خاص العهد
التمرد والانقسام مقدماتٌ للحرب الأهلية في الكيان الصهيوني
أشعل قرار اعتقال الشرطة العسكرية تسعة جنود من قوات الاحتياط من معتقل سدي تيمان، بسبب ارتكابهم انتهاكات وحشية بحق المعتقلين الفلسطينيين المعتقلين في "قاعدة بيت" ليد العسكرية، موجة احتجاجات وغضب واسعة من اليمين "الإسرائيلي" الذي تظاهر مؤيدوه في محيط المعسكر رفضًا للتحقيق مع الجنود، ليحاولوا في ما بعد اقتحامها. تطورت بعد ذلك الأحداث في محيط القاعدة، واقتحمها اليمينيون المتطرفون الذين تشجعوا على القيام بذلك بفعل حضور وزراء وأعضاء من الكنيست ووسائل إعلامية، فسارع جيش الاحتلال لاستدعاء كتيبتين من لواء الناحال لتأمين القاعدة وإعادة الاستقرار إلى محيطها.
دلالات أحداث قاعدة "بيت ليد"
في هذا السياق؛ قال المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور عباس إسماعيل، في حديثٍ لموقع العهد الإخباري، إنّ هذا الحدث هو: "حدثُ استثنائي؛ وله دلالات بالغة الخطورة، تتجاوز عملية احتجاج بعض الجنود والمستوطنين على إجراءٍ اتخذته الشرطة العسكرية"، مشيرًا إلى أنّ:" هذا الموضوع تتعامل معه "إسرائيل" بشكل خاص كونه نوعًا من التمرد على قرارات الجيش".
أردف إسماعيل: "الأخطر من ذلك؛ أنّ هذا التمرد يشترك فيه جنود ومستوطنون، وتزداد خطورته مع حدوث خلل بفعل مشاركة جهات سياسية وأعضاء في الكنيست ومؤسسات إعلامية فيه"، مؤكّدًا أنّ: "هذه الحادثة ظّهرت الانقسام الموجود في الكيان علنًا وبشكل أكثر وضوحًا من ذي قبل". وأشار إسماعيل أنّه صحيح وجود هذا الانقسام لكن لا أحد من الطرفين المنقسمين يقف ضد الجيش، بل على العكس من ذلك كل منهما يرى أنه يدافع عنه. لكن ما حصل على أرض الواقع يُظهر بأنّ الجيش، والذي يعدّ عامود الخيمة في كيان الاحتلال وهو أهم مؤسسة فيه، يلقى ما يلقيه ويتعرض إلى ما تعرض إليه.
وأضاف إسماعيل: "لا يوجد مبالغة في الكلام الذي صدر عن المسؤولين "الإسرائيليين" الذين قالوا بأنّ "إسرائيل" باتت في قلب الفوضى، وإنّ ما يحصل هو من مؤشرات التفكك وبداية النهاية"، موضحًا أنّ معنى التفكك هنا "هو المسار وليس المعنى اللحظوي".
احتمال اندلاع الحرب الأهلية
لفت إسماعيل إلى أنّ: "مفهوم الحرب الأهلية بمعناها العسكري، أي ميليشيات تتقاتل فيما بينها من خلال الاشتباكات المسلحة، لمّا يتحقق حتى الآن، ومن غير الوارد تحققه في المدى المنظور". وفي هذا أشار إلى أنّ السائد حاليًا هو: "الانقسام الداخلي والأهلي الذي يؤدي إلى خلافات ومشادات وتباينات وإلى شل بعض المؤسسات، وهذا يعني أن الكيان يعيش حاليًا حربًا أهلية ولكن من دون إطلاق نار، ونحن أمام مظهر من مظاهرها ولكن بمعانيه الاجتماعية والسياسية"". وأردف إسماعيل:" لكن هذا الواقع قابل للتغيّر في أي لحظة، ليتحول إلى صدامات في الشارع التي قد تتطور في لحظةٍ معينة لتصل إلى حد الانفجار المجتمعي"، مؤكّدًا أنّ: "هذا الأمر يحصل بشكل تراكمي، لكنه ينفجر دفعة واحدة، واليوم نحن أمام نوع من التمرد والانقسام والانشقاق، وكل هذه الأمور هي من مقدمات الحرب الأهلية".
الانقسام الحاصل وتأثيراته على القرار السياسي والعسكري
يرى الخبير إسماعيل أنّ المجتمع "الإسرائيلي" مثله مثل أي مجتمع في العالم، عندما تتغلغل فيه الانقسامات والخلافات يضعف، وخاصةً خلال الأزمات. وممّا لا شك فيه أنّ هذه الانقسامات والأزمات تضعف "إسرائيل" المجتمع و"إسرائيل" الدولة، كما أنّها تضعف الجيش الذي هو العصب الأساسي الذي مُسّ به خلال هذه التحركات". وأضاف:" كما ضُربت الثقة بالجيش والانضباط من داخله بفعل هذه الاحتجاجات، وهذه المسألة ليست مسألة عابرة أن يتمرد جنود في الجيش على قرارٍ للشرطة العسكرية، ويقوموا بمؤازرةٍ سياسية ورسمية وإعلامية بما قاموا به، هذا الأمر يعدّ أمرًا جوهريًا وبالغ الخطورة، وبقدر ما يتفاقم يكون التأثير".
تعاطي نتنياهو مع هذه الخلافات المتصاعدة
أما في ما يتعلق برئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو؛ فأكّد إسماعيل أنّه: "يقيس الأمور بمدى تأثيرها على سلطته وبقائه، وانطلاقًا من هذه السياسية لم يكن موقفه من حادثة قاعدة "بيت ليد" موقفًا حاسمًا أو بحجم أهمية وخطورة ما حصل، بل اكتفى بأنّ يؤدي دوره الرسمي من موقعه رئيسًا للحكومة، وبدل أن يحمل المسؤولية ويحاسب المتجاوزين أدان ما قاموا به فقط، لأنّه من خلال هذه الإدانة، يضع الكل في كفةٍ واحدة، ويؤكّد أنّ الجميع أخطأوا".
كما لفت إسماعيل إلى أنّ الكثيرين في الكيان الصهيوني الذين يدقون ناقوس الخطر، عدّوا هذا الأمر خطيرًا جدًا، بمعنى أنّه حتى لو أخطأت المؤسسة العسكرية بالإجراء، هذا الخطأ لا يسوّغ أبدًا التمرد الذي حصل، وبالتالي لا يمكن وضع المسألتين في الكفة ذاتها، على أساس أنّ الشرطة العسكرية أخطأت، فحصل هذا الأمر.. لا؛ هناك فارق كبير، وهذا الفارق الكبير هو الذي يعكس عمق الأزمة في المجتمع "الإسرائيلي"، وعمق وخطورة أزمة الانقسام داخل هذا الكيان".
فلسطين المحتلةالكيان الصهيونيبنيامين نتنياهو