معركة أولي البأس

خاص العهد

تشرين في عيون السوريين بين ذكريات الماضي وانتصارات الحاضر
10/10/2023

تشرين في عيون السوريين بين ذكريات الماضي وانتصارات الحاضر

دمشق ــ علي حسن

للذكرى الخمسين لحرب تشرين التحريرية التي يقوم السوريون بإحيائها وقع خاص ومذاق مميز هذا العام، وقد امتزجت ذكريات الماضي وامجاده بانتصارات اليوم التي يحققها أبطال المقاومة الفلسطينية في الارض المحتلة، والتي سلبت ألباب السوريين فباتوا متسمرين أمام شاشات التلفاز يتابعون اخبارها بشغف كبير، ورغم مضي نصف قرن على الحرب المجيدة لا يزال أبطالها يعيشون ذكرياتها لحظة بلحظة وكأنها حصلت بالأمس.

ذكريات النصر

ومن هؤلاء العقيد المتقاعد محمد العلي والذي شاءت الأقدار أن يكون على خطوط التماس عند إصدار الأوامر بخرق خطوط العدو والتقدم في عمق الأراضي المحتلة. وعن هذه اللحظات المصيرية يقول العقيد محمد لموقع "العهد" الإخباري: في البداية، وعند صدور الأوامر كنا نشعر بثقل الواجب الملقى على كواهلنا والذي تنوء به الجبال خاصه وأننا مكلفون بالثأر لكرامة الأمة بعد نكسة حزيران/ يونيو عام 67 وانتزاع الأرض من عدو متغطرس يتحصن في جبال منيعة ومسلح بكل وسائل القوة العسكرية والمادية التي تمنحه الشعور بالتفوق، ولكن وفي اللحظة التي بدأ فيها القتال واندفاعنا باتجاه خطوط العدو ومواقعه الحصينة اختفت كل تلك الأعباء وبات الإيمان بعدالة قضيتنا هو الجناح الذي نطير به نحو النصر المأمول.

يستذكر العقيد محمد تجربته في الحرب وخاصة  في الساعات الأولى منها قائلا: "لا يمكن وصف تلك اللحظات مهما كان المرء بليغا فعندما يتراقص الموت حولك فيخطئك ليصيب رفاقك أو اعداءك، وعندما تشاهد برج دبابة يزن عدة أطنان يطير في الهواء وكأنه قطعة كرتون يصبح الحرص على الحياة آخر أولوياتك ويغدو النيل من عدوك هو الشيء الوحيد الذي تفكر فيه. ورغم تجاوزه العقد السابع من العمر فإن انتصارات المقاومة الفلسطينية اليوم في قطاع غزة أحيت في العقيد محمد روح الحماسة التي كان يتحلى بها عند اجتياز خط آلون في حرب تشرين قائلا: "اغبط هؤلاء الأبطال من كل قلبي وأتمنى أن يكون لي الشرف بمشاركتهم جهادهم وانتصاراتهم التي لا يدانيها شرف"، وأكد العقيد محمد في ختام حديثه لموقع "العهد" الإخباري أن الأجيال الجديدة لم ولن تنسى حقها المسلوب وستكمل دور الأجداد في استعادته من براثن هذا العدو الغاشم.

إرادة تتجاوز المصاعب

وعن أهمية حرب تشرين وانتصار الجندي السوري على كافة المصاعب التي عانى منها قال عمار عيد المعد والمحرر في التلفزيون العربي السوري لموقع "العهد" الإخباري: "إن ضيق الجبهة والتي لا تتجاوز الـ65 كم وطبيعتها الجبلية كانت من الأسباب التي حرمت السوريين الكثير من أهمية عامل المفاجأة، كما أن توقيت ساعة الصفر وهو الساعه الثانية والربع ظهرا والذي تم تحديده  نتيجة التنسيق مع الجانب المصري شريك سورية في الحرب لم يكن يناسب السوريين". وفي النظر إلى الجغرافيا التي دارت فيها المعارك، قال عيد: "إن كيان الاحتلال كان ينظر بحساسية عالية إلى الجبهة الشمالية (جبهة سورية) ففي الجبهة الجنوبية (جبهة مصر) وباستثناء المانع المائي الذي يشكل الضفة الشرقية لقناة السويس والتي بنت إسرائيل عليها خطة "خط بارليف" الشهير وركنت إلى مناعته وقوته، كانت صحراء سيناء الشاسعة تنفتح على المصريين ليعقبها صحراء النقب البعيدتان عن التواجد الديمغرافي لمستوطني الكيان وتجمعاتهم الرئيسية، أما في الشمال فكان الجولان السوري المحتل ملاصقا لمدن ومستوطنات "اسرائيل الكبرى" فضلاً عن منابع المياه الرئيسية والأراضي الخصبة، وبالتالي لم يكن الصهاينة ليتهاونوا مع خسارة  أي متر على الجبهة السورية.

وأضاف عيد: "رغم  توقف القتال على الجبهة المصرية وتركيز كيان الاحتلال بكل ثقله العسكري على الجبهة السورية دافع الجيش السوري بقوة عن الأراضي التي حررها محاولا الاحتفاظ بها ومسطرا ملاحم بطولية في كل قرية وبلده من بلدات الجولان السوري المحتل. وعن عملية طوفان القدس التي أعلنت عنها المقاومة الفلسطينية قال عيد: "إن ما حصل في قطاع غزة وغلافها أمر مذهل لم يكن أشد المتفائلين يتوقع حدوثه"، وتابع: " المفاجأة والتكتيك العالي والخداع الاستراتيجي فضلا عن الشجاعة الأسطورية كلها عوامل ساهمت في هذا الإنجاز الأغلى والاعظم في تاريخ المقاومة الفلسطينية إن لم نقل في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي".

ختم عيد حديثه لموقعنا بالقول: "أيا كانت ردة فعل العدو وما سيقوم به بعد السابع من تشرين، فإنه سيكون عاجزا عن رأب الانهيار والضرر العميق الذي لحق به، وإن كرة الثلج التي بدأتها المقاومة الإسلامية في لبنان منذ عام ألفين تدحرجت وأصبحت في ذروتها مع المقاومة الفلسطينية وما حققته وستحققه من انتصارات تقرب كيان الاحتلال من يوم زواله الموعود".

حرب تشرينحافظ الأسد

إقرأ المزيد في: خاص العهد