موقع طوفان الأقصى الجبهة اللبنانية

آراء وتحليلات

مغامرة بايدن الأخيرة في كسب أصوات مناصريه
05/06/2024

مغامرة بايدن الأخيرة في كسب أصوات مناصريه

بعد صدور قرار اتهام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بـ 34 تهمة، وفي توقيت جاء متقاربًا مع مؤتمر صحفي عقده في نيويورك، صدر عرض الرئيس الأميركي جو بايدن خلال خطاب متلفز لجمهوره الأميركي ليعلن خلاله عن صفقة لوقف إطلاق النار في غزة من ثلاث مراحل.

الصفقة ملفتة بمضمونها وتوقيتها، فقد دخلنا في شهر حزيران/يوليو، وهو الموعد الذي سمعنا عنه كثيرًا، والذي يفترض فيه أن تبدأ نهاية الحرب على غزّة وأهلها وينسحب الجيش الصهيوني منها، بعد أن يحقق "انتصارًا" على حماس. ولكن ما حقققه الجيش المارق هو المزيد من المجازر والإبادة الجماعية التي مارسها ضدّ المدنيين العزّل؛ فالذين قتلهم رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو خلال القصف الجوي المروّع في رفح، لم يكونوا سوى مجموعة من العزّل ومعظمهم من الأطفال والنساء، ما اضطر نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس إلى وصف نتائج الضربات الجوية للكيان في رفح بالـ"مأساة".

بايدن استغل نتيجة محاكمة ترامب، والتي كان ينتظرها هو وحزبه بفارغ الصبر، من أجل القيام بخطوة ما تكسبه هذا الصراع الانتخابي. لذاك ترافق مع العرض الأميركي بوقف إطلاق نار من ثلاث مراحل دعوة لبنيامين نتنياهو للحديث أمام الكونغرس الأميركي، يوم السبت القادم. والعرض في شكله ومضمونه هو لإعادة بناء ثقة مع اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وقد بدا ذلك جليًا في المؤتمر الصحفي الذي عقده بايدن في الرابع من حزيران/يونيو، والذي أعاد فيه موقفه حول دعم "إسرائيل" وعدم التزام أميركا بمخرجات المحاكم الدولية. وكان قد تجلّى الدعم حين حاز العرض بتحدث نتنياهو أمام الكونغرس على موافقة زعيم الأغلبية الديمقراطية تشاك شومر. وشومر، كان قد وجّه انتقادات لنتنياهو تتوافق مع الانتقادات التي أطلقها بايدن إزاء العملية العسكرية في رفح.

بحسب بعض الإعلام الصهيوني الناطق باللغة الإنكليزية، فقد أوضح موقع "Israel Daily News" [Il Tv]، عبر لقاء أجري مع مسؤول الموظفين السابق لدى بايدن، آري هارولد، أن الحكومة الأميركية لا تستطيع أن تضمن ما قاله بايدن عن عدم قدرة حماس على إعادة ما فعلته في يوم السابع من تشرين الأول/اكتوبر، وأن هناك خوفًا في "إسرائيل" من تكرار هذا الأمر، وأن الظروف الحالية ليست مؤاتية من أجل وقف الحرب خاصة وأن حماس ما تزال في أوج قوتها. وأجرى التلفزيون لقاءات مع صهاينة في "تل أبيب" لسؤالهم عن رأيهم بالهدنة، وكان هناك إجماع على ضرورة عودة "الرهائن" الصهاينة، ولكن غالبية الذين التقوا بهم لا يعتقدون بأن الاتفاق سيوفر الأمن للكيان وضمان وقف العمليات ضده.

في هذا الصدد؛ علينا أن نقرأ وأن نتبين، أن بايدن والصهاينة على نغمة ومشروع واحد، حتى وإن تظاهر بايدن بالتعاطف مع المدنيين الفلسطينيين. ويبدو أن كلا من الأميركيين والصهاينة لا يريدون فسح المجال من أجل إعادة تقييم ما حدث في السابع من أوكتوبر على أنه ردّ على العنصرية والعنجهية والانتهاكات الصهيونية.

كارولين غليك، من برنامج In Focus، ومعناه تحت المجهر، قالت إن عرض بايدن: "عبارة عن كلام وضع في فم نتنياهو من دون أن يتفوه به، وأن أمريكا في مكانها البعيد لا تستطيع ضمان أي شي". وفنّدت غليك كيف أن بايدن تحدث خلال 16 دقيقة: "منها أربع أفردت لمحاكمة ترامب، وثلث الوقت الباقي لعرض خطته التي تتناسب ومطالب حماس، وباقي ثلثي لوقت الباقي خُصص من أجل دفع الحكومة الإسرائيلية ورئيسها من أجل القبول بالعرض". وعلقت أنّه: "مباشرة، وما أن دخل يوم الاثنين، حتى جاء العرض المغري لنتياهو بالدعوة إلى واشنطن والتحدث في الكابيتول أمام صنّاع القرار في أميركا".

قد يجد بعض جمهور الديمقراطيين العذر لبايدن في الطرح الذي قدمه يوم الجمعة، وقد يكون قادرًا على كسب بعض الأصوات، ولكن الذين يتظاهرون في الشوارع الأميركية منذ أكثر من مئتي يوم، والذين يعتصمون في حرم الجامعات منذ أكثر من مئة يوم، حتى باتت "حركة مقاطعة إسرائيل" تحتل حيزًا مهمًا في مدن بكاملها وفي الجامعات، لن يوقفوا حراكهم. وتاليًا؛ إذا ما أراد بايدن كسب الشارع الأميركي، وخاصة فئة الشباب التي لم يسأل عن موقفها في الانتخابات الأميركية منذ زمن طويل، وألهيت بالمخدرات والانحرافات والأفلام وقصص الخيال العلمي وقصص الهولوكست، عادت لتقول بأنّها موجودة. وما يحتاجه بايدن لكسب ثقتها، هو تفعيل الهدنة وإعطاء الضمانات بألّا يعيد الصهاينة ما فعلوه في غزة ويفعلونه اليوم في الضفة، وأن عليه إعادة موازنة خطابه، وليس ضمان أن حماس لن تقوم بالرد على أي عدوان صهيوني، وهذا ما يريد ضمانه هؤلاء.

كما لأنّ بايدن الذي طلى وجهه بمساحيق من أجل إخفاء تعابير القلق، لا يستطيع إلّا أن يفكر بالإنتخابات اليوم وبأنه قد خسر. على الأغلب، اللوبي الصهيوني، والذي يقف إلى جانب نتنياهو، هو غير قادر على فهم أن قضية فلسطين في الشارع الأميركي شبيهة بقضية جورج لويد التي استغلّت لإسقاط ترامب في العام 2020، ولكن مكتوبة بدماء وأرواح ما يزيد عن 35456 فلسطينيًا، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية حتى منتصف الشهر الماضي، وأكثر من ثلثهم أطفال.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

خبر عاجل