نقاط على الحروف
لماذا يخشى نتنياهو صدور مذكرة اعتقال دولية بحقه؟
يشعر المسؤولون الإسرائيليون، وعلى رأسهم رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، بقلق متزايد من إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحقهم بتهم ارتكابهم جرائم حرب.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية، ومقرها في لاهاي، تحقق بجرائم "اسرائيل" في غزة والأراضي المحتلة على مدى الأعوام الثلاثة الماضية. ورأى نتنياهو أن هذا الأمر يشكّل سابقة تاريخية، متهمًا المحكمة الجنائية الدولية بمحاولة شل قدرة "إسرائيل" على الدفاع عن نفسها. والقلق الاسرائيلي ناجم عن شعور القادة الاسرائيليين بأن مدعي عام المحكمة كريم خان ينوي إصدار مذكرة ملاحقة بحق المسؤولين الاسرائيليين نتيجة أدلة جمعها خلال زيارته للضفة الغربية، في كانون الأول / ديسمبر الماضي.
وقد زار المدعي العام، أيضًا، مستوطنات غلاف غزة التي كانت مسرحًا لعمليات المقاومة الإسلامية - حماس في عملية "طوفان الأقصى" في ٧ تشرين الأول / أكتوبر ٢٠٢٣. كما التقى بالقادة السياسيين الفلسطينيين، وعرّج إلى رام الله لأخذ شهادة عائلات الضحايا الفلسطينيين حول الاعتداءات التي تعرضوا لها على يد سلطات الاحتلال الصهيونية. وهو اتهم "إسرائيل" بالفشل في توفير الحماية الكافية للمدنيين خلال قصفها لقطاع غزة المتواصل منذ عدة أشهر، والتي أدت الى استشهاد اكثرمن 34500 فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء. حينها وصفت زيارة خان بالانحيازية لصالح الكيان بعد أن تذرّع بالأوضاع السائدة لعدم زيارته قطاع غزة المحاصر والمتعرض للقصف.
وعلى الرغم من أن "إسرائيل" ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، وتقول إن المحكمة ليس لها أي سلطة عليها، إلا أن المحكمة الجنائية الدولية قررت فرض ولاية قضائية على الضفة الغربية وغزة وشرقي القدس في العام ٢٠١٥ بعد أن صادقت السلطة الفلسطينية على المعاهدة التأسيسية للمحكمة ونظام روما الأساسي، كونها تمثل دولة فلسطين. ويشعر القادة الصهاينة بالقلق من أن يؤدي صدور مذكرات اعتقال بحقهم إلى فرض عزلة دولية عليهم وعلى "اسرائيل". ففي يناير/كانون الثاني، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية حكمًا مؤقتًا أمر "إسرائيل" باتخاذ خطوات لمنع أعمال الإبادة الجماعية في غزة، بناء على شكوى تقدمت بها جنوب افريقيا أمام المحكمة، إلا أن القرار لم يصل إلى حد مطالبة "تل ابيب" بوقف هجومها العسكري.
والمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي هي محكمة عالمية دائمة، تتمتع بسلطة محاكمة الأفراد والقادة بتهمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. وتوجيه تهم بارتكاب جرائم حرب لنتيناهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين سيؤثر على قدرتهم على السفر على نطاق واسع، حيث إن الدول بموجب نظام روما الأساسي ملزمة بتسليم الأفراد الزائرين الذين لديهم أوامر اعتقال معلقة ضدهم.
ويواجه المسؤولون ورؤساء الدول الذين تتهمهم محكمة العدل الدولية عواقب بعيدة المدى على أنفسهم وعلى بلدانهم. فعندما يُوجّه الاتهام إلى مسؤول أو رئيس دولة من محكمة العدل الدولية بارتكاب جرائم مثل جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية أو الإبادة الجماعية يشوّه سمعتهم ومصداقيتهم. وهذا يمكن أن يؤدي إلى فقدان ثقة الجمهور ودعمه، ما يجعل من الصعب عليهم البقاء في السلطة. كذلك؛ فإن توجيه الاتهام إلى مسؤول رفيع المستوى يمكن أن يكون له تداعيات كبيرة على المجتمع الدولي، ويمكن أن يؤدي إلى توتر العلاقات الدبلوماسية بين الدولة المدان رئيسها وباقي الدول. كما أن الآثار المترتبة على توجيه الاتهام من محكمة العدل الدولية تتجاوز الشخص المتهم. ويمكنه أيضًا تسليط الضوء على القضايا النظامية داخل الحكومة أو النظام الذي يمثلونه. ويمكن أن تكشف الاتهامات الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من انتهاكات القانون الدولي التي ربما جرى التغاضي عنها أو تجاهلها في السابق.
بالإضافة إلى التداعيات السياسية والدبلوماسية، فإنّ توجيه الاتهام من محكمة العدل الدولية يثير تساؤلات مهمة حول المساءلة والعدالة في الحوكمة العالمية. ويؤكد على الحاجة إلى إطار قانوني دولي قوي يحمّل الأفراد، بصرف النظر عن مناصبهم في السلطة، للمساءلة عن أفعالهم.
إنّه يبعث برسالة قوية مفادها أنه لا أحد فوق القانون وإن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي لن تمر من دون عقاب. ويمكن أن تكون الإجراءات القانونية بمثابة آلية لتقصي الحقيقة والمصالحة وإغلاق ملف ضحايا الفظائع وانتهاكات حقوق الإنسان. ومن الممكن أن يوفر الاتهام إحساسًا بالعدالة والمساءلة لأولئك الذين عانوا آثار الجرائم التي ارتكبت بحقهم.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
09/11/2024
أمستردام وتتويج سقوط "الهسبرة" الصهيونية
08/11/2024
عقدة "بيت العنكبوت" تطارد نتنياهو
07/11/2024