معركة أولي البأس

خاص العهد

خلاف بايدن- نتنياهو: حقيقي أم مزعوم؟
15/12/2023

خلاف بايدن- نتنياهو: حقيقي أم مزعوم؟

فاطمة سلامة

منذ أيام ووسائل الإعلام الغربية والعربية مشغولة بالخلاف بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو. ذلك الخلاف لم يعد سرًا بعد إقرار الأخير وحديثه عن وجود انقسام حول "اليوم التالي للحرب في قطاع غزة". وهو إقرار سبقه بساعات حديث لبايدن لفت فيه الى وجود خلافات، وانتقد الحكومة الإسرائيلية المتشدّدة، وذلك في تصريح وصفته وسائل الإعلام الأميركية بأكبر تغيُّر في لغة الولايات المتحدة بشأن "إسرائيل" منذ عملية "طوفان الأقصى". 

وإن كان الخلاف أمرًا واردًا ومشروعًا في خريطة العلاقات الدولية، إلا أنّه يبدو غريبًا نوعًا ما عندما نتحدّث عن دولة لم تترك بابًا إلا واستخدمته في سياق دعم ربيبتها "إسرائيل". نحن هنا لا نتحدّث عن دعم عادي، بل عن دعم مُطلق وغير مسبوق لا في الشكل ولا في المضمون من قبل أي دولة في العالم. وعليه، فإنّ هذا الخلاف المتزامن مع هكذا واقع يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول ما اذا كان خلافًا حقيقيًا أم مزعومًا في سياق لعبة تقسيم الأدوار. 

أستاذ التاريخ والعلاقات الدوليّة في الجامعة اللبنانيّة الدكتور جمال واكيم ينطلق من حقيقة أنّ الخلاف بين الرجلين لا ينعكس على العلاقة الاستراتيجية بين "إسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية. يعتبر أنّ الخلاف ليس وليد اللحظة بل نتيجة تاريخ طويل من سياسة انتهجها نتنياهو منذ التسعينيات وحتى اليوم، نتنياهو وهو من جماعة المحافظين الجُدد الذين كان رهانهم أكثر على الجمهوريين لا على الديمقراطيين الذين ينتمي اليهم بايدن. ووفق واكيم،  عندما تزعّم نتنياهو حزب "الليكود" عام 1993 قادمًا من الولايات المتحدة الأميركية، علا صوته بوجه كل الاتفاقيات التي ستؤدي الى "السلام" مع العرب كاتفاقية "أوسلو"، وبرز دوره عام 1995 حين عقد المحافظون الجدد مؤتمرهم وأصدروا وثيقة تدعو الى المزيد من فرض حضور الولايات المتحدة كي تكون قراراتها أكثر حزمًا تجاه خصومها في العالم، وفي الشرق الأوسط عبر دعم "إسرائيل" ضد خصومها في المنطقة العربية والإسلامية بعيدًا عما يُسمى "السلام". وانطلاقًا من فكرة أنّ المنطقة مقبلة على تغييرات جيوسياسية، بدأ نتنياهو بمعارضة أجندة "السلام" وعرقل مشروع رئيس وزراء العدو إسحق إرابين الذي قُتل عام 1995.

يُكمل واكيم في السرد التاريخي، فيلفت الى أنّه ومع تولّي جورج بوش الابن رئاسة أميركا بدأ المحافظون الجدد بتطبيق مشروعهم للهمينة على العالم. جرى اجتياح العراق، وأفغانستان، وفي تلك الفترة تولى أرييل شارون رئاسة وزراء كيان العدو، وكان نتنياهو وزير خارجيته، وبعدما دخل شارون "الكوما" وتولّى إيهود أولمرت رئاسة الوزراء وتزعم حزب "كاديما"، بدأت في هذه المرحلة مفاوضات "السلام" لكنها فشلت، يقول واكيم. وفي عام 2009، فاز نتنياهو في انتخابات رئاسة الوزراء، وترافقت تلك المرحلة مع قضية "الربيع العربي" وإعادة تشكيل جغرافية سياسية في العالم العربي، لكن نتنياهو فشل نتيجة فشل ما يُسمى "الربيع العربي" وفشل المحافظين الجدد.

يشدّد واكيم على أنّ بايدن ورغم تأييده للصهيونية، لكنّ المحافظين الجدد كانوا أقرب للجمهوريين لا الديمقراطيين الذين نادوا في ظل باراك أوباما "بحل الدولتين"، الأمر ذاته نادى به بايدن الذي عندما فاز بالرئاسة كان على علاقة سيئة بنتنياهو، وقد جرت العادة على أن يزور رئيس الوزراء الإسرائيلي الولايات المتحدة بعد شهر من تنصيب الرئيس لكن نتنياهو لم يطبّق القاعدة المذكورة.

في الختام، لا يُخفي واكيم أنّ بايدن يبدو في "ورطة" فهو مقبل على انتخابات، ومضطر لحصد تأييد اللوبي العربي الإسلامي في عدد من الولايات المفصلية، لكن زعماء الجالية العربية أعلنوا أنهم لن يصوتوا له نتيجة دعمه لـ"إسرائيل"، لذلك أراد أن يُظهر الخلاف الى العلن متحدثًا عن إنهاء الحرب على أمل أن يتمكن من الفوز بالانتخابات، فيما كان رهان المحافظين الجدد أكثر، يختم واكيم.
 

إقرأ المزيد في: خاص العهد