معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

المقاومة في لبنان: التعتيم لا يحجب الشمس!
13/12/2023

المقاومة في لبنان: التعتيم لا يحجب الشمس!

ليلى عماشا

منذ الثامن من تشرين الأول حتى الساعة، لم تهدأ الجبهة الشمالية في فلسطين.. تتلقى مواقع العدو فيها ضربات المقاومة الإسلامية في لبنان، وتتكتّم قدر إمكانها عن حجم خسائرها البشرية والتقنية والمادية من آليات ومبانٍ وتجهيزات.

أتاح تكتّمها هذا لكمّ كبير من الإنهزاميين والمروّجين للهزيمة، مجانًا أو بأجر، أن يتحركوا في اتجاه التقليل من قيمة العمل المقاوم في لبنان، وفي محاولة تصوير المشهد وكأن الجنوب اللبناني يقف مكتوف الأيدي، ويتلقى الضربات المعادية بخضوع.. كما أتاح التعتيم للكثير من الناطقين باسم العدو، في بلادنا الواسعة، فرصة وضع تقييم رديء لعمل المقاومة، كلّ من مكتبه المُبَرّد أو من شرفته المطلّة على مشهد لطيف أو حتى من غرفة نومه الآمنة والبعيدة كلّ البعد عن المعركة وأهلها!

هل تحتاج المقاومة أن تثبت شيئًا لهؤلاء؟ طبعًا لا. فرصاصها الموجّه إلى صدر الصهيونية يحدّث عنها، ويفرض أن تكون صلب حديث كلّ أروقة القرار في العالم، كلّها. وهدفها الواضح والمحدّد والدقيق والواقع في مرمى نيرانها أهمّ وأعلى من أن تحاول إقناع مهزوم هنا أو مزايد هناك بجدوى وفعالية عملها المدروس والمتقن والناجع.. أمّا شهداؤها، فهم أجمل وأنقى من أن يكونوا دليلًا بوجه حفنة لا تعرف من ألف باء الحرب حرفًا، هم دليل النصر أمام عيون العالم كلّه.. ويعرف ذلك العدوّ قبل الصديق، والخصم قبل الحليف، والبعيد قبل الأقربين.

على طريق القدس، تعدّت قافلة الأقمار المئة قمر، التحقوا بمن سبقهم في الدرب نفسها، وسبقوا من ينتظرون ميقات ارتقائهم.. أكثر من مئة قمر في سماء الجنوب الآن، تحدّق بوجوههم العيون التي تغبطهم على أجمل خاتمة، فتطمئنّ إلى حتمية النصر، والعيون التي تحسدهم على ثباتهم في المواجهة في زمان هان فيه الشرف وقلّ الحياء حتى صار التطبيع حريّة رأي والخيانة وجهة نظر.

يستفيد المروّجون للهزيمة من التعتيم الصارم الذي يفرضه العدو الصهيوني على  إعلامه؛ حيث لا يسمح بنشر أيّ من التفاصيل المتعلقة بتعداد خسائره في المعركة شمالًا، ويقوم في الوقت نفسه بالتفاخر والتباهي المدروس بكل عمل عدواني ضد جنوب لبنان. الصهيوني بذلك يريد القول للمستوطنين أنّ جيشهم لم يزل قويًّا ممتلكًا لزمام الأمور ضد رعبهم المتمثّل بحزب الله..

الملفت أن الرسائل الإعلامية الموجّهة بالدرجة الأولى للصهاينة المستوطنين، على سبيل طمأنتهم والتهدئة من روعهم، يتلقفها بعض الإعلام المحلّي والعربي ويقوم بالترويج لها وكأنّها حقائق مثبتة.. وبذلك يعلن اصطفافه القديم المتجدّد في المعسكر المعادي.. فترى بعض الإعلاميين المعروفة تشبيكاتهم مع السفارات، وكذلك بعض الناشطين على منصات التواصل، وهم يكرّرون الوهم الصهيوني، بشكل ببغائي، يتعامى بشكل واضح عن الحقيقة.

ويعتمد لتحقيق ذلك عدّة خطط: من المزايدة على حزب الشهداء إلى مطالبته بالتنحي عن المعركة وترك الفلسطينيين بمفردهم في مواجهة أميركا والعالم، والذي يُعدّ "إسرائيل" مجرّد أداة يستخدمها ضدّ بلادنا.. ومن الثناء على عمل قوى محور المقاومة بكلام ظاهره محبّ لكل المقاومات ما عدا حزب الله في لبنان، وباطنه تقليل وتعتيم على العمليات العسكرية التي يسطرّها رجال الله وأبناء حزب الله في تماهٍ وقح مع التعتيم الذي يجتهد في فرضه العدو على أخبار جبهته الشمالية، يعتّم هؤلاء بدورهم على فعالية عمل المقاومة وجهودها ودمها.. ويكتفي بعرض المنازل المدمّرة ويؤرقه أن أهل المقاومة لا يعطونه أيّ فرصة للصيد في الماء العكر، فيغضّ الطرف عن معاناتهم تارّةً، وتارّة يحرّضهم ضدّ المقاومة كأنّها ليست منهم وليسوا منها.

المقاومة الإسلامية في لبنان وأقمارها لا يحتاجون شهادة شاهد ولا إقرار حاقد ولا امتنان محبّ، ولا تنويه مثقّف ولا تشكّرات شارع.. ليس لشيء سوى أنّ ما يدفعها إلى كلّ عمل تقوم به هو أنّه في سبيل الله، نصرة للمستضعفين في الأرض.. ليس لشيء سوى أنّها وُجدت لتقاتل المحتلّ وتزيله من الوجود، ولا تنتظر في ذلك إذنًا من أحد، ولا تنويهًا.. مَن كلّفها بذلك؟ الله كلّفها، تمامًا كما قال قائدها وسيّدها وأبا شهدائها والمنتظرين، السيّد حسن نصرالله.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف