خاص العهد
المنظّمات الشبابية الطلابية.. شباب على طريق فلسطين
فاطمة سلامة
ليست صُدفة أن تتّبع الولايات المتحدة الأميركية ومعها الغرب بكلّ ما أوتيت من قوة "استراتيجية الإلهاء" في مجتمعاتنا. رُصدت في هذا السياق أموال طائلة، والمستهدفون بالدرجة الأولى هم فئة الشباب. أما المطلوب، فصرف النظر عن القضايا الهامة و"التلهّي بالتفاهة". وفي هذا السياق، يأتي الانغماس بكلّ ما هو إلكتروني لتخدير العقل والعمل على محدودية التفكير لمصلحة أجندات غربية بعيدًا عن قضايا الأمة. المفكّر الأميركي نعوم تشومسكي أدرج "استراتيجية الإلهاء" ضمن 10 استراتيجيات تستعملها الدول للتحكم في الشعوب. وفق تعريفه، تُلهي هذه الاستراتيجية الشعوب وتلفت اهتمامهم عن المشاكل والتغييرات المهمّة عبر استعمال تقنيات إغمار واكتساح الإعلام بشكل دائم ومستمرّ بكلّ ما يصرف الانتباه وبأي معلومات تافهة ومبتذلة، ليُصبح العقل نتيجة لذلك أكثر خضوعًا وأقل ميولًا إلى النقد.
بهذا المعنى، يكون للشباب، وهم الفئة الأكثر استهدافًا، دور أساسي لمواجهة هذه الاستراتيجية والحذر منها. المواجهة لا تكون بالابتعاد عن "الإلهاء" فقط، بل بالتمسُّك أكثر فأكثر بالقضايا الجوهرية. وفي هذا الصدد، تبرز القضية الفلسطينية محور قضايا الأمة كهدف أساسي يسعى الغرب لتغييبه عن بال الجيل الصاعد. والشواهد في هذا الإطار كثيرة. من هنا، تبرز أهمية المنظمات الشبابية الفاعلة في الشأن الفلسطيني كسد منيع لإحباط المحاولات الغربية. تبدو هذه المنظمات الأكثر قربًا من القضية الفلسطينية لإبقائها حيّة وترسيخها في العقول والجيل الصاعد أكثر فأكثر.
اللجنة الشبابية الطلابية لدعم القضية الفلسطينية واحدة من المنظمات التي لها باع طويل في دعم فلسطين. قدّمت هذه اللجنة نموذجًا عن الشباب الواعي الداعم لهذه القضية الاستراتيجية. يعود تأسيس اللجنة لعام 2003، وفي عام 2018 أعيدت كتابة نظامها الداخلي وأعيد انبثاق الهيئة التنفيذية عنها بموافقة جميع الأطراف فيها. المنسّق العام للجنة إيهاب المقداد يتحدّث عنها لموقع "العهد" فيلفت إلى أنها تضم كلّ الأحزاب اللبنانية الفعّالة في الشأن الفلسطيني على المستوى الشبابي. أقفلت اللجنة الباب على 42 تنظيمًا ومنظمة شبابية، منها على سبيل المثال على الصعيد اللبناني؛ التعبئة التربوية في حزب الله، مكتب الشباب والرياضة في حركة أمل، التربية والشباب في الحزب السوري القوميّ الاجتماعي، المردة، الطاشناق، المستقبل، التقدمي الاشتراكي، حتّى أنّ اللجنة ضمّت في بداية تأسيسها عام 2003 حزب "الكتائب اللبنانية" في عهد الرئيس السابق كريم بقرادوني، وعلى الصعيد الفلسطيني تضم اللجنة كلّ الأحزاب من فتح، حماس، الجهاد الإسلامي وكلّ الأفرقاء الناشطين على الساحة الفلسطينية. وفي هذا السياق، يوضح المقداد أنّ اللجنة ستُعيد فتح باب الانتساب، فبعض المنظمات غير الحزبية أعربت عن رغبتها بالانضمام كجمعية إبداع وغيرها.
تنتخب اللجنة 9 أعضاء هم الهيئة الإدارية والعليا. عملها مستمرّ ودائم وهي حاضرة في مختلف المناطق اللبنانية ولها لجان فرعية في صيدا ولجنة فرعية قيد الإنشاء في طرابلس. وفق المقداد، فإنّ نشاط اللجنة غير مرتبط بالوضع الأمني أو العسكري، بل نشاطها دائم لأن من أهم المبادئ التي تعمل عليها هي مقاومة التطبيع ولها باع طويل في هذا الإطار إن كان بملاحقة المطبّعين والتشهير بهم، أو محاربة محاولات التسلُّل للتطبيع التي حصلت مع الشعب اللبناني والفلسطيني كبعض المؤسسات المهنية التعليمية التي حاولت التسرب إلى بعض المخيمات وكانت اللجنة رافضة لها. يوضح المقداد أنّ اللجنة تفكّر خارج الصندوق وهذا ما ينعكس على نشاطاتها، فهي ليست عبارة عن ندوات ولقاءات فقط، بل لديها نشاطات فنية وشعبية. على سبيل المثال، نظّمت اللجنة نشاطات شعبية تفاعلية فنية، كالمرسم الذي شارك فيه 50 رسامًا محترفًا من لبنان وفلسطين على كورنيش عين المريسة بالهواء الطلق تحت عنوان "من شاطئ بيروت إلى شاطئ غزّة"، كما جرى تنظيم يوم حرفي ومعرض حرفيات فلسطينية سُردت خلاله حكايا فلسطينية.
تبدو اللجنة فعّالة وحاضرة وتعمل في المخيمات الفلسطينية وعلى كافة الأراضي اللبنانية على المستوى الشبابي، وفي الجامعات على المستوى الطُلابي حيث يمتد نشاطها في كلّ لبنان من عكار للناقورة. بعد عملية "طوفان الأقصى" نظّمت خمس وقفات تضامنية داخل الجامعات منها الجامعة اللبنانية الدولية، والإسلامية وغيرهما. كذلك نظّمت وقفات تضامنية أمنية أمام "الإسكوا"، كما نظّمت لقاءات تضامنية مع فلسطين بعدة مراكز مختلفة لأحزاب مختلفة آخرها كان في مكتب حركة الشعب برعاية وحضور ومشاركة النائب السابق نجاح واكيم، وسبقتها فعالية تحت شعار "وحدة الساحات" في قاعة الشهيد خالد علوان في بيروت.
وعن دور الشباب الفاعل في القضية الفلسطينية، يتحدّث المقداد عن تجربة وقناعة وخبرة بعيدًا عن العاطفة. وصَلَتنا أخبار من داخل فلسطين المحتلّة وقطاع غزّة والضفّة كم كان الفلسطينيون يفرحون بنشاطات اللجنة التي تشُد من عضُد المقاومين وبسالة شعبنا وصمودهم. وفق المقداد، تبرز أهمية هذه النشاطات في رفع معنويات الشعب الفلسطيني، عبر الوقوف مع الشعب المظلوم والأعزل الذي يتم تدميره بأعتى وسائل القتل والحرب. ينقل المقداد رسائل كانت تصل للجنة من الداخل الفلسطيني وفيها كلّ الإعجاب بمناصرتها القضية الفلسطينية ما يرفع المعنويات عاليًا.
كما يُدلّل المقداد على الدور الكبير الذي يلعبه الشباب في اللجنة عبر التشهير بالمطبّعين ومحاربة التطبيع الذي يشكّل مبدأ أساسيًا يجب أن يتبوأ له بالدرجة الأولى الشباب الواعي والمثقف ما يُرسي نظرة مختلفة للشباب، بعدما كثر الكلام عن الجيل بطريقة سيئة، بينما ثمّة جيل مقاوم مثقف يقدّم شهداء ولا ينقصه أي شيء. وفي هذا السياق، تشكّل اللجنة والطروحات التي تطرحها متنفسًا للشباب ليمارسوا وطنيتهم وانتماءهم واندفاعهم بشكل منظّم وهادف وبأنشطة يكون لها أهداف، وفق ما يُضيف المقداد.
التجربة الشبابية الناجحة في جعل القضية الفلسطينية مركزية يتحدّث عنها المقداد فيضيف إلى اللجنة الطلابية تجربته في الحزب السوري القوميّ الاجتماعي بصفته عميد التربية والشباب فيه. يتحدث عن هذه التجربة، فيقدّم بداية لمحة تاريخية سريعة عن الحزب الذي يعتبر نفسه الخطة النظامية المعاكسة للخطة إليهودية. أول الأهداف التي نشأ لأجلها هي استعادة فلسطين التي تشكّل بوصلة هذا الحزب. فلسطين تبدو أساسية في عقيدته منذ إنشائه عام 1932، وفي عام 1936 قدّم الحزب الشهيد الأول في فلسطين وهو الشهيد حسين البنا ابن بلدة شارون اللبنانية الذي استشهد في نابلس جبل النار، ومن النماذج أيضًا على الشباب المقاوم الشهيد سعيد العاص أول سوري قومي اجتماعي استُشهد، وهو يُحارب العصابات إليهودية قبل إعلان "إسرائيل" بـ 12 عامًا، حتّى أنّ زعيمه أنطون سعادة الذي اغتيل بقرار من "إسرائيل" والأنظمة العربية الخانعة التي حاولت التخلُّص منه لما كان يشكّله من خطر بعدما أسّس فرقة عسكرية تُدعى "الزوبعة" شاركت بالأعمال العسكرية في فلسطين قبل إعلان الكيان الإسرائيلي.
يشدّد المقداد على أنّ شباب الحزب السوري القوميّ الاجتماعي يحيا فلسطين التي تسير في عروقه، فتراها حاضرة في أبسط المواقف، منها على سبيل المثال، تحضر أسماء القرى والمدن الفلسطينية في أسماء كريمات شباب الحزب، كما تحضر المدن الفلسطينية في المخيمات الكشفية، وتحضر في العادات والتقاليد والنشاطات اليومية، وفي كلّ مندرجات الحياة كي لا تُنسى فلسطين. يوضح المتحدّث أنّ لعمدة التربية والشباب دورًا طليعيًّا في العمل في لبنان وسورية. يُدرج أمثلة للدلالة على دورها الفاعل، ففي لبنان مثلًا أطلقت اللجنة شعار "لا" بعد انفجار 14 شباط ومحاولات جر لبنان إلى الفتنة والعصر الأميركي، وسرعان ما تحوّل الشعار إلى حملة شبابية كبيرة جدًا نزل فيها الناس إلى الشارع، وكانت ضدّ الهيمنة الأميركية وبدأت بوقفات ضدّ السفارة الأميركية حيث تمكّن الشباب من تثبيت جوهرية لبنان في الصراع المعادي للمحور الإسرائيلي.
يستذكر المقداد محطة أخرى كان للحزب السوري القوميّ الاجتماعي دور كبير فيها، كالقرار 1559 ومواجهة الحزب للهجوم الذي تعرض له لبنان ومحور المقاومة حيث كان لعمدة التربية والشباب دور أساسي بتوجيه الشباب نحو سورية ودورها في إحلال السلام مرة أخرى في هذا البلد. كما عمل الحزب على مقاومة الطائفية المستشرية في النظام اللبناني على قاعدة 6 و6 مكرّر، لتلعب هذه الحركة الشبابية في لبنان دورًا مهمًا في خدمة الشباب بشكل عام.
الحزب السوري القومي الاجتماعياللجنة الشبابية الطلابية لدعم القضية الفلسطينيةالتربية والشباب