نقاط على الحروف
شروط جعجع حول مذكرة عيد التحرير!
منذ العام 2000، دخل يوم الخامس والعشرين من أيار/مايو رزنامة المناسبات الوطنية السعيدة وكلّل سنينًا من التعب والجهاد والدم والمقاومة. دخلها مُستحقًا على صهوة الفرح المسكوب من قلوب الناس، حقيقة لا لبس فيها ولا خلاف عليها، وإن أنكرها البعض فكان كمن يحاول حجب عين الشّمس بكفّه ليبدو في كلّ محاولة أكثر انفصالًا عن الواقع.
عيد رسميّ، وليس في ذلك منّة من أحد، فالمناسبة العظيمة فرضت نفسها ليس فقط في لبنان، بل غيّرت مسار التاريخ في كلّ المنطقة وحفرت في "أجندات" كلّ دول القرار حول العالم تاريخ 25 أيّار 2000 كيوم يختلف ما قبله عمّا بعده.
بحسب الإجراءات والأصول، وقبل كلّ مناسبة رسمية، تصدر الحكومة اللبنانية مذكّرة خاصة بالمناسبة، تحدّد يوم العطلة فيها وكذلك تؤكّد على بعض التفاصيل البديهية المتعلّقة بها. وفي ما يخصّ عيد التحرير للعام 2024، والذي يصادف في يوم السبت القادم، صدر عن مجلس الوزراء مذكرة تقضي بإقفال المؤسسات العامة والبلديات والمدارس والجامعات التي تعمل أيام السبت وتدعو إلى تخصيص حصة دراسية من يوم الاثنين في 27 أيار 2024 في جميع المدارس والمعاهد والجامعات لشرح أهمية هذه المناسبة الوطنية.
هذه المذكّرة الروتينية بما تحوي من دعوة وإجراءات بديهية مرتبطة بالمناسبات الوطنية، أثارت حفيظة سمير جعجع الذي رأى فيها فرصة للتعبير الصريح عن عدائه للمقاومة وأهلها وكلّ مناسبة تتعلّق بها؛ وهو أمر طبيعي ليس بالنسبة إليه فقط بل لجميع حاملي المشروع الذي أسقطته المقاومة ولم تزل تمنعه من أي أمل بالوجود.
إذًا، انتفض جعجع معترضًا على المذكرة وعلى التعطيل، متحدثًا في بيان له عمّا سمّاه الاستنسابية: ما الاستنسابية المقصودة؟ تريدون الاحتفال بخروج جيش الإحتلال الإسرائيلي من لبنان، يجب الاحتفال أيضًا بيوم مماثل في ذكرى خروج الجيش السوري من لبنان. يتجاهل الفارق بين الجيشين، أو يدّعي به جهلًا، ويزعم أنّ مطالبته هذه تأتي على سبيل حرصه على السيادة.. وللأمانة، وجب أن يتحدث أي أحد آخر عن السيادة كي يبدو مقنعًا، فجعجع والسيادة لا يلتقيان، حتّى في نظر جمهوره!
أكثر من ذلك، اعتبر البيان أن تخصيص حصة دراسية للحديث عن عيد التحرير هو تدخل في المناهج التربوية ما لم يقترن أيضًا بتخصيص حصة مماثلة عن خروج الجيش السوري، وأنّه يجب التوافق على مضمون ما سيتم شرحه للطلاب خلال هذه الحصة. والتوافق بحسب قاموس جعجع هو أن يتم تعميم ما يتوافق مع رؤيته الشخصية وتعليمها للطلاب. هل يمكن للمرء فقط تخيّل ما يمكن أن يكون مضمون حصّة دراسية موضوعها عيد التحرير إن كان الشرط موافقة جعجع على ما سيقال فيها!
البيان بكلّ تفصيل فيه يبدو وكأنه لائحة شروط يضعها سمير جعجع للقبول بمناسبة عيد التحرير في رزنامة الأيام الرسمية، ويعكس شكلًا من أشكال التذرّع بالمناسبة للتذكير بوجود المشروع المعادي للمقاومة في لبنان، ولا سيّما في هذه المرحلة حيث سقط من حسابات القيّمين عليه لانشغالهم بردّ الصفعات التي يتلقونها من المقاومة وأهلها، كما هو ساقط أصلًا من حسابات المقاومة المنشغلة منذ طلقتها الأولى في خوض المواجهة مع العدو، العدوّ نفسه!
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
12/11/2024
جونسون بعد شيا: وكر الشرّ لا يهدأ
09/11/2024
أمستردام وتتويج سقوط "الهسبرة" الصهيونية
08/11/2024
عقدة "بيت العنكبوت" تطارد نتنياهو
07/11/2024