نقاط على الحروف
"خطيئة" الأخت مايا فضحت اليمين
منهال الأمين
كيف بدت الراهبة مايا زيادة وهي تخاطب طلابها؟ هل كانت يمينية تائبة، أم يمينية معتدلة، أم يمينية تحولت إلى تأييد خط المقاومة؟ التدقيق في كلام الراهبة يقود إلى فضح ضيق أفق اليمين الذي ما زال حيًا، وكلما شعر أنه يموت عاد وأحيا مرحلته المتصالحة المتحالفة مع العدو. هل يفضح هذا اليمين نفسه؟ هل يمكن أن نعيّره بما هو عارُ؟
كيف تعامل اليمين مع خطاب الأخت زيادة؟ هذا اليمين بالمناسبة غير ماروني ولا مسيحي فقط، هو جزء من أجزاء، وتمدد وتوسع في كلّ الطوائف. هذا اليمين المتطرّف استكثر أن يبدي أطفال تعاطفًا مع أطفال مثلهم يعانون. تمامًا كذاك الذي وصف بيئة المقاومة بأنها ملأى بالعملاء، نظرًا إلى اختراقات العدو الصهيوني والاغتيالات التي تنفذها أجهزته بشكل شبه يومي في الجنوب.
اتهام البيئة كلها. هذا ما لا يجوز، ولذا، يجب أن لا يجوز أيضًا الهجوم على بيئة بأكملها ونسبتها إلى اليمين، مهما كثر الحاقدون المحرضون فيها.
وجدنا على وسائل التواصل الاجتماعي أصرار ناشطين كثر على إضفاء صبغة مارونية على الحملة، بينما نجد موارنة - مهما كان عددهم وحجمهم - يستنكفون عن هذا الأسلوب، لا بل يستنكرونه ويهاجمون أصحابه، لا سيما تعليق رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل، الذي رأى أن طلب الأخت مايا زيادة من تلامذتها أن يصلّوا للجنوب برجاله ونسائه وأطفاله وشهدائه، إنما هو تطبيق لتعاليم السيد المسيح، مبديًا كلّ التقدير والاحترام لها.
شكل تفاهم 6 شباط 2006 محطة أساسية في الحياة السياسية في لبنان. وضع حدًا لخلاف تاريخي، لمسار طويل من الموقف المتشدد، من فئة أساسية في لبنان، هي الموارنة. كان التفاهم بداية لتشكّل حالة ما ضدّ اليمين في المجتمع المسيحي، ونجح إلى حد بعيد في نبذ الأحقاد والأضغان. وشكلت حرب تموز محطة اختبار قاسية جدًا لهذا التوجّه – التفاهم، وكانت محطة حقيقية واقعية جدًا لاختبار حسن نوايا، وصدق بداية جديدة، وصلابة مواقف طرفي التفاهم المتبادلة جنبًا إلى جنب.
ولكن، بقي اليمين مصرًا على العبث، على أن لا تموت يمينيته، فزايد على المتخففين من وطأة اليمينية، ليجرهم مجددًا إلى ملعبها. ولكن، هل تنفع الأدبيات اليمينية تكتيكًا، أم أن الطبع يغلب التطبع؟
هل العودة إلى مربع اليمين الأول الأكثر تطرفًا هو الحل؟ هل هو خيار استراتيجي، أم مجرد تكتيك؟ وهل يُسمح لليمين القواتي اللحدي باللعب بالساحة اللبنانية في هذا الوقت الحساس؟ هل يجوز التغاضي عن تلك اللغة المحرضة لمسحيي الجنوب، وتحديدًا في قرى المواجهة ضدّ المقاومة؟
من هنا، يمكن عدّ موقف النائب باسيل استراتيجيًّا في مقابل من يحاول أن يجعل مواجهة العدوّ عرضة لإطلاق النار، خصوصًا في زمن الحرب. وفي زمن الحرب، حين تتكلم الدماء، لا أقله، فإنه لا يجوز وضع تلك التضحيات كموضوعة من مواضيع السجال الداخلي، وهذا مسلم به في كلّ المجتمعات البشرية، غربًا وشرقًا، جنوبًا وشمالًا.
هنا تكمن "خطيئة" الأخت مايا؛ خطيئة فضح اليمين. والخطيئة الحقيقية هي خطيئة الانقلاب على التخفف من تلك اليمينية البغيضة عن قناعة تامة، فلا يجوز أن نجد أنفسنا أمام حقيقة جارحة، لا ينفع معها التكتيك، ولا تجدي الاستراتيجيا، لأن لا مجال للعب الكبار.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024