نقاط على الحروف
تعقيدات جيوسياسية جديدة في منطقة غرب آسيا
د. زكريا حمودان
دخلنا الشهر الخامس على النار المشتعلة في منطقة غرب آسيا، لا أحد يشعر بالاستقرار هنا إلا أبناء الأرض، يضاف إلى استقرارهم النضال المستمرّ من دون كللٍ أو ملل.
منذ انطلاق معركة طوفان الأقصى كانت الأنظار تتّجه نحو قطاع غزّة، لكن اليوم نحن أمام مشهد جديد دخلت في تعقيداته الكثير من الدُوَل والفصائل وصولًا إلى القضايا الجيوسياسية الجديدة التي فرضها تدحرج الأحداث.
هل يسهم الانتصار في رفع الحصار؟
دخلت منطقة غرب آسيا الشهر الخامس متحصنةً بصمود المقاومة الباسلة مقابل حصار اقتصادي مطبق قد جهزت له الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها في المنطقة، وعندما تتضارب التناقضات في السياسة ينشأ الحاصل الجديد لهذه التناقضات والمتمثل بصمود مطلب رفع الحصار!
إنّ صمود مطلب رفع الحصار هو جزء لا يتجزأ من نتيجة المعركة في قطاع غزّة، فمن البديهي اليوم أن يكون لدينا رفع للحصار الاقتصادي والإنسانيّ عن القطاع، وهذا ما لحظته الورقة التي قدمتها حركة حماس للوسطاء. لكن إذا ما خرجنا نحو جغرافيا المنطقة نجد أن المفاوضين الكبار ما يزالون يبحثون بشكل واضح عن مرحلة ما بعد غزّة إنما ليس في غزّة، بل في لبنان وسوريا والعراق واليمن!
ماذا بعد غزّة في ساحات المساندة؟
لم تنقضِ ساعات على انطلاق معركة طوفان الأقصى حتّى أعلنت المقاومة الإسلامية في لبنان مساندتها لقطاع غزّة بحسب ما تراه المقاومة مناسبًا للواقع المحلي والإقليمي والدولي. المفارقة في لبنان أن المقاومة فرضت واقعًا منطقيًا خدم غزّة ولبنان في آنٍ؛ فأصبح لبنان مزارًا للموفدين الغربيين الذين قدموا كثيرًا من الطروحات للمقاومة ولبنان، الأمر الذي يفتح الأفق على بابين:
١ - عدم وقف المعركة في لبنان قبل توقفها في قطاع غزّة.
٢ - بدء ارهاصات الحلول المحلية تتبلور على مستوى رفع الحصار الغربي عن لبنان والجدية العالية في تقديم حلول لا عراقيل سياسية فيها.
أما في العراق؛ فكانت فصائل العمل المقاوم تطلق شعار المساندة لقطاع غزّة وتفتح النار على أعداء القضية الفلسطينية وأعداء غرب أسيا، سواء كان الأميركي أم الإسرائيلي. انطلاقًا من هنا كانت العمليات البطولية للمقاومة العراقية التي قدمت نموذجًا في ضرب الاستكبار من دون تردّد أبدًا، حتّى أنها أبدت حكمة كبيرة في مسار المعركة حيث ثبتت في تصريحاتها الإعلامية أهمية خيار المقاومة لطرد الاحتلال بمختلف أشكاله.
جبهة اليمن انطلقت مسانِدةً لقطاع غزّة وما تزال تعطي النموذج الجيوسياسي الأكثر تعقيدًا، فتجارة العدو في باب المندب وبوابة العالم نحو المتوسط وأوروبا حصلت على البطاقة الصفراء وبالتالي أصبحت مهدّدة بسبب الآداء المتهور للعدو الإسرائيلي والماكينة الأميركية والبريطانية في المنطقة.
ما يحصل اليوم يؤكد بوضوح أن منطقة غرب آسيا تتفاوض بالنار لكن هذه المرة ضمن حسابات جيوسياسية مختلفة تتمثل بساحات المقاومة التي تنشط بتناغم كبير يوضح أن غرف عمليات محور المقاومة تتفاعل إيجابًا مع التعقيدات الجديدة في منطقة غرب آسيا.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
12/11/2024
جونسون بعد شيا: وكر الشرّ لا يهدأ
09/11/2024
أمستردام وتتويج سقوط "الهسبرة" الصهيونية
08/11/2024
عقدة "بيت العنكبوت" تطارد نتنياهو
07/11/2024