقت عليه بتاريخ 2/7/2024م، بدلاً من الذهاب إلى مزيد من جولات المفاوضات أو مقترحات جديدة توفر الغطاء لعدوان الاحتلال) فهي بذلك تكون قد أفشلت بنفسها مناورة اللحظات الأخيرة لاحتواء رد جبهة المقاومة، والتي ثبتت مجددًا عدم مصداقية العدو والوسطاء، مستدلة على ذلك بجرائمه المتواصلة في غزة.


أما الأنظمة المتواطئة فلا خيار أمامها إلا إعلان الاصطفاف الصريح مع أميركا والعدو وانتظار كلفة ذلك وتداعياته مع انزلاقات الجبهات، أو الاعتدال والوقوف في الموقف الصحيح وهو الصدق في نصرة القضية الفلسطينية.. فيما ليس أمام أميركا والكيان المؤقت والغرب المنافق، إلا انتظار الرد واعتدال ميزان الردع وتثبيت المعادلات والاختيار بين الحرب الشاملة أو التسوية ووقف إطلاق النار.


أما جبهات المقاومة فقد حسمت خياراتها، وهي إلزام نفسها بالرد الرادع والعاقل، وانتظار سلوك العدو، وموقفها الثابت أنها جبهات إسناد مع جهوزيتها الكاملة بحال دفع العدو باتجاه الانزلاق نحو المواجهة الشاملة والوصول إلى هذه المحطة الفاصلة.
 

حزب اللهالولايات المتحدة الأميركيةايرانجبهة المقاومة

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة
هل فشل العدو "الإسرائيلي" في عدوانه على لبنان؟ قراءة عسكرية ميدانية
هل فشل العدو "الإسرائيلي" في عدوانه على لبنان؟ قراءة عسكرية ميدانية
عمليات المقاومة الإسلامية ليوم السبت 09/11/2024
عمليات المقاومة الإسلامية ليوم السبت 09/11/2024
عمليات المقاومة الإسلامية ليوم الجمعة 08/11/2024
عمليات المقاومة الإسلامية ليوم الجمعة 08/11/2024
بشور لـ"العهد": المقاومة تدافع عن عزتنا.. وشعبنا لن يتخلى عنها
بشور لـ"العهد": المقاومة تدافع عن عزتنا.. وشعبنا لن يتخلى عنها
سيد شهداء جبهة المقاومة.. ملامح من شخصيته المتعددة الأبعاد
سيد شهداء جبهة المقاومة.. ملامح من شخصيته المتعددة الأبعاد
تحليل صهيوني: ترامب ليس في جيبة نتنياهو
تحليل صهيوني: ترامب ليس في جيبة نتنياهو
نتنياهو أكّد لإدارة بايدن عدم اعتزامه تنفيذ إقالات جديدة
نتنياهو أكّد لإدارة بايدن عدم اعتزامه تنفيذ إقالات جديدة
ترامب يبدأ تعييناته
ترامب يبدأ تعييناته
"يديعوت أحرونوت": هل يتكرّر سيناريو انتقام أوباما من "اسرائيل" في نهاية ولاية بايدن؟
"يديعوت أحرونوت": هل يتكرّر سيناريو انتقام أوباما من "اسرائيل" في نهاية ولاية بايدن؟
فوز ترامب وتداعياته محور اهتمام الصحف الإيرانية
فوز ترامب وتداعياته محور اهتمام الصحف الإيرانية
إيران وسورية في وجدان الشهيد القائد نصر الله
إيران وسورية في وجدان الشهيد القائد نصر الله
اهتمامات الصحف الإيرانية ليوم السبت 2-11-2024
اهتمامات الصحف الإيرانية ليوم السبت 2-11-2024
الدفاع الجوي الإيراني وأكتوبر الأسود على الصهاينة من مواضيع الصحف الإيرانية لهذا اليوم
الدفاع الجوي الإيراني وأكتوبر الأسود على الصهاينة من مواضيع الصحف الإيرانية لهذا اليوم
بمشاركة حاشدة.. تشييع جثامين شهداء التصدي للعدوان الصهيوني في إيران
بمشاركة حاشدة.. تشييع جثامين شهداء التصدي للعدوان الصهيوني في إيران
بزشكيان: سنرد بشكل مناسب على العدوان الصهيوني
بزشكيان: سنرد بشكل مناسب على العدوان الصهيوني
هل يرضخ العدو لوقف إطلاق النار بسبب فشل دفاعاته الجوية؟
هل يرضخ العدو لوقف إطلاق النار بسبب فشل دفاعاته الجوية؟
منظومة "ثاد" الأميركية.. إقرار بنجاح المقاومة في معركة السماء
منظومة "ثاد" الأميركية.. إقرار بنجاح المقاومة في معركة السماء
المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف هدفين للعدو في أم الرشراش "ايلات" المحتلة 
المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف هدفين للعدو في أم الرشراش "ايلات" المحتلة 
بيرم: الميدان غيّر المعادلة بعد أن كان الأميركي لا يتجاوب
بيرم: الميدان غيّر المعادلة بعد أن كان الأميركي لا يتجاوب
حمدان: محور المقاومة متماسك ومؤثر ولن تتوقف ضرباته حتى في عمق الكيان
حمدان: محور المقاومة متماسك ومؤثر ولن تتوقف ضرباته حتى في عمق الكيان

خبر عاجل