معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

"إعادة الانتشار" في الحديدة أحادية الجانب: خطوة تحرج الأمم المتحدة وتفضح تحالف العدوان
12/05/2019

"إعادة الانتشار" في الحديدة أحادية الجانب: خطوة تحرج الأمم المتحدة وتفضح تحالف العدوان

اسماعيل المحاقري

بعد خمسة أشهر من عجز الأمم المتحدة  وقلة حيلة المبعوث الأممي مارتن غريفث في اقناع رباعية العدوان" أمريكا، بريطانيا، السعودية، الإمارات" على ضرورة إجبار الطرف الموالي للرياض تنفيذ التزاماته بشأن اتفاق استوكهولم الخاص بالحديدة والمعلن عنه في الثامن عشر من شهر كانون الاول/ ديسمبر العام الماضي.. بدأ الجيش واللجان الشعبية السبت الموافق الثاني عشر من شهر أيار/ مايو تنفيذ المرحلة الأولى من إعادة الانتشار من ميناءي "الصليف، ورأس عيسى" من طرف واحد بإشراف أممي ووفق لوليسغارد رئيس لجنة التنسيق الأممية فالعملية التي رحب بها ستنتهي بحلول الثلاثاء.

خطوة مهمة لتبيين حرص القوى الوطنية على انجاح وانعاش هذا الاتفاق لجهة تخفيف معاناة المواطنين وإسقاط خطاب الحرب ومبررات الإعاقة وتضليل الرأي العام، وتطور من شأنه إعادة إحياء التفاؤل بمسار التفاهمات ان صدقت نوايا المجتمع الدولي وبالتالي التحفيز للمضي نحو السلام الشامل والعادل لإيقاف العدوان المستمر منذ أكثر من أربع سنوات وما نتج عنه من كارثة إنسانية هي الأسوأ في العالم.
 
لكن اقتصار تلك المرحلة على خطوات أحادية الجانب يبقي الباب مفتوحاً على إمكانية تملّص قوى العدوان، مجدداً، من تطبيق التفاهمات كما حدث سابقا في أعقاب اعادة الانتشار من ميناء الحديدة وتسليمه لقوات "خفر السواحل" نهاية كانون الاول/ ديسمبر الماضي بحضور رئيس لجنة التنسيق الأممية السابق الهولندي باتريك كاميرت.

ومنذ ذلك الحين وإلى اليوم كان المبعوث غريفيت لا يغادر صنعاء حاملاً معه تفاؤله فيما يتصل بمستقبل الاتفاق والتفاهمات المتعلقة.. الأسرى وملف الاقتصاد، حتى يعود إليها بمقترحات جديدة تعكس تواطئا دوليا مع أمراء النفط وتغاضيا لمساعي العرقلة والمماطلة التي يبديها الغزاة ومرتزقتهم على الأرض لتمرير أجندات تتعارض مع جوهر وروح الاتفاق.

تلك التحركات والمقترحات لم تخرج عن سياق الاستراتيجية الأمريكية المسكونة بأحلام الاستعمار وإخضاع البلدان، وفق كثير من المراقبين والمتابعين ولم تفلح في تطبيع الأوضاع بالحديدة ودخول المساعدات الإنسانية والتجارية ولا في وقف الخروقات والجرائم بحق المدنيين والتحشيدات العسكرية للعدو.. إذ تفيذ المعلومات عن وصول عدد من السفن الحربية قادمة من عصب الأرتيرية إلى ميناء المخاء وهو ما ينبئ عن موجة محتملة من التصعيد العسكري قد تعقب هذا التحرك.

مؤشر يمكن قراءته من المواقف المدفوعة التي أطلقها إعلام العدوان على لسان بعض قيادات المرتزقة وأبواقه الدعائية المشككة في الدور الأممي في التنسيق والإشراف على إجراءات إعادة الانتشار بالحديدة بعد أن عبر الطرف الوطني  بخطوته المتقدمة عن إرادته الحقيقية في إحلال السلام بخلاف الطرف الآخر الذي تعرى أمام الرأي العام وانكشفت ألاعيبه والعراقيل التي وضعها وحاول من خلالها مرارا وتكرارا حرف مسار اتفاق الحديدة بمايخدم أجندات الاحتلال ويمكنها من السيطرة على كامل السواحل والموانئ اليمنية.

وتنصّ الصيغة النهائية للاتفاق التي أعلنها لوليسغارد في شهر شباط/ فبراير الماضي، على أن يتم في المرحلة الأولى انسحاب الجيش واللجان الشعبية من ميناءَي الصليف ورأس عيسى لمسافة 5 كلم، تزامنا مع انسحاب القوات الموالية لقوى العدوان من محيط مطاحن البحر الأحمر، ومن مثلث كيلو 7 إلى شرق المطاحن لمسافة كيلومتر واحد بالإضافة إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في الحديدة، وموانئها، وانسحاب القوات إلى خارجها، والالتزام بعدم استقدام أي تعزيزات عسكرية إلى المدينة. كما قضى بتسليم المدينة للسلطة المحلية، والموانئ لقوات خفر السواحل، وتشكيل لجنة مشتركة من الطرفين لتنفيذ الاتفاق برئاسة الأمم المتحدة.

شيء من ذلك لم يحدث حتى مع قرار مجلس الأمن أواخر كانون الاول/ ديسمبر تشكيل لجنة برئاسة الجنرال الهولندي باتريك كاميرت لمراقبة وقف إطلاق النار في الحديدة وما تلا ذلك في جلسة أخرى منتصف يناير، أن  أقر المجلس بالإجماع إضافة 75 مراقباً أممياً لتنفيذ الاتفاق.

والجيش واللجان ينفذون ما عليهم من التزامات على أمل إعادة تشغيل ميناء الحديدة دون أي عوائق أو اتخاذ المزيد من  الإجراءات التعسفية لعرقلة وصول المواد الغذائية والنفطية والسلع المستوردة والمساعدات الإنسانية.

يستمر تحالف العدوان في المماطلة والعرقلة في تنفيذ التزاماته وفق المكتب السياسي لأنصار الله الذي دعا الأمم المتحدة الضغط على ممثلي المرتزقة لاتخاذ خطوات مماثلة يفترض أن تكون متزامنة مع خطوة اعادة الانتشار من الموانىء وهذا ما أشار إليه ناطق أنصار الله ورئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام واضعا الكرة في ملعب المجتمع الدولي ليثبتوا ولو لمرة واحدة مصداقيتهم على الأرض قبل أن تتدحرج كرة اللهب في الساحل وبالتالي العواقب ستكون وخيمة ولن ينجو منها أحد.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات