موقع طوفان الأقصى الجبهة اللبنانية

آراء وتحليلات

جذور علاقة الانفصاليين الأكراد بالكيان الصهيوني
07/08/2024

جذور علاقة الانفصاليين الأكراد بالكيان الصهيوني

من يقرأ ويستمع لتصريحات الصهاينة المتصاعدة يوماً بعد يوماً وخاصة منذ العام 2017، ومن ثم يعاود قراءة نتائج مؤتمر كردستان العراق تحت عنوان "السيادة والسلام" في أيلول/ سبتمبر العام 2021، والذي شارك فيه وفد من "الموساد" ودعا للتطبيع مع الكيان الصهيوني، تتعزز لديه القناعة، بشأن موقع الأكراد لجهة اصطفافهم إلى جانب العدو، وإحياء حلمهم القديم بالدولة الكردية والذي يدغدغ شعورهم منذ أيام الاستعمار البريطاني لغرب آسيا وتحديداً إيران والعراق. والذي وقف بوجهه آنذاك البريطانيون والأتراك.  


العلاقة التاريخية ما بين الأكراد والصهاينة في فلسطين المحتلة ابتدأت منذ ثلاثينات القرن الماضي، منذ العام 1931، حين زار ممثل الوكالة اليهودية، "روفين شيلوا"، على أنه صحفي شمال العراق عدة مرات. ونسج خلال تلك الفترة علاقات صداقة مع قيادات الأكراد. 


بعد العام 1948، وإعلان الكيان الصهيوني ازدادت العلاقات عمقاً، وأرسل الاحتلال مدربين عسكريين صهاينة لتدريب المقاتلين الأكراد التابعين للحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مصطفى البرزاني الذي زار "تل أبيب" بعد حرب حزيران 1967 وقدم لوزير الحرب الصهيوني، موشي ديان، هدية عبارة عن خنجر كردي تقليدي.  


وخلال حرب تشرين التحريرية عام 1973، أرسل الجيش العراقي قوة لمساندة مصر وسورية على جبهة الجولان، حينها طلب الصهاينة من مصطفى البرزاني إعادة فتح جبهة شمال العراق لتخفيف الضغط عنهم، إلا أن هنري كيسنجر نصحهم بعدم القيام بذلك. كما أكد الكاتب الأميركي، إدموند جاريب، في كتابه، (القضية الكردية في العراق)، على أن جهاز المخابرات الإيراني أيام الشاه والذي عرف باسم "السافاك" و"الموساد" الصهيوني قاما بالتعاون معاً من أجل إنشاء جهاز مخابرات كردي لجمع المعلومات عن الجيش العراقي والاستفادة منها معاً.. إلى أن أتى اعتراف رئيس الكيان الصهيوني مناحيم بيغن في 29 أيلول/ سبتمبر 1981 بأن الصهاينة قدموا مساعدات مهمة للأكراد. كأبرز شاهد على العلاقة الحميمية المتنامية ما بين الصهاينة والانفصاليين الأكراد. 


خلال فترة التسعينات في أثناء الحصار الأميركي الغربي الكبير على العراق، والذي سادت فيه سياسة النفط مقابل الغذاء، التقيت  في ريف محافظة الحسكة السورية بعدد من الأكراد الذين هربوا من العراق ومن تركيا، وهؤلاء لم يتحدثوا باللغة العربية ومنهم بالتاكيد إيزيديو العراق. وكانوا على علاقة ممتازة مع أوروبا، وأنشؤوا جمعيات فيها ونظموا "لوبيات" لدعم إقامة دولة كردية في العراق. ومن الواضح أن هذه المطالب لقيت، كما العادة آذاناً صاغية لدى الصهاينة والذين رأوا في الدولة الكردية خارج كيانهم وعلى حدود العراق وإيران حاجة إستراتيجية، وخاصة بعد انطلاق الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979، وتأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإغلاقها السفارة "الإسرائيلية" التي كان يرتع أفرادها في طهران ما قبل الثورة.. 


قبل سنوات تكشف عمق المؤامرة ما بين الأكراد والصهاينة، واتضح وجود مقرات تجسسية لـ"الموساد" "الإسرائيلي" في كردستان العراق. قصف الحرس الثوري الإيراني أحدها بالصواريخ الباليسيتة ودمره في 15 كانون الثاني/ يناير من هذا العام، وهو مقر للجواسيس والتجمعات الإرهابية المناهضة لإيران في أربيل، كما أنه عبارة عن تجمع للقادة والعناصر الرئيسية المرتبطة بالجرائم الإرهابية في مدينتي كرمان وراسك وفي سورية.


عاد الإعلان عن دعم صهيوني لدولة كردية خلال حديث لرئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، في حزيران/ يونيو 2014، أكد فيه أن من حق الأكراد إقامة دولة كردية مستقلة وقال فيه عن الشعب الكردي، "إنه شعب مقاتل ومعتدل على المستوى السياسي". والاعتدال بحسب نتنياهو هو القبول والاعتراف بشرعية كيانه الغاصب في المنطقة على أرض فلسطين المحتلة.. ثم تجدد الدعم في بيان نشره موقع رئاسة الكيان في أيلول/ سبتمبر 2017، أعرب فيه عن دعم "إسرائيل" الجهود المشروعة للشعب الكردي من أجل إقامة دولته"، وذلك في تعليق على استفتاء تقرير المصير في كردستان العراق. 


لم يقف الأمر عند هذا المنحى، فنجل نتنياهو، يائير نتنياهو، غرد عشية بدء ما يسمى بعملية "نبع السلام" التركية، في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، ضد الوحدات الكردية في شمال شرق سورية، فأعرب عن دعمه للمقاتلين الأكراد. إذن فالدعم الصهيوني للدولة الكردية ليس في كردستان العراق فقط بل هو في شمال شرق سورية، والتي هي مناطق لا علاقة لها تاريخياً بما يسمى كردستان، والتي جاء معظم سكانها إلى سورية هرباً من المجازر التي ارتكبها "أتاتورك" ضد الأكراد والأرمن ما بين الأعوام 1929-1933، وقبل ذلك لم يتجاوز عدد العائلات الكردية المئات واعتبروا تاريخياً من العرب الأكراد. وكما هرب الأرمن من المجازر التركية إلى شمال سورية ومن ثم توزعوا في بلاد عربية متعددة، كذلك فعل الأكراد، لأن "أتاتورك" نكل بشدة بهم بعد دعوتهم لإقامة دولتهم في الجزء التركي من كردستان التاريخية.


العلاقة ما بين الأكراد والصهاينة خلال السنوات الماضية يمكنها أن تحتل مجلداً كاملاً قبل الانتهاء منه، والعلاقة المعادية للدول المحيطة بهم والمتعاملة مع الصهاينة والأميركيين باتت مصدر تهديد كبير. كما لا يمكن التغاضي عن دور الإدارة الذاتية الكردية "مسد" في الشمال السوري في سرقة النفط السوري والمنتجات الزراعية في شرق الجزيرة السورية، لا يمكن التقليل من شأن ما يفعله "مجلس سورية الديمقراطية" (مسد) مؤخراً بدعم من قوته العسكرية "قسد"، "قوات سورية الديمقراطية"، من احتلال بيوت العرب السوريين في مدينة الرقة، وقد أصدر "الاتحاد الدولي للصحفيين السوريين" خلال الأعوام 2021 و2022 تقريرين متتابعين، بعنوان "تقرير الحريات"، احتوى كل منهما معلومات مفصلة حول الانتهاكات التي ترتكبها هذه العصابات، والتي تجاوز تعداد أفرادها الستين ألف مقاتل، والذين تدفق معظمهم من جبال قنديل الواقعة في شمال العراق، وهم اليوم عصب الدولة التي يحميها الأميركيون ويقاتلون بها العرب السوريين، وكما يسمونهم أبناء القبائل العربية، في محاولة لنزع صفتهم كمواطنين سوريين عاشوا وتنقلوا في بلاد ما بين النهرين، والتي تعرف باسم "البادية السورية"، الممتد تاريخها إلى مملكتي تدمر والأنباط العربيتين منذ أكثر من 300 عام ما قبل الميلاد.

سورياالعراقالأكرادكردستان

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة
عيون السوريين على المقاومة وسيّدها: الحرب سجال وثقتنا بكم لا تنقطع
عيون السوريين على المقاومة وسيّدها: الحرب سجال وثقتنا بكم لا تنقطع
للمرة الأولى.. سلاح نوعي وفعّال بمواجهة العدوان على مصياف
للمرة الأولى.. سلاح نوعي وفعّال بمواجهة العدوان على مصياف
250 عسكريًا أوكرانيًا في إدلب يدرّبون الإرهابيين على تصنيع المسيّرات
250 عسكريًا أوكرانيًا في إدلب يدرّبون الإرهابيين على تصنيع المسيّرات
سورية ودعم القضية الفلسطينية قبل وبعد طوفان الأقصى: ليس كل ما يعرف يقال
سورية ودعم القضية الفلسطينية قبل وبعد طوفان الأقصى: ليس كل ما يعرف يقال
هل حان وقت خروج القوات الأميركية من سورية والعراق؟
هل حان وقت خروج القوات الأميركية من سورية والعراق؟
المقاومة الاسلامية في العراق تضرب هدفًا للعدو الصهيوني في مدينة حيفا المحتلة بالطيران المُسيّر 
المقاومة الاسلامية في العراق تضرب هدفًا للعدو الصهيوني في مدينة حيفا المحتلة بالطيران المُسيّر 
الشيخ حمودي يبرق للسيد نصر الله معزيًا 
الشيخ حمودي يبرق للسيد نصر الله معزيًا 
إثر الاعتداء "الإسرائيلي".. فرق التطوع وشحنات المساعدات تصل إلى لبنان 
إثر الاعتداء "الإسرائيلي".. فرق التطوع وشحنات المساعدات تصل إلى لبنان 
العراق يتضامن مع لبنان ويدين جرائم الكيان الصهيوني
العراق يتضامن مع لبنان ويدين جرائم الكيان الصهيوني
السوداني: لم تعد هناك حاجة لوجود التحالف الدولي في العراق
السوداني: لم تعد هناك حاجة لوجود التحالف الدولي في العراق
ملامح الانفراج ومسارات الحوار بين أربيل وبغداد
ملامح الانفراج ومسارات الحوار بين أربيل وبغداد
الاتفاق الامني بين بغداد وطهران يبلور حقائق جديدة على الارض
الاتفاق الامني بين بغداد وطهران يبلور حقائق جديدة على الارض
بعد محاولة اغتيال مظلوم عبدي في السليمانية: "قسد" مجدداً على محك الخيارات الصعبة 
بعد محاولة اغتيال مظلوم عبدي في السليمانية: "قسد" مجدداً على محك الخيارات الصعبة 
تحليلٌ أمريكي: على واشنطن الانضمام الى مساعي التقارب مع دمشق وإلّا..
تحليلٌ أمريكي: على واشنطن الانضمام الى مساعي التقارب مع دمشق وإلّا..
تصاعد الاشتباكات في باريس مع الجالية الكردية
تصاعد الاشتباكات في باريس مع الجالية الكردية
بزشكيان يزور إقليم كردستان: حريصون على توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري
بزشكيان يزور إقليم كردستان: حريصون على توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري
العراق: الديمقراطي الكردستاني يهدد  بالانسحاب من الحكومة والبرلمان.. فهل من أفق؟
العراق: الديمقراطي الكردستاني يهدد بالانسحاب من الحكومة والبرلمان.. فهل من أفق؟
الصحف الإيرانية: تعزيز العلاقات بين أربيل وتل أبيب دعمت الإرهاب في المنطقة
الصحف الإيرانية: تعزيز العلاقات بين أربيل وتل أبيب دعمت الإرهاب في المنطقة
عبد اللهيان: طهران استهدفت الإرهابيين فقط في باكستان
عبد اللهيان: طهران استهدفت الإرهابيين فقط في باكستان
أزمة اقليم كردستان المالية.. بين الحسابات السياسية والاعتبارات الانسانية
أزمة اقليم كردستان المالية.. بين الحسابات السياسية والاعتبارات الانسانية