نقاط على الحروف
يوم قرر لحود في عدوان تموز إجراء المقابلات على سطح قصر بعبدا
في الأيام الأولى من الذكرى الثامنة عشرة للعدوان الصهيوني في تموز 2006 على لبنان، سطّر مجاهدو المقاومة أروع ملاحم البطولات، خلال تصديهم للعدو "الإسرائيلي" وجميع من يقف خلفه، وفي مقدمهم الولايات المتحدة التي تزوده بأفتك أنواع السلاح والقنابل والصواريخ المدمرة.
رغم التآمر والتواطؤ الداخلي عليها، خرجت المقاومة منتصرةً من هذا العدوان، وألحقت بالعدو هزيمةً لم يشهدها منذ تاريخ تأسيس كيانه الغاصب في العام 1948، وذلك بإقرارٍ واضحٍ من العدوّ نفسه، والذي شكّل "لجنة فينوغراد" لتقصي حقائق الحرب "الإسرائيلية" على لبنان في صيف 2006، وأقرت اللجنة في تقريرها النهائي وقتذاك بفشل "إسرائيل" في حربها على لبنان، واعتبر أنها شكلت "إخفاقًا كبيرًا وخطيرًا".
ولا ريب أن هذه الإنجازات التاريخية تحققت بعد إرساء "المعادلة الماسّية: الشعب، الجيش، المقاومة، والرئيس". والمقصود هنا فخامة المقاوم الرئيس العماد إميل لحود، السند الدائم للمقاومة، منذ توليه قيادة الجيش اللبناني في أواخر العام 1989.
ولم يتزحزح عن موقفه قيد أنملةٍ، رغم حجم الضغوط الدولية الكبيرة التي مورست عليه وعلى عائلته، لثنيهم عن تمسكهم بحق لبنان في تحرير أرضه والدفاع عنها، ولكن انتهت هذه الضغوط بلا جدوى، وكان أقساها، محاولة إيهام الرأي العام بـ "ضلوع الرئيس لحود وفريقه الأمني بجريمة اغتيال الرئيس الشهد رفيق الحريري في شباط 2005"، من دون أي مسوغٍ قانونيٍ.
ثم دخول العدوّ "الإسرائيلي" مباشرةً على خط هذه الضغوط في محاولةٍ لرفع منسوبها، وذلك بعد توجيه هذا العدوّ تهديدًا مباشرًا بقتل فخامة المقاوم، خلال عدوان تموز، لدفعه إلى مغادرة القصر الجمهوري في بعبدا، على أن يقوم إثر ذلك بعض الموتورين في الداخل بمحاولة اقتحام القصر، وفرض أمرٍ واقعٍ، لمنع الرئيس من العودة إلى مقر الرئاسة الأولى، بالتالي محاولة إسقاط باعث المعادلة الذهبية "شعب، جيش، ومقاومة"، والتي نقلت لبنان إلى زمن الانتصارات، مع تحرير الجنوب في العام 2000.
ولو قدّر لهذا المخطّط الصهيوني أن ينجح، لكانت المقاومة خسرت حليفًا وسندًا يحمي ظهرها من مؤامرات الطبقة السياسية.
وفي التفاصيل المتعلّقة بالتهديد "الإسرائيلي" للرئيس اللبناني في صيف 2006 خلال العدوان، فقد تلقى مستشار رئيس الجمهورية لشؤون المراسم والعلاقات السياسية وقتذاك السفير مارون حيمري اتصالًا من السفير الفرنسي في بيروت برنار إيمييه، والذي طلب بدوره من حيمري إبلاع لحود، بأن "إسرائيل" ستستهدف قصر بعبدا، إذا لم يغادره رئيس البلاد. ارتبك حيمري ولم يبادر إلى إبلاغ رئيس الجمهورية بـ "الرسالة الفرنسية"، فأبلغ المستشار الإعلامي للرئاسة الأولى رفيق شلالا بما دار خلال المكالمة مع السفير الفرنسي، فأبلغ شلالا فخامة المقاوم بفحوى الرسالة الفرنسية أي (التهديد الصهيوني).
وفي محاولةٍ لتأكيد جدية هذا التهديد، أغار طيران العدوّ على جسرٍ قديمٍ يبعد نحو مئتي متر "خط نظر" عن القصر الجمهوري.
إثر ذلك، قرر العماد لحود أن يلبي طلبات كلّ وسائل الإعلام التي طلبت منه إجراء مقابلات صحافيةٍ معه، فأجرى في حينه مقابلات كثيرة، غير أن إجراءها كان مقتصرًا على مكانين، إما في حديقة القصر، أم على سطحه، بحسب تعلميات رئيس الجمهورية، غير آبهٍ بكلّ هذه التهديدات، وغير مكترثٍ لشتى أنواع الضغوط التي مورست عليه وعلى أفراد عائلته وسواهم من المقربين.
وهكذا سطر هذا الرئيس الاستثنائي صفحةً من صفحات تاريخ لبنان المقاوم والمشرّف في الأداء السياسي، والذي تكامل ويتكامل مع دور المقاومة العسكري والميداني، ليثبت أن "المعادلة الماسية: شعب، جيش، مقاومة، ورئيس"، تجسد أجدى إستراتجيةٍ دفاعيةٍ لحماية لبنان على الإطلاق.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
09/11/2024
أمستردام وتتويج سقوط "الهسبرة" الصهيونية
08/11/2024
عقدة "بيت العنكبوت" تطارد نتنياهو
07/11/2024