معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

القطاع التكنولوجي الإسرائيلي متأزّم والعم سام يقدّم النجدة
08/07/2024

القطاع التكنولوجي الإسرائيلي متأزّم والعم سام يقدّم النجدة

أدخلت معركة طوفان الأقصى اقتصاد الكيان الصهيوني بحالة من الاستنزاف والركود لم يشهد مثلها في تاريخه. وفي لائحة القطاعات الأكثر تكبّدًا للخسائر، يأتي قطاع التكنولوجيا "الإسرائيلية" في المقدمة بوصفه أحد أهم الركائز التي يقوم عليها اقتصاد هذا الكيان، لا سيما وأنه يمثل 53% من صادراته ويسهم بأكثر من خمس الناتج المحلي فيه.

الصفعة الحالية التي تكبدها القطاع التكنولوجي في كيان الاحتلال تأتي بعد استدعاء حوالي 90 ألف موظف في هذا القطاع للخدمة العسكرية، وتشير الوثائق الرسمية الصادرة عن السلطات "الإسرائيلية" إلى تراجع فيه بنسبة 56% أي ما قيمته 6.9 مليارات دولار تقريبًا، ما أدى بدوره إلى مساهمة كبيرة في انخفاض قيمة "الشيكل الإسرائيلي" مع العلم أن استعادة الثقة بهذا القطاع تستلزم سنوات عديدة على الأرجح.

تداعيات حرب غزّة على القطاع التكنولوجي شملت أيضًا انخفاض صفقات الاستحواذ والطروحات العامة في هذا القطاع لأقل مستوى في 10 سنوات خلال عام 2023، وقد تراجعت قيمة متوسط الصفقات لتصل إلى 167 مليون دولار عام 2023 مقابل 235 مليون دولار عام 2022.

الصفعة التي ما زالت تداعياتها سارية المفعول وستبقى لسنوات بعدما أدخلت الاقتصاد "الإسرائيلي" ككل بحالة حرجة، كان قد سبقها أيضًا ضربة أخرى قبل حرب غزّة، ارتبطت بمفاعيل "التعديلات القضائية" التي أطلقها رئيس حكومة الاحتلال والتي عكست حالة عدم اليقين السياسي في "إسرائيل"، وبالتالي تأثيرها السلبي على الاستثمار في شركات التكنولوجيا، زالذي انخفض فعليًا بنسبة 65% في الربع الثاني من العام المنصرم، وفقًا لتقرير نشره موقع "تايمز أوف إسرائيل".

القطاع الذي تعمل فيه 6000 شركة "إسرائيلية" و2500 شركة أميركية، بدا بعد هذه الضربات المتتالية بحالة مهتزّة جدًا وصعبة، خاصة بعد أن أظهرت حرب غزّة مدى اعتماد كيان الاحتلال على هذا القطاع في اقتصاده، وفي هذا الإطار فإن الأضرار لحقت أيضًا بالشركات الأميركية العاملة فيه، والتي تشغّل نحو 72 ألف موظف "إسرائيلي" (تقديرات غرفة التجارة الأميركية)، لذلك اندفعت شركات التكنولوجيا الأميركية لتقديم النجدة لـ"إسرائيل" وحماية مصالحها، بعد أيام من اندلاع الحرب على غزّة.

النجدة الأميركية للقطاع التكنولوجي "الإسرائيلي" اتّخذت أشكالًا مختلفة، أهمها تقديم الدعم التكنولوجي على نحو واسع وكبير جدًا، إذ شهدت بداية الأزمة تدفّق الدعم إلى موظفي الشركات من حملة الجنسية "الإسرائيلية"، وشمل هذا النوع من الدعم شركات مثل HP، Oracle، Alphabet، Microsoft، وغيرها، كما عمد عدد من الشركات الأميركية إلى تقديم الدعم المالي للموظفين من خلال رواتب إضافية ومساعدات عينية.

دعم الشركات الأميركية لم يقتصر فقط على موظفيها بل شمل أيضًا المؤسسات الحكومية، وقد تمثل هذا الدعم بشكل أساسي بمشروع "نيمبوس" التكنولوجي الذي عملت على تنفيذه شركتا غوغل وأمازون وبلغت قيمته قرابة 1.2 مليار دولار، وهو يقدم حلولًا لتخزين البيانات وتحليلها بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي.

وفي هذا السياق، ركزت الشركتان على تسريع وصول خدمات هذا المشروع للجيش "الإسرائيلي" للاستفادة منه في الحرب على غزّة، وقد تمكّن هذا الأخير بحسب الخبراء من تفعيل عدد من أدوات الذكاء الاصطناعي من بينها نظام عسكري باسم "حبسورا" الذي يُستخدم في تحليل كميات من المعطيات بهدف اقتراح ضرب أهداف عسكرية ومدنية جديدة.

الجدير بالذكر أن هذا الدعم التكنولوجي الهائل الذي قدمته الشركات الأميركية الكبرى، قوبل بمعارضة شديدة من قبل حركة المقاطعة الأميركية التي أطلقت شعار "لا تكنولوجيا لنظام الفصل العنصري"، وقد كان للتحركات الطلابية في الجامعات الأميركية دورًا لافتًا في الدعوة إلى مقاطعة هذه الشركات والضغط لسحب استثماراتها من الكيان المحتل، كما أن هذه النجدة الأميركية للشركات "الإسرائيلية" تطرح تحديًا أخلاقيًا كبيرًا لهذه الشركات بسبب مساهمتها الواضحة والعلنية في تنفيذ الإبادة الجماعية في قطاع غزّة.

هذا التحدّي الأخلاقي للشركات التكنولوجية الأميركية يضمّها لباقي الشركات العالمية الأخرى العاملة في مجالات مختلفة والتي تدعم الكيان المحتل بوسائل وأشكال متعددة، كما ويضعها جميعًا جنبًا إلى جنب في خانة المقاطعة العالمية ليس فقط على مستوى الأفراد والشعوب، بل أيضًا وقبل كلّ شيء على صعيد الشركات والحكومات والدول التي تتعامل معها أيضًا والتي من المفترض أن تتحمل هي أيضًا مسؤوليتها الأخلاقية في هذا الشأن.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف