نقاط على الحروف
الصراع من الداخل .. "مجلس الحرب" الإسرائيلي يتصدع
خليل نصر الله
لا دخان من دون نار، هذا ينطبق على مجلس الحرب الإسرائيلي، اشتباكات بأبعاد عدة تحدث داخله، منها ما يتعلق بمستقبل "الحرب" على غزة وحركة المقاومة الإسلامية ـ حماس تحديدا، ومنها ما يتعلق بمستقبل "زعامات" سياسية ترى أن إنهاء الحرب يعني سقوطها، وهي معركة "نتنياهو" تحديدا.
لم تخف التصدعات نفسها، فتعابير أعضاء مجلس الحرب وتصريحاتهم تؤكد أن ثمة أفقاً غامضاً لمستقبل المجلس، بل والحرب برمتها، خصوصا أن ما يتحقق من خلال الحرب التي رفع لها أسقفا عالية لا يتعدى الإنجازات التكتيكية، فيما في البعد الاستراتيجي، ثمة مأزق يتعمق، وهو ما يربط بعض أقطاب المجلس الحربي بينه وبين الوجود، كما عبر "يوآف غالانت"، وزير الحرب، أكثر من مرة، وكذلك "بني غانتس" الوافد من "المعارضة" إلى جوار بنيامين نتنياهو منذ الأيام الأولى لإعلان "حالة الحرب" وبترتيب أمريكي واضح.
قبل أيام يقول "غادي إيزنكوت"، عضو مجلس الحرب، وصاحب ما يعرف بـ "عقيدة الضاحية": "من يتحدث عن الهزيمة المطلقة لحماس لا يقول الحقيقة، وأن أهداف الحرب على غزة لم تتحقق بعد"، قبل أن يلحق تصريحه بتصريح آخر يتحدث فيه عن حتمية الذهاب نحو صفقة تبادل أسرى مع حماس.
تصريح إيزنكوت، لا يعدو كونه إعلان هزيمة استراتيجية، لكنه عبر بشيء ملطف، وكان واضحا أن كلامه موجه إلى أعضاء في المجلس، وكذلك نتنياهو نفسه، الذي تتهمه أوساط أميركية باطالة أمد الحرب لمطامح ذاتية، وهو ما يستدل عليه من تسريبات عدة لمسؤولين أمريكيين يتحدثون عن انزعاج داخل إدارة جو بايدن من توجهات نتنياهو، الذي بات على ما يبدو يشكل عبئا أكثر من كونه معرقلا لمسارات تريدها واشنطن.
لكن الأخطر، إسرائيليا، هو ما سربه موقع "والاه" الإسرائيلي حول اقتحام "يوآف غالانت" مكتب نتنياهو، واشتباكه معه كلاميا وأن الأمر كاد أن يتطور لعراك بالايدي، قبل أن يبادر الأول إلى تهديد نتنياهو بقوة من لواء غولاني.
هذا الحدث، وفق الرواية الاسرائيلية الإعلامية، ليس أمرا يمكن العبور عنه، فهو حتى لو لم يكن بالحدة التي تم تناقلها، الا أنه مؤشر واضح على تطور "التصدع" داخل مجلس الحرب، والذي وصل حد "الفريق الواحد"، أي فريق نتنياهو. صحيح أنها ليست المرة الأولى التي يتخاصم فيها الرجلان، حيث كان نتنياهو قد أقال "غالانت" على خلفية موقفه من "التعديلات القضائية" قبل ان يعود عن الأمر، لكن المرحلة الحالية مختلفة تماما، لاعتبار أن "الكيان" بحرب على أكثر من جبهة، وثمة تحديات كبيرة، بعضها صعب الحل في المدى المنظور، وبعضها يتعمق في البعد الاستراتيجي.
في الواقع، المشهد يبين تصدعا متعدد الجوانب، وهو ليس بين فريقين مختلفين حول وجهات نظر، وأسبابه كثيرة وعميقة، وعليه إن قابلية الانفجار كبيرة ومرتفعة، وإن وقعت فإن نتائجها ستكون كارثية سواء فيما يتعلق بالحرب العدوانية على قطاع غزة أو فيما يتعلق بالمآزق الاستراتيجية المتعلقة بالجبهات، أو على الواقع السياسي القائم داخل الكيان، إن على صعيد الأحزاب فيما بينها أو ضمن الحزب الواحد.
في المحصلة، يجب أن نقف أمام حقيقة واضحة، أن التصدعات المتراكمة والمتصاعدة، ليست وليدة ما بعد السابع من اكتوبر، بل بدأت قبله بزمن، والسبب الرئيس فيها هو المقاومات في المنطقة، لكن عملية طوفان الأقصى أتت لتنقل مستوى الاشتباك الإسرائيلي ــ الإسرائيلي إلى مستويات أعلى قد يصل حد "الانفجار" غير القابل للترميم داخليا، وهو ما سينعكس على مستقبل الكيان في فلسطين من جوانب عدة.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024