معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

حرب الوعي والتشويه
10/04/2024

حرب الوعي والتشويه

في صراعنا الحالي مع العدو، وبعد 6 أشهر كاملة في ميادين النار والدم، وتصدّى لها أشرف من في هذه الأمة، خلاصة روحها وصفوتها النادرة وأصالة ضميرها وكرامتها وإبائها وشهامتها، وبكونه صراع وجود لا حدود، وصراع بين حق وحقد لا صراع حقوق أو حدود كما يزيف كلّ يهوذا باع نفسه للشيطان، فإن علينا أن نضع نقاطًا فاصلة، تنبع أهميتها أصلًا من أنها نقاط الوعي على حروف فعل الإرادة المتلألئة في قلوب وعلى أيدي رجال الله، الذين حازوا شرف السبق وعظمة الفداء.

ثم أن مناقشة وعي اللحظة بات أمرًا ملحًا ومطلوبًا، مع ارتفاع وتيرة "حملة الطائفية" الجديدة الجارية، سواء إقليميًا أو محليًا، في دول هرولت إلى التطبيع كمصر والأردن، وأخرى تنتظر الفرصة المناسبة كالسعودية، وفي دول هي القلب الملتهب لجيش القضية وحماتها الأبرار، كلبنان الذي يواجه حملة تشتيت تتزامن مع حملة كراهية رسمية عربية، وهي كلها الأسلحة الذكية التي ما عاد في ترسانة الكيان الخائب غيرها.

حزب الله باختصار لن يكسر بقوة السلاح، ولن يجره الناعقون إلى حيث يريدون، ولقد جربت أميركا والكيان في تموز 2006 أن تجمع العالم على المقاومة في لبنان، وتحديدًا مع مشروع جورج بوش الابن للشرق الأوسط الجديد، حين كانت الولايات المتحدة فاعلًا أوحد كلّي الهيمنة والقدرة على المنطقة والعالم، ولم يكن زمن الخروج الصيني قد حل، وكانت روسيا - بوتين لا تزال تحاول لملمة جراح التفكك السوفياتي المدوي، وكانت الأنظمة العربية ساقطة في امتحان الإرادة أمام القوّة الأميركية الجبارة، ومن لم يقدم فروض الولاء والطاعة مستسلمًا كانت واشنطن قادرة على إخضاعه بمجرد التهديد بالعنف, هذه هي بداية الحكاية فقط في حرب تموز/ يوليو 2006، والتي كسرت أوضاعًا قائمة فصّلت على مقاس الكيان، وكانت عاصفة الدمار مقدمة لمخاض الشرق الأوسط الجديد، لكن حزب الله وصموده الأسطوري كتب النهاية التي كسرت المخطّط وحولته من واقع مفروض إلى سراب تكفلت تضحيات سنوات الجهاد ورجال الله بتحويله إلى سراب.

ماذا عن الجمهورية الإسلامية إذًا؟ هذا أيضًا سؤال يخص الوعي العربي.

الواقع المرير هو أن كان الإعلام الشيطاني العربي، صهيوني الهوى، يوجه جناجر الخيانة المسمومة إلى ظهر أمته، بعبارات موجزة وأفكار معلبة ورسالة تنطلق بألوان زاهية إلى المشاهد، الذي تحوّل إلى مستهلك يبتلع كلّ ما يقدم إليه من عبارات رنانة، تعد الناس بالرحيق، ولا تمنحهم سوى شحنات متتالية من التخدير، عهودًا بغير تحقق ووعودًا دون وفاء، لتتحول مهمّة الإعلام العربي إلى إعلانات صهيونية بشكل نهائي وكامل، والمطلوب النهائي من المشاهد/ المستهلك هو ابتلاع الموقف كله، والخروج بالنتيجة الوحيدة التي تلح عليها الشاشات، ومن ورائها، ترسيخ الإحباط الكامل والإيمان بعجزنا وفشلنا كعرب، مهما حاولنا ومهما بذلنا من جهد أو قدمنا من تضحيات، إنها رسالة الشيطان المتجددة والخالدة: "اليأس".

ومع التبعية الكاملة للأنظمة العربية العمياء للأميركي المهزوز، فإن الدور المخرب لصانعي الرأي العام العربي يقفز مرة أخرى إلى الواجهة، مع التنفيذ الكامل للاستراتيجية الأميركية، من الإعلام إلى الفن والثقافة والأدب، والعمل بدأب وإصرار غريب على نشر التفاهة والعصبية وضحالة الفكر وإشاعة الفكر الطائفي المدمر، حتّى فيما يخص قضايا دينية ووطنية وقومية لا تقبل كلّ هذا العبث بمستقبلنا.

إيران ومن باب مسؤولياتها الدينية وواجباتها الإيمانية الثابتة، والتي عبر عنها الإمام روح الله الخميني –قده - وجدت في القدس قضيتها، ودخلت إلى مسرح الصراع تقدم كلّ ما تستطيع للمقاومة العربية الفتية القليلة آنذاك، وجزء من رد دين مستحق لطهران هو أن نقول حقيقة ما حدث، وأن كارثة خروج الدول العربية تباعًا من الصراع، قد جعل من الدخول الإيراني قبلة حياة لهؤلاء الأحرار.

قصة شهيد المقاومة والمحور الكبير اللواء زاهدي، تختصر الكثير من المشاعر تجاه هؤلاء الأبطال، من عرفناهم ومن لم نعرفهم على الإطلاق، ومن منعت احتياطات الأمن والسرية من الإحاطة بما قدموه في سبيل أمتهم ودينهم، وما كانت عليه روحيتهم وصفاء أرواحهم مع الله سبحانه وتعالى. اللواء زاهدي، طبقًا لحديث سماحة السيد حسن نصر الله قد أمضى 14 عامًا مجاهدًا مقاتلًا عاملًا غريبًا، لتحصد أمته كلها ثمار عمله الجهادي وبركات دمائه الزكية اليوم، اليوم بالذات، نصرًا على عدوها الصهيوني الحقير، وكسرًا لإرادة أقوى قوة عسكرية في الكوكب. من المثير للأسى والحنين أننا نحتاج إلى أن نقف وأن نتعلم من مسيرة هؤلاء الشهداء الكثير.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

خبر عاجل