نقاط على الحروف
بلينكن والسؤال المأزق: ما مصير الكيان بعد غزة؟
مفيد سرحال
ليس خافيًا أن أميركا تتولى إدارة الحرب على غزة تجهيزًا وتسليحًا وتخطيطًا بما يتعدى الشراكة المعهودة مع أداتها "اسرائيل" المأزومة وجوديًا منذ الطوفان الجارف الفرط استراتيجي الذي أطاح ببأس الكيان المؤقت وعلّة ديمومته أي الجيش الصهيوني الذي أنشئت له "دولة" وكان الذراع الغليظة الحارسة للمصالح الأميركية والغرب الرأسمالي، الأب الشرعي للطفلة اللقيطة المدللة والتجسيد العملي للذات الغربية.
والحال فالإدارة الأميركية التي تماهت مع الكذب الصهيوني تسويقًا وتزييفًا للحقائق تراها اليوم غارقة في وحل غزة جراء خيبات المهل المعطاة لماكينة القتل ومحركها التلمودي وإخفاقات الميدان وضغط الرأي العام والذي جاءت ترجمته تخبطًا في مواقف المسؤولين الأميركيين بين إنكار متعجرف وواقعية نافرة على غرار وزير الحرب الأميركي المتمايز عن سواه لجهة تقدير الموقف وأنه: خوض الحرب البرية قد يؤدي إلى "خسارة استراتيجية كبرى".
حتى إنّ بايدن وبعد تراجعه ست نقاط أمام خصمه وانكشافه في ست ولايات في نتائج استطلاعات الرأي للانتخابات الأميركية المقبلة، وازاء توحش نتنياهو واستذئابه، بدأ يتحسس عنقه الانتخابي لدرجة وصفه "اسرائيل" بالعبء الأخلاقي على الولايات المتحدة.
البعض رأى بالاستفاقة البايدنية نفاقًا انتخابيًا ليس إلّا للم شعث حزبه الديمقراطي المتصدع سيّما وأنه مطلع الحرب استثمر الدم الفلسطيني لتحشيد اليهود خلفه وغض الطرف عن المذبحة التي ارتكبتها "اسرائيل" بحق الشعب الفلسطيني الأعزل.
ولعل آخر إبداعات الإدارة الأميركية المتجلببة بالأوهام، الحديث المتكرر عن إدارة غزة ما بعد حماس. سؤال فوقي متغطرس كأنّما قوى المقاومة هُزمت واندحرت وعقد لواء النصر للربيبة المعطوبة في صلب مشروعها التوسعي من خلال تهشيم الجيش الصهيوني في جباليا والشجاعية وبيت لاهيا ووسط وجنوب غزة، حيث بعد قرابة أشهر ثلاثة ويزيد، تتخبط القوات الصهيونية المتوغلة في عمق غزة وبالأحرى في عنق زجاجة، من دون تخطي وضعية الاشتباك إلى وضعية التموضع الثابت جراء إبداعات المقاومة الفلسطينية في الأداء العملياتي المبهر، فضلًا عن طوق النار من كل الجهات في لبنان وسوريا والعراق واليمن والهجرة العكسية من "أرض الميعاد" والخسائر الاقتصادية بمليارات الدولارات.
إن المكابرة الأميركية وإعطاء نتنياهو الفرص والمهل والمواقيت لاجتراح صورة نصر يتيم انقلبت نكوصًا وانحدارًا صهيونيًا مريعًا بات يؤسس لانهيار الكيان كتوطئة لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر.
فالسؤال الذي يخفيه الغرب الجماعي وعلى رأسه أميركا ويطويه في الحقائب الدبلوماسية والعالق في الحناجر كالخنجر والممنوع طرحه أو الإشارة الى مواجعه، هو: ما مصير الكيان الصهيوني المؤقت بعد نصر المقاومة في غزة وما مصير اليهود في فلسطين المحتلة عندما تنهار حكومة اليمين التلمودية المتطرفة ومعها الصهيونية كعقيدة؟
هذا هو السؤال المحوري المطروح في الغرب الآن، هذا الغرب الملدوغ من اليهود والذي وجد الفرصة في زمن ما لترحيلهم والخلاص من تآمرهم وللدلالة وصفهم غافنكو وزير خارجية رومانيا في الثلاثينيّات من القرن الماضي بأنهم "كالزرنيخ قلته تفيد وكثرته تقتل" ويضيق المجال بالحديث عن موبقاتهم وعنصريتهم في العديد من الدول الأوروبية وينسب لهتلر قوله :"قتلت منهم الملايين ولست بنادم وتركت قلة ليشهد العالم أنّي كنت على حق".
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
12/11/2024
جونسون بعد شيا: وكر الشرّ لا يهدأ
09/11/2024
أمستردام وتتويج سقوط "الهسبرة" الصهيونية
08/11/2024
عقدة "بيت العنكبوت" تطارد نتنياهو
07/11/2024