معركة أولي البأس

طوفان الأقصى

"طوفان الأقصى" والنصر الغزّي الخالص
03/04/2024

"طوفان الأقصى" والنصر الغزّي الخالص

‏إنّ العدو الصهيوني ومنذ موته في السابع من أكتوبر/تشرين أول، أمَدّته الولايات المتحدة بكل أسباب البقاء والعودة للحياة، لكن دون طائل، حدّ أنّ كل الخطوط الحمراء وكل المحاذير السياسية والقانونية والعسكرية والإنسانية قام العدو بتجاوزها وكسرها، وفي كل لحظة يرتكب المزيد من الجرائم ليغطي بها على الجرائم.

‏جريمة مجمع الشفاء الطبي المتكررة مثلاً، وحجم الفظائع التي ارتكبها وبدأت بالتكشف فور انسحابه ولا زالت، قام بتغطيتها والتشويش عليها بارتكاب جريمة أكثر صدىً وأوسع نطاقاً، باستهداف القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، فأصبحت هي الجريمة الأحدث، وصرفت الأضواء عن جريمة مجمع الشفاء، وكيف يغطي هذه الجريمة؟ قطعاً بارتكاب جريمة جديدة، وقد تكون جريمة اغتيال عمال الإغاثة الأجانب المنتسبون للمطبخ العالمي في هذا السياق.

‏طبعاً ليس الهدف النهائي لجريمة استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، هو التغطية على ما سبقها من جرائم، بل هي محاولة "أمريكية" لاستفزاز طهران، وجرّها نحو ردّ فعلٍ  انفعاليٍ وغير محسوب، يؤدي بنتيجته إلى توسيع دائرة الحرب، فيتم إعفاء الكيان من عار الهزيمة أمام غزة الصغيرة والمحاصرة متواضعة التسليح والإمكانات، بكل ما لهذا من تداعيات استراتيجية ومعانٍ عميقة آنية ومستقبلية، ويتم تصوير الأمر باعتباره نزال قوتين إقليميتين، وبالتالي بالإمكان تبرير الهزيمة، بغض النظر عن طبيعتها، أهدنة أم وقف نارٍ وانسحاب.

‏ولكن هذه محاولات يائسة، لأنّ المعطيات كما المواقف، تشير إلى أنّ هناك قراراً اتخذه محور المقاومة، بأنّه كما كان السابع من أكتوبر/تشرين منجزاً فلسطينياً خالصاً، يجب أن يكون انتصار غزة انتصاراً فلسطينياً خالصاً، وأن يبقى جميع أفراد المحور في حالة إسنادٍ وتضامن رغم الاشتراك في الدم والمصير، ولكن لأنّ المحور يعرف معنى أن تنتصر غزة، يريده نصراً غزياً خالصاً، والإدارة الأمريكية كذلك تدرك مفاعيل ذلك على المستقبل القريب للكيان المؤقت، تريده إقليمياً دون غزة.

‏مع الأخذ بعين الاعتبار حسب الاعتقاد الأمريكي، أنّ النصر الإقليمي ليس من السهل تظهيره، حيث مع الضربات الأولى يتم رفع الصوت عالياً للتدخل الفوري لوقف الأعمال القتالية، وبالتالي يصبح الاتفاق إقليمياً برعاية دولية، وتكون غزة حينها تحصيل حاصل، ويتم شملها بوقف القتال، وبالتالي تفريغ المترتبات الاستراتيجية لطوفان الأقصى على مصير الصراع من مضمونها.

‏ولكن هذا لا يعني أنّ الجمهورية الإسلامية في إيران لن تردّ على هذه الجريمة والتجاوز الخطير، ستردّ إيران بما يتناسب مع حجم الجريمة، وستأخذ بعين الاعتبار في زمانها ومكانها، كل العوامل والظروف التي تمنع الولايات المتحدة من تحقيق الهدف المشار إليه آنفاً عبر استفزاز إيران، وفي نفس الوقت سيكون رداً صادماً للكيان المؤقت والإدارة الأمريكية، يعيد الهواجس الصهيونية لرعب الحرب الأخيرة.

‏ولكن الغريب والمريب في آنٍ معاً، هو أنّ أشدّ الخلق انبطاحاً وتخاذلاً وتطببعاً وعمالةً وتأسرلاً، وهم الأكثر انتشاءً وحبوراً وشماتة بالقصف الصهيوني للقنصلية الإيرانية، هم أنفسهم الأكثر مزايدةً على إيران، وهؤلاء لا يمكن الحديث معهم لأنّهم مجرد أشياء لا تعقل، والدليل أنهم لو كانوا ليسوا مجرد أشياء، لاختفوا خجلاً حين تردّ إيران، لكن ستجدهم يبدأون الحديث عن مسرحيات وعلاقات سرية تحت الطاولة ومؤامرات متفق عليها بين إيران والكيان، إنهم أشياء صماء الدماغ ببغائية اللسان.

‏في الخلاصة ستردّ إيران بما يتناسب مع هزيمة عار للكيان في غزة، دون إعطائه فرصةً للهروب من هذا الاستحقاق، ولكن ما لا يمكن التنبؤ به، هو ردّ الفعل الأمريكي على ردّ إيران،  هل تواصل عمليات الاستفزاز لحماية الكيان المؤقت وحماية وجودها ونفوذها من تداعيات نصرٍ فلسطينيٍ غزاويٍ خالص؟ أم تكتفي ولو مؤقتاً لتحاول البحث عن مخارج أقل كلفة من حربٍ شاملة؟

 

إقرأ المزيد في: طوفان الأقصى