خاص العهد
الأسد في الصين: تعزيز للعلاقات والأدوار
محمد عيد
شكلت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الصين علامة فارقة في تظهير الدعم الصيني لسوريا والانتقال إلى مرحلة جديدة تتجاوز استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن إلى الشروع العملي في دعم هذا البلد الحليف بكل الإمكانيات السياسية والاقتصادية والتقنية وصولاً لمرحلة إعادة الإعمار التي سيكون للصين إلى جانب حلفاء سوريا الآخرين دور مهم فيها.
الزيارة وجهت رسائل مهمة في كل الاتجاهات من بينها أن الصين لا تراهن على حصان خاسر وأن الرئيس الأسد هو الحاكم الشرعي لبلاده التي تحترم سيادتها وأن تعزيز أمنها هو في سلّم أولوياتنا للوصول إلى تحقيق مشروعنا العملاق المسمى بـ"طريق الحرير" والذي دخلت فيه سوريا العام الماضي كشريك موثوق.
زيارة تاريخية
يرى المحلل السياسي محمد علي أن الصين اختارت الوقت المناسب لتقديم جرعة دعم سياسي كبير لسوريا بعد أن كان دعمها الأساسي متمثلاً في استخدامها لحق النقض الفيتو في مجلس الأمن ضد مشاريع القرارات ضد دمشق.
وفي تصريح خاص بموقع "العهد" الإخباري أكد علي أن سياسة التلطي وراء روسيا في دعم سوريا قد اختفت وبشكل نهائي بالنسبة للصين التي اختارت توقيتًا مدروسًا لدعوة الرئيس الأسد لزيارتها وهو توقيت غير منفصل عن التحشيد الأمريكي العسكري في سوريا والرامي لقطع الطريق بين دمشق وبغداد وهو الطريق الحيوي في مشروع الحزام والطريق الذي تهدف الصين لاحيائه وتعبيده بدعم السلام في سوريا كتوطئة لإحداث تنمية مستدامة تخدم البلدين.
وأضاف المحلل السياسي بأن دعوة الرئيس الأسد إلى الصين حملت رسائل واضحة إلى كل الساعين لإثارة الفتن والنزاعات مجددًا في سوريا، والراغبين في العودة بالبلاد إلى أجواء العام ٢٠١، وهذه الرسائل تؤكد بشكل لا لبس فيه بأن الصين تستقبل الرئيس الشرعي للبلاد الذي تعترف به واحدة من أقوى الدول في العالم وقد عقدت معه اتفاقية شراكة استراتيجية نتيجة لثقتها المطلقة بأنه الأقدر على الإمساك بزمام الحكم في بلاده رغم كل الأزمات التي تفتعلها واشنطن في وجهه سواء في الجنوب أو الشمال الشرقي أو في أي بقعة من الأرض السورية.
وأشار علي إلى أنه عبارة "الشراكة الإستراتيجية" تعكس في قاموس الدبلوماسية الصينية تعزيز التنسيق في الشؤون الإقليمية، بما في ذلك المجال العسكري وهذا أمر يجب التوقف عنده مليًا، على اعتبار أن الصين تدعم الموقف السوري في مكافحة الإرهاب ودعت إلى محاربة التنظيمات الإرهابية الموجودة على الأراضي السورية وبينهم إرهابيون تستخدمهم واشنطن لضرب استقرار الصين.
وشدد المحلل السياسي على أن الصين باتت اليوم في الموقع الذي يسمح لها بتفعيل قوتها الناعمة في الشرق الأوسط على نحو لم يكن مستخدمًا في السابق، ويأتي استقبال الرئيس الأسد ودعمه لتكريس هذه القوة سيما وأنه قد صار لبكين حظوة كبيرة لدى بلدان كانت سياساتها مرهونة بالكامل للولايات المتحدة وهي قادرة وراغبة اليوم في دفع هذه البلدان لتعميق علاقاتها مع دمشق بما يخدم الدور الصيني الساعي لإحلال السلام في المنطقة كتمهيد لازدهارها اقتصاديًا بمفاعيل صينية.
وختم علي حديثه لموقعنا بالإشارة الى أن زيارة الرئيس الأسد التاريخية إلى الصين تمهد لاستعادة سوريا دورها في المنطقة انطلاقًا من وزنها الجيو سياسي الذي جعل منها قوة لا يمكن لأحد أن يتجاهلها.
الحضور الإقتصادي القوي
من جانبه يرى رئيس تحرير "مرصد طريق الحرير" يعرب خير بيك أن "إتفاقية الشراكة الإستراتيجية الموقعة بين سوريا والصين تعتبر نقطة بداية مهمة جدًا يمكن الارتكاز عليها بشكل واضح، رغم كونها لم تأت بالكثير من الأمور الجديدة في العلاقات بين الطرفين إلا لناحية التطبيق.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أكد خير بيك أن اتفاقية الحزام والطريق التي تشمل جميع الاتفاقيات السابقة سواء كانت اتفاقية الأمن العالمي أو اتفاقية الحضارة أو اتفاقية التنمية المستدامة - وهي مبادرات أطلقها الرئيس الصيني شي جينغ بينغ وتم تعميمها في الأمم المتحدة لتكون مبادرات دولية - تؤكد بأنه لا يمكن العمل على الخط الاقتصادي بمعزل عن الخط الأمني والخطوط الاجتماعية والحضارية والسياسية، فهناك مروحة كاملة من الاتفاقيات تم الحديث عنها ستجعل سوريا جزءًا أساسيًا من مبادرة الحزام والطريق، أي طريق الحرير الذي يمر بسوريا,
ولفت رئيس تحرير مرصد الحرير إلى أن المرور في سوريا يختلف عن المرور في أي مكان آخر إن كان من تركيا أو من مصر أو غيره لأنه يكون أقل تكلفة في الوصول بسبب طبيعة الأرض والخط غير المتعرج كثيرًا إضافة إلى قلة التضاريس العالية كما في تركيا أو شمال العراق فضلًا عن وجود شكل الخط الواحد البري وليس (بري_ بحري) لذلك تكون التكلفة ومدة الوصول أقل.
وشدد على أنه ومن جهة أخرى هناك حديث عن دعم صيني لسوريا في قطاع الزراعة، حيث تعتبر الصين من أهم الدول في العالم في تنمية القطاع الزراعي خلال العشر سنوات الأخيرة من خلال الآليات الحديثة، كما سيكون هناك تعاون عن طريق الطاقة البديلة حيث يوجد في الأساس إتفاق تم توقيعه بين سوريا والصين على بناء محطة للطاقة البديلة في ريف دمشق وهي من أكبر المحطات في الشرق الأوسط، ولكنها تحتاج وصول المواد إليها اليوم وقد تم بناءها وتجهيز لوجستيات إطلاقها أيضًا فضلًا عن كثير من الاتفاقيات في قطاع الإتصالات وغيره.