معركة أولي البأس

طوفان الأقصى

"هينغبي" أخطأ التقدير مرتين! 
15/10/2023

"هينغبي" أخطأ التقدير مرتين! 

خليل نصر الله
لا خلاف داخل الكيان المؤقت على انه تعرض لـ "كمين أمني استراتيجي" نصبته حركة المقاومة الاسلامية ــ حماس بتمكنها من إخفاء نواياها المستقبلية.

عملية التمويه الاستراتيجي باتت معلومة. حماس تمكنت من خداع العدو الإسرائيلي عبر إيهامه بالإرتداع، او أقله عدم النية للذهاب نحو تصعيد، وأن أولويتها هو "المال" من أجل سكان غزة.

شكلت عملية "طوفان الأقصى" مفاجأة مدوية للصديق والعدو. فجأة استفاق الكيان على وابل ضخم من الصواريخ يستهدف مختلف مستوطناته في غلاف غزة والعمق، ومئات المقاتلين من كتائب الشهيد عز الدين القسام تقتحم المستوطنات والمواقع الإسرائيلية في عملية مدروسة، وتوجه ضربة لفرقة غزة في جيش العدو، وتتمكن من الوصول إلى نقاط أمنية كان يعتقد العدو أنها غير معلومة. 

نجحت الكتائب في كمينها الاستراتيجي الذي امتد على مدى عام ونيف تقريبا. 

أمام المشهد الذي رسمته المقاومة، وقدرتها على فرض وقائع جديدة لا تشبه سابقاتها في تاريخ الصراع مع العدو، ومع حالة التخبط الأمني والعسكري والسياسي داخل الكيان، بدأت تكر سبحة الاعترافات بالفشل والخطأ في التقدير، وعلى رأس هؤلاء رئيس مجلس الأمن القومي "تساحي هنغبي"، الذي اعترف بأنه أخطأ التقدير عندما قال إن حماس لن تجرؤ على التحرك ضد "إسرائيل" لسنوات طويلة. 

يعترف "هينغبي"، الذي صب جل اهتماته مؤخرا لمتابعة مجريات التطبيع مع المملكة العربية السعودية، بأن الضربة من قبل كتائب القسام كانت مؤلمة، متعهدا بالبحث وفحص أسباب الفشل. 

لكن "هنغبي" قال بما معناه إن الأولوية الآن هي للرد وتحقيق الانتصار في المعركة، وهنا ذهب بعيدا في رفع السقف بقوله إن الهدف أكبر من القضاء على حماس، الهدف هو القضاء على غزة. 

حاول رئيس مجلس الأمن القومي في هذه النقطة إعطاء دفعة قوة وتهويل، ورفع سقفا عاليا، وانضم بالتالي إلى جوقة العسكريين والسياسيين التي تتعهد بإنهاء قدرات حماس في غزة والقضاء عليها، ما يخدم شرقا أوسطا جديدا لطالما عملوا عليه لكنهم فشلوا. 

تصريح "هينغبي" بأن الهدف هو القضاء على غزة، يعني إما أنه لم يقدر ما يقول أو أنه جاد وبالتالي يمكن القول إنه أخطأ التقدير مرة أخرى وبشكل قد تكون تبعاته أكبر مما حصل يوم السابع من أكتوبر. 

يرى العالم اليوم رد الفعل الهمجي الإسرائيلي في غزة، والذي ينصب على رؤوس المدنيين والمدن، دون القدرة على المس بقدرات المقاومة العسكرية التي لا زالت تواجه بكل اقتدرا وتستهدف العمق الاسرائيلي بشكل مدروس.

يعطي الأمر مؤشرا عما بنته المقاومة من قدرات تحاكي معركة طولية الأمد تأخذ بعين الاعتبار أقصى ما يمكن أن يصل إليه رد الفعل الإسرائيلي. 

هذا على صعيد المقاومة في غزة، لكن على صعيد المقاومات في المنطقة، فمن المعلوم والواضح والمعلن أن المقاومة في لبنان وكذلك كامل المحور لن يسمحوا بسقوط حماس، فكيف سيسمحون بالقضاء على غزة، وهم أعلنوا صراحة متابعة المجريات، ما يعني إمكانية الدخول على خط المعركة في أي لحظة، وهذا ما تعلن "إسرائيل" بنفسها عن سعيها لتفاديه، بل وهذا ما تعمل عليه واشنطن لمنعه من خلال التهويل وحشد بعض الأساطيل الحربية. 

أضف على ما تقدم، أن جولة وزير الخارجية الأميركية في المنطقة، والتي بدأها من تل أبيب حيث أعطى شحنة دعم معنوية عالية، قبل أن يواصل جولته إلى عواصم عربية حيث اصطدم بممانعة كبيرة لأي عملية تهجير لسكان غزة، حتى من أقرب حلفائه في المنطقة وهي المملكة العربية السعودية، وكذلك الرفض المصري الصارم في هذا الصدد لما للأمر من تداعيات خطيرة على مصر نفسها وعلى كامل القضية الفلسطينية. 

المؤشرات والمعطيات كافة، تؤكد أن ورقة التهجير سقطت، بالتالي إن القضاء على غزة أمر ساقط بل هو في أصله ينافي المنطق لأن الذهاب نحو عمل من هذا النوع قد يشعل المنطقة. 

أخطأ "هينغبي" التقدير عندما خدعته حماس ولم يقرأ نواياها ووجهت لـ"اسرائيل" الضربة، وهو يخطئ التقدير مرة أخرى إن راهن أو قدر بأن هناك إمكانية للقضاء، ليس على غزة، إنما على حماس نفسها التي تنتظر بفارغ الصبر مواجهة البر لتفتح مزيدا من بيوت الأحزان في "تل أبيب".

إقرأ المزيد في: طوفان الأقصى