نصر من الله

نقاط على الحروف

سنحدّث عن صلاح..
25/04/2024

سنحدّث عن صلاح..

سنحدّث عن قلب واله، عن عقل حرّ، عن خطىً ثابتة وعين وجهتها السّما: سنحدّث عن صلاح غندور، عن ملاك عبر من بوابة الاستشهاديين بعد أن ودّع الدنيا وأهلها: "بعد قليل سوف أثأر لجميع الشهداء المظلومين والمستضعفين من أبناء جبل عامل، وأبناء الانتفاضة في فلسطين المغتصبة". ضغط زرّ التفجير ما إن وصلت سيارته بين قافلتين عسكريتين صهيونتين تجريان تبديلًا روتينيًا عند بوابة "مركز الـ 17" في "صف الهوا" الذي يتألف من عدّة مبان يستخدمها جيش العدوّ وعملائه، ومنها مبنى "الإدارة المدنية" ومبنى "قيادة المخابرات" التابع لجيش الاحتلال..

في العام ١٩٩٥، ضجّ اسم صلاح غندور في الأرض عصر ٢٥ نيسان/ابريل ما إن بثّت قناة "المنار" خبرًا عاجلًا مفاده أنّ ملاكًا فجّر جسده بقافلتين صهيونيتين، وأن جنود العدوّ تناثروا حول مكان العملية الاستشهادية بحيث تمّ استدعاء أربع طائرات مروحية لنقل قتلاهم وجرحاهم إلى مستشفيات فلسطين المحتلّة. جُنّ العدو، فالاستشهاديون يجيدون زلزلة الأرض تحته: كيف يمكنه أن يواجه من جاءه استشهاديًا! بما يخيفه أو يهدّده! بالموت: قال صلاح مرحبًا بالموت فداء عن المستضعفين في الأرض.. مرحبًا به بوابة عبور إلى الله..

كلّ الذين عرفوا صلاح غندور يستذكرون ألق ملامحه الذاهبة بعيدًا في المدى والنورانية التي تحلّى بها. لم يفاجئهم أن ينفّذ من مثله عملًا استشهاديًا، بل كانوا سيستغربون إن لم يفعل. بعد العملية، تحدّث الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله عن صلاح، عن العملية التي أوقفت الزمان في قلب العدوّ بل في قلب كلّ أهل الأرض، وشرح بالتفصيل أهمية هذه العملية وأهدافها، لا سيّما وأنّها بطبيعتها الاستشهادية تشكّل ضغطًا هائلًا على العدوّ ومنعطفًا مهمًا في مسار الحرب مع الكيان الصهيوني. في البداية، شدّد السيّد نصر الله على أهمية المكان الذي نفّذ فيه صلاح غندور عمليته، والواقع قرب الحدود مع فلسطين وفي عمق الشريط المحتل: مركز تاريخي لقيادة قوات الاحتلال العسكرية والمخابراتية وبالتالي هي نقطة حصّنها العدوّ بالكثير من التجهيزات والإجراءات الأمنية، ونفس قدرة المقاومة على اختراق هذه التحصينات تمثّل ضربة هائلة للعدو.

في الخامس والعشرين من نيسان/ابريل في كلّ عام، تحضر ذكرى هذه العملية بكلّ توهّجها وبكلّ ما ساهمت في التأسيس له، فكلّ ما نراه اليوم من عزّ الانتصارات هو في الواقع من أثر هذه العملية النوعية وغيرها ممّا راكمته المقاومة عبر سنين من المواجهة والقتال، محقّقة توازن الرّعب وفارضة على العدوّ معادلات عسكرية تقيّده، رغم كلّ محاولاته المستميتة لاستعادة صورة "الجيش الذي لا يُقهر".. وجه صلاح وهو يقود سيارته المفخّخة، صوت صلاح، دم صلاح، جسده الذي تفجّر وفجّر عنجهية العدوّ وحطّم كلّ شعور له بالأمان في عمق المنطقة المحتلّة، لم يزل حاضرًا في كلّ مواجهة مع المحتلّ، لم يغب عن أي زفًة شهيد ترفعه المقاومة.. وإن كان العدوّ قد اندحر عن أرض الجنوب في أيار ٢٠٠٠ ببركة دم صلاح وإخوانه، فهو حتّى اليوم يتكّبد الهزائم المتتالية ببركة هذا الدم، ببركة عزيمة ويقين كلّ الذين هم كصلاح، بل هم صلاح.. لكن اختلفت قليلًا مواقيت وعناوين عبورهم..

الشهيد صلاح غندور

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

خبر عاجل