نقاط على الحروف
"سُمح بالنشر.."
ليلى عماشا
حين ينشر الإعلام العبري خبرًا عن مقتل أو إصابة أحد جنوده، يُسبق الخبر بعبارة "سُمح بالنشر". ما يعني أن ليس كلّ ما يحدث يُنشر، وأن ما يُسمح بنشره هو أقلّ الأحداث إيلامًا. وبالتالي حين نقرأ في الإعلام العبري أن قتيلًا أو اثنين أو أكثر قد سقطوا في معارك غزّة أو في شمال فلسطين، فالعدد قابل لأن يكون أضعافًا مضاعفة، لم يُسمح بنشرها.
بكلام آخر، حين يعترف الصهاينة بإصابات طفيفة تكون الإصابات بليغة، وحين يسمح بالنشر عن الأعداد البليغة منها فهذا يعني أن ثمّة قتلى، وحين يقرّ بوجود قتيل، فالقتلى كثر. وهنا تصبح عبارة "تحت بند سُمح بالنشر" دليلًا على كذب الصهاينة حول خسائرهم، وتقود حتميًا إلى سؤال، ما الذي لم يُسمح بنشره؟
يعترف الصهاينة بالقليل من الكثير الذي يتكبدونه في المعارك والمواجهات، وحين تفضحهم فيديوهات الإعلام الحربي، سواء في لبنان أو في فلسطين، يلوذون بعدم التعليق المكابر، أو يمضون في الكذب إلى آخره، فيدّعون مثلًا أن الميركافا المحترقة بالكامل من داخلها، لم تُحرق جثث الجنود. وبعد ذلك، يبدأون بتمرير أخبار موت جنودهم تباعًا. واللافت في الأمر، أن الكذبة المتكرّرة تلك لم تعد تقنع حتّى أغبى المستوطنين هناك، فتراهم ينتظرون الأخبار الصادرة عن المقاومة كي يعرفوا بما لحق بهم من خسارات بشرية وعسكرية.
أما الصحف "الاسرائيلية" وبخلال محاولاتها تقصّي أعداد الإصابات في صفوف الجنود، فتقع في الفجوات الهائلة بين الأرقام التي يصرّح عنها الجيش رسميًا وتلك التي يمكن لها تتبعها من المستشفيات أو عبر وزارة الصحة، ولا تلبث أن تحذف الأرقام الهائلة التي تقوم بنشرها. في التاسع من كانون الثاني على سبيل المثال، ذكرت صحيفة ""يديعوت أحرونوت"" أن عدد إصابات الجيش وصل إلى 5 آلاف، قبل أن تحذف الرقم، وتنشر رقمًا جديدًا لأعداد الجرحى هو ألفان.
كما يذكر الموقع الإلكتروني لجيش العدوّ الإسرائيلي أنه حتّى يوم 13 يناير/كانون الثاني 2024، وصل عدد الجنود المصابين منذ بدء الحرب إلى 2511، من بينهم 1099 إصابة منذ بدء طوفان الأقصى، فيما تظهر "وزارة الصحة الاسرائيلية" وبيانات المستشفيات أن أعداد الجنود المصابين التي نشرها الجيش أقل بكثير من أعداد الإصابات إذ استقبلت المستشفيات 13080 إصابة، بينها 580 إصابة حرجة، منذ بدء الحرب.
وعلى الرغم من أن الرقابة العسكرية تحاول محاصرة الأرقام الحقيقية المتعلقة بخسائرها وتقيّد نشرها، إلا أن بعض وسائل الإعلام تنشر تباعًا أرقامًا ضخمة حول أعداد الإصابات، وتحصل عليها سواء من داخل المستشفيات أو من رصد بيانات وزارة الصحة وهي أرقام تكذّب تمامًا الأرقام المُعلنة من جيش العدوّ عن عدد المصابين بصفوفه. على سبيل المثال، أعلنت صحيفة ""يديعوت أحرونوت"" في الخامس من يناير أنّه من المتوقع أن يدرج الجيش في قوائم المعاقين 12500 جندي، فيما يتوقع أن يصل نطاق طلبات التأهيل بأقسام المعاقين إلى 20 ألف طلب.
كما قامت صحيفة ""إسرائيل" اليوم" في بداية العام الحالي بنشر بيانات من الهيئة الطبية التابعة لجيش الاحتلال، وأفادت بأن 3221 جنديًا أصيبوا منذ 7 2023، وتم إجلاء 2438 منهم وإدخالهم إلى المستشفى، وهذا الرقم أعلى من الرقم الرسمي المنشور على موقع الجيش وهو 2511 إصابة.
بين "سُمح بالنشر" وبين الفجوات الهائلة بين الأرقام المعلنة وتلك المسرّبة، تبقى خسائر العدوّ ولا سيّما البشرية منها نقطة يستميت في محاولة إبقائها طيّ الخفاء، ليس فقط بهدف عدم الإقرار بهزيمته أمام المقاومة وبتصدّع جيشه الذي يعني حتمًا تصدّع كيانه ووجوده، بل أيضًا بهدف محاولة الحفاظ على ما تبقى من ماء وجهه بعين "المستوطنين" الذين يعيشون جميعًا "أزمة ثقة" مهولة تجاه جيشهم ومقدّراته.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
02/12/2024
كيف حقّقت المقاومة نصرها العسكري والسياسي؟
30/11/2024
قراءة في خطاب النصر!
28/11/2024
شواهد من يوم النصر الأعظم
28/11/2024
نصرك هز الدنيا.. ولو بغيابك يا نصر الله
28/11/2024