معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

اجتياح رفح.. خطوة نحو نهاية الكيان
26/03/2024

اجتياح رفح.. خطوة نحو نهاية الكيان

لماذا يصرّ رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو على خطوة اجتياح رفح؟  السيطرة على المعبر من أجل فتحه باتّجاه مصر، وباتّجاه واحد، هو ما تسعى إليه حكومة الكيان، بهدف إجبار مصر، ثمّ الأردن إلى الاستجابة للمطالب الصهيونية باستقبال الفلسطينيين وتوطينهم؛ أي إنه باختصار إذا ما استطاع الكيان تنفيذ الهجوم على رفح والسيطرة على المعبر فالدور القادم سيكون على أهل الضفّة، وبخاصة سكان المخيمات فيها. وفي هذا الإطار، من المفيد الالتفات إلى أن وتيرة الاعتقالات والاقتحامات في الضفة الغربية بلغت مستوى مرتفعًا، تزامنًا مع العدوان على غزّة بشكل يومي ومكثّف.

هذا الكلام يضع في الحسبان، بالتأكيد، حجم العمليات البطولية التي تقوم بها المقاومة، والتي كانت فوق جميع التوقعات، في نوعية تطوير السلاح وطرائق القتال البطولية منها ما هو من المسافة صفر، والإيمان بأن ليس أمام الفلسطينيين سوى المقاومة. ولذلك؛ اللقاءات والمباحثات من أجل وقف القتال في غزّة، والتي أراد وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية أنتوني بلينكن إقحام مصر والأردن وقطر فيها بالطريقة التي تناسب الأميركيين والصهاينة، كانت تديرها المقاومة بعقلية المنتصر والقادر والعارف: أن من يجرّب المجرّب؛ عقله مخرب. فلا تسليم للأسرى ولا وقف للقتال ولا هدنة إلا بتحقيق ثلاثية حماس، وهي إرسال المساعدات الغذائية والطبية والوقود، الانسحاب الاسرائيلي من القطاع، وتحرير الأسرى الفلسطينيين، ويكون تحرير الصهاينة على وقع إيقاع عملية إعادة بناء غزّة. وهذا ما لن يرضى به أعداء غزّة وفلسطين، ولذلك كان تأكيد نتنياهو للمرة السادسة لبلينكن بأنه "سيدخل إلى رفح".

حماس نتنياهو وإصراره على دخول رفح، ابتدأ منذ11 شباط/ فبراير، وفي لقاء على "إي بي سي نيوز" أكد أن عدم دخول المدينة معناه خسارة الحرب، زاعمًا دائمًا بأنه سيضمن "ممرًا آمنًا للمدنيين". وتبجّح نتنياهو بأن النصر في متناول أيد الصهاينة، في حين أن قادته ابتدأوا منذ أكثر من شهر الحديث عن أن "إسرائيل" خسرت الحرب في غزّة. ومع ذلك؛ رئيس حكومة الكيان ما يزال مصرًا على القرار الذي اتّخذه، ورأى أن: "أولئك الذين يقولون يجب أن لا ندخل رفح مطلقًا، يقولون لنا في الواقع إننا يجب أن نخسر الحرب، ونترك حماس هناك". وهو ما أصر على المضي به خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتس، خلال الأسبوع الماضي، هجوم يرى فيه شولتس أنه سيجعل السلام الإقليمي "صعبًا للغاية".

يبدو أن التحذيرات التي أطلقها بلينكن حول وقوف الولايات المتحدة ضدّ النية بهجوم رفح، والتحذيرات الألمانية، التي عادت وتكرّرت على لسان وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بأن ألمانيا ضدّ الهجوم على رفح، لم ولن تلق صدى عند نتنياهو. ربما هذا ما أدى الى الإذن الأميركي، كي يتبنى مجلس الأمن الدولي قرارًا يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، في شهر رمضان المبارك، فلم تستخدم الولايات المتحدة حق الفيتو واكتفت بالامتناع عن التصويت على القرار.

الأسباب الإنسانية بوجود أكثر من مليون نازح في رفح وانكشاف حجم الكارثة الانسانية في القطاع بات كلفًا ضاغطًا ومحرجًا للادارة الأميركية، سيّما مع تأثيرها على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، لكنه إحراج يبدو أنه لا يعني نتنياهو الماضي في سياسته. وبحسب "رويترز" في الـ 20 من هذا الشهر، كان هناك تصريح لمجرم الحرب، نتنياهو، خلال اجتماع سري للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، بأنّ هناك جهات صهيونية تتعاون مع الولايات المتحدة وتمنع عملية عسكرية في رفح، وتمنع انتصار "إسرائيل" على حماس، بحسب تعبيره.

سواء كان خبر عدم مشاركة بايدن بخطة الهجوم صحيحًا أم لا، فالأميركيون يعلمون أن الخطة تتضمن فتح ممر، مثل باقي الممرات التي فتحت خلال حصار شمال غزّة، والتي اعتمدت على التدمير الشامل للمدينة وارتكاب المجازر المهولة ضدّ سكان غزّة. وهذه هي الخطة ذاتها التي سيستخدمها نتنياهو في رفح، ما عدا، أن القضية بالنسبة إليه لا تقف عند حد فتح الممرات من مصر إلى فلسطين من أجل تمرير المساعدات، وإنما في فتح المعبر لدفع الفلسطينيين نحو مخيمات جديدة تقام لهم على الجانب المصري، ومن ثمّ بسط سيطرة جيش العدو على الممر القادم باتّجاه فلسطين.

يعلم نتنياهو عمق المحاذير الأميركية في حال خسارة الكيان للحرب في غزّة. ولكن انطلاقًا من معرفة نتنياهو أن أميركا لن تكون قادرة على مراقبة "إسرائيل" وهي تكتب نهايتها بيديها، يعمل ما بوسعه من أجل تحقيق الأهداف التي وضعها ضاربًا بالتحذيرات عرض الحائط. ومنذ أن شهدنا في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر ذلك العناق العاطفي والتشجيع السخي الذي ساقه بايدن لبيبي الكيان، والأمور تسير باتّجاه ما يأمل نتنياهو تحقيقه، وهو قتل المزيد من الفلسطينيين وتفريغ غزّة من أهلها. ومما شهدناه من عطايا الولايات المتحدة لطفلها المدلل المزيد من الوقت والقدرات العسكرية وإعطاء مجموعة من المتطرّفين من مصاصي الدماء الضوء الأخضر لسفك المزيد من الدم الفلسطيني. وهذا ما كان يخطط نتنياهو لتحقيقه، منذ اللحظة التي أعيد فيها انتخابه، هو ومن ورائه من المتطرّفين الصهاينة، سواء في الكيان أم في الدولة الأميركية. ومع ذلك، لنكن واقعيين، أميركا تعلم والصهاينة يعلمون والعالم الغربي من وراءهم يعلم، ونحن نعلم بالتأكيد، أن الصهاينة سيخسرون معركة رفح، وحين تنتصر المقاومة ستكتب بداية نهاية الكيان بالحبر العريض، وهذا ما يخشاه الأميركيون بالتحديد.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات