معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

أحلاف واشنطن ضد طهران.. جيش من المهزومين
19/06/2024

أحلاف واشنطن ضد طهران.. جيش من المهزومين

في الوقت الذي تشهد فيه حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني مزيدًا من الإحباط الصهيوني – الأميركي، ويقينًا من القيادات العسكرية والسياسية والاقتصادية سواء في الولايات المتحدة أو الكيان الغاصب بأن أهداف العدوان مستحيلة التحقق بفعل صمود المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني مدعومًا بتضحيات محور المقاومة على جبهات متعددة، توقف مراقبون باستهجان غير عادي أمام خبر اجتماع رئيس أركان جيش العدو الإسرائيلي هرتسي هليفي، بقادة جيوش خمس دول عربية في لقاء عقد في البحرين تحت رعاية قائد القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم" الجنرال إريك كوريلا.

بلا شك أن الاجتماع يحمل في طياته الكثير من المعاني السلبية تجاه قضية الشعب الفلسطيني أولًا، بعد أن عادت إلى السطوع بفعل عملية "طوفان الأقصى" والقوى المساندة للطوفان، والذي تحول طوفان نار على الكيان.

الأبعد في مشهد الاجتماع الخبيث هو الهدف الإستراتيجي المكشوف من ورائه، في مراميه وما تحيكه الإدارات الأميركية والبريطانية و"الإسرائيلية"، بعد إفشال كلّ المخطّطات التي حاكتها للمنطقة. ووفقًا لموقع "أكسيوس" الأميركي، فإن إحدى القضايا الرئيسية التي عملت عليها القيادة المركزية للجيش الأميركي، والبنتاغون مع جيوش المنطقة في السنوات الأخيرة هي التعاون في مجال "الدفاع" الجوي و"الدفاع" الصاروخي الذي اتّخذ أهمية خاصة على ضوء الرد الإيراني (على العدوان الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق في نيسان الماضي)، ومحاولات التصدي، وهو الأمر الذي تم بالتعاون مع الولايات المتحدة وبريطانيا والأردن.

وذكر "أكسيوس" أن واشنطن تعتبر أن التصدي للهجوم الإيراني الذي استهدف "إسرائيل" مطلع نيسان/أبريل الماضي "إنجاز عظيم لم يكن ليتحقق دون هذه الجهود". وقال مسؤولون أميركيون إن التعاون مع "إسرائيل" ودول عربية بالمنطقة مكّن من جمع معلومات استخباراتية حول الهجوم، وتوفير إنذار مبكر من المسيّرات والصواريخ. وأضافوا إن هذا التعاون يشمل أيضًا المشاركة الفعالة للأردن والسعودية في اعتراض الصواريخ والمسيّرات التي تطلق من إيران والعراق واليمن باتّجاه "إسرائيل"، وتمر عبر مجالهما الجوي.
بالطبع تجاهل مسرّبو الاجتماع بأن إيران أعلنت مسبقًا أنها سترد وحددت وسائل الرد وساعة الرد، وحققت الأهداف التي وضعتها وأعلنت عنها جهارًا نهارًا، وهي تدرك يقينًا أن الولايات المتحدة صنّفتها عدوًا تاريخيًّا كما بريطانيا، و"إسرائيل" صنّفتها العدوّ الأكثر والأكبر تحديًا، ولذلك تدرك أن الثلاثي الخبيث لن يتوانى عن البحث عن وسائل لمواجهتها بما فيها إنشاء أحلاف ضدّها، كما دأبت واشنطن منذ انتصار الثورة الإسلامية، ووصَمت أميركا بالشيطان الأكبر، ورفضها "إسرائيل" كفكرة.

إن الاجتماع عقد لبحث "التعاون الأمني الإقليمي"، بمشاركة قادة جيوش "إسرائيل" والسعودية والبحرين ومصر والإمارات والأردن، وذلك "بعيدًا عن الأضواء ودون الإعلان عن اللقاء بسبب الحساسيات السياسية الإقليمية المتعلّقة بالحرب" على غزّة، وفق تعبير مسؤول أميركي، كاف أن يكون مشينًا وبأهداف كريهة.

من دون أدنى شك أن الدول المشاركة في الاجتماع العسكري الأمني والمقصود الدول العربية، لا قدرة لها على المجاهرة بفعلتها المشينة، كي لا تزداد الفجوة اتساعًا بين الشعوب العربية وحكامها، لا سيما وأن أبواقاً كثيرة تعمد إلى تبريرات ساذجة لا محل لها من الواقع. ولن يتقبلها الجمهور حتّى المغلوب على أمره، وهو يشاهد المذابح بحق الفلسطينيين الذين لا ظهير لهم سوى محور المقاومة، وفي المقدمة إيران.

ليست المرة الأولى التي تحاول الولايات المتحدة فيها تشكيل أحلاف عدوانية يندمج فيها العرب أو بعضهم مع "إسرائيل" بمواجهة كلّ من يواجه المخطّطات الأميركية الخبيثة والبريطانية و"الإسرائيلية" المستمرة منذ إنشاء الكيان على أرض فلسطين، لكنّها هذه المرّة تكتسب وقاحة أكثر وهمجية عالية، والسبب الأساس أن تلك المخطّطات اصطدمت بجدار منيع هو محور المقاومة.

إن اللقاء وفق التقرير يعتبر "إشارة للتأكيد على أن الحوار العسكري والتعاون بين "إسرائيل" وتلك الدول العربية مستمر تحت مظلة القيادة المركزية للجيش الأميركي، على الرغم من الانتقادات الصوتية التي تصدر عن هذه الدول ضدّ العمليات العسكرية "الإسرائيلية" في غزّة".

طبعًا هذا الأمر يذكر بمحاولة واشنطن السابقة إنشاء حلف "ناتو عربي" مخصص ضدّ إيران، مستمد من تشكيل حلف الناتو – الأطلسي، ولكن هذا الحلف يموّل عربيًا وتقوده أميركا مع دمج الجيش الأكثر فاشية فيه، أي جيش العصابات الصهيونية.

ليست المسألة حربًا نفسية، وإن كانت موجودة في جانب منها، بل هناك توجّهات وقرارات أميركية – بريطانية – "إسرائيلية" لإنشاء أحلاف هدفها ضدّ إيران، وتلك القوى تقدر أن بعض الدول العربية باتت مطواعة كلّيًّا أو بشكل شبه كلي لمشيئتها، وقادرة على الاستثمار فيها ولو لحين، لا سيما وأن هناك تحولات عالمية صاخبة سيسقط خلالها الكثيرون، وإن سقطت تلك الدول العربية وتحولت أنظمتها إلى أكباش على المذبح الأميركي – البريطاني – "الإسرائيلي" فليس مهمًا.
من المفترض أن يعي أهل المنطقة ما يجري في العالم، خصوصًا أن درس ما سمي بـ"الربيع العربي" ما زال ماثلًا في تدمير أوطانهم ونسيجهم الاجتماعي، وأن يدركوا مصالحهم ومن وقف إلى جانب قضاياهم، وفي المقدمة القضية الفلسطينية.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف