معركة أولي البأس

خاص العهد

"نموذج حلب" : خطة تركية لإعادة المهجرين السوريين إلى بلادهم
11/09/2023

"نموذج حلب" : خطة تركية لإعادة المهجرين السوريين إلى بلادهم

دمشق ـ محمد عيد
لا ينقطع الاستثمار التركي في ورقة اللاجئين السوريين حتى حين شكلت هذه الورقة ضغوطاً هائلة على الداخل التركي بشقيه الموالي والمعارض لأردوغان.
وإذا كان الرئيس التركي قد وعد  ناخبيه باعادة مليون لاجئ إلى ديارهم في حال فوزه في الانتخابات، وهذا ما حصل لاحقاً فإن هذا الوعد الذي يندرج في إطار "خطة حلب" المعتمدة تركيًّا لإعادة هؤلاء لا يعدو كونه استثمارا تركيا بتمويل خليجي في هؤلاء بهدف زرع موالين لأنقرة على الشريط الحدودي مع سوريا وإحداث عملية تغيير ديموغرافي تختم الأطماع التاريخية لتركيا في سوريا.

استمرار في نهج التتريك

يرى المحلل السياسي محمد فيصل قداح أن أنقرة قد انتقلت تدريجياً من حملة تتريك منظمة اتبعتها شمال وشرق حلب عام ٢٠١٦ إلى تطبيق الوعد الذي قطعه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام ناخبيه والذي يسعى لترجمته إلى مشروع تحدث عنه قبل مدة وسماه مشروع "نموذج حلب" باعتباره حلا لمشكلة اللاجئين السوريين في بلاده.

وفي حديث خاص بموقع " العهد" الإخباري أشار قداح إلى أن "نموذج حلب" هذا  يهدف إلى فرض سلطة أنقرة في مناطق شاسعة خارج حدودها من خلال توطين مئات آلاف السوريين في منطقة تزيد مساحتها على عشرة آلاف كيلو متر مربع ومثلهم من اللاجئين المقرر نقلهم إليها إذا ما سارت خطة أردوغان كما يشتهي من خلال جعل هؤلاء ادوات لمشروع حكومته في سوريا.

وأضاف أن لخطة أردوغان المسماة "نموذج حلب" أهدافًا تنطوي على تحفيز السوريين من أجل العودة الآمنة إلى شمال حلب من خلال خلق فرص عمل وافساح المجال أمام مستثمرين أتراك من ولاية غازي عنتاب للعمل في تلك المنطقة والإسراع في إشادة مشروعات سكن ضخمة تعمل دول خليجية على رأسها قطر لتمويلها.

ولفت قداح إلى أن إعلان أنقرة تلك الخطة ترافق مع تشكيل لجنة مشتركة من حزب العدالة والتنمية الحاكم ونوابه في البرلمان ووزارة الداخلية التركية بغية الإسراع في تنفيذ المشروع المرتبط بأجندات سياسية.

وختم قداح حديثه لموقعنا بالتأكيد على أن خطة "نموذج حلب" محاولة من أردوغان لتجسيد وعوده الانتخابية بإعادة مليون سوري إلى بلادهم، مشيراً إلى أنه تعهد يسعى حزب العدالة والتنمية عبره إلى استعادة رئاسة بلديتي استنبول وأنقرة في الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في الربيع المقبل  فضلاً عن أنه سيطبق على حساب سوريين آخرين يملكون الأرض والمنطقة ولن يخدم السوريين الذين سيستوطنونها وفق مشروع الرئيس التركي وهو بذلك سيزرع فتنة ستنفجر في المستقبل ما لم تسارع الحكومة السورية إلى استنهاض حلفائها الروس والايرانيين من أجل كبح مطامع أردوغان في سورية واعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل العام ٢٠١١.

لجنة قانونية سورية بشأن الانتهاكات التركية

يرى عضو المكتب السياسي في الحزب السوري القومي الاجتماعي طارق أحمد أن الخطة التركية لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم مزدوجة الدوافع. وفي تصريح خاص بموقع "العهد" الإخباري أشار الأحمد إلى أن جزءا من دوافعها داخلي لمن تابع الملابسات المتعلقة بالحملات الانتخابية التركية والتي لم تنته لأن هناك انتخابات بلدية قادمة مشيراً إلى أن خريطة السيطرة السياسية من جهة أردوغان وتحالفه وعوامل نجاح هذا التحالف ومن جهة ثانية كل الأحزاب الأخرى التي عارضته أوجدت بازارا سياسيا يتعلق بملف اللاجئين السوريين.
 
وأضاف أن الطرفين سواء المعارضة أو حتى تحالف أردوغان كانا مضطرين للتعاطي بشكل مختلف في مسألة التنغيص على اللاجئين السوريين في الأراضي التركية وصولاً إلى تهجير اعداد كبيرة منهم تعدادهم مئات الآلاف باتجاهين هما الأراضي السورية وأوروبا.
 
وشدد عضو المكتب السياسي في الحزب السوري القومي الاجتماعي على أن أردوغان ودولته العميقة يحاولان أن يكسبا أشياء أخرى في نفس الوقت من خلال عملية التغيير الديموغرافي الحاصلة شمال سوريا بواسطة اللاجئين وهذا ملف كبير جدا ويجري العمل عليه وفق خطة ممولة من قطر حيث تم بناء عشرات آلاف الوحدات السكنية التي لا تشبه المدن في شيء ولكنها عبارة عن بيوت فوق بعضها بعضا يحشر فيها الناس في مناطق ريف حلب الشمالي في منطقة اعزاز مشيراً إلى تواصله مع الأهالي في هذه المنطقة وتأكيدهم هذا الأمر "وبالتالي سوف تكون عبارة عن قنبلة كبيرة موقوتة في المستقبل".
   
ولفت الأحمد إلى وجود مسألة في غاية الأهمية شكلت لأجلها لجنة خبراء من القانونيين السوريين على اعتبار أن عملية البناء تختلف عن بناء المخيمات لأنه لا يوجد أية بنية قانونية للبناء على أراضي فلاحين سوريين في منطقة محتلة فيها جيش تركي وهناك شركات تبني وأموال قطرية تدفع وكل هذه الأمور جرائم.
 
مشيراً إلى أن الخبراء القانونيين السوريين سوف يتولون متابعة هذه القضية لانه حتى الحكومة السورية حين تضطر لبناء مرفق عام على أراضيها لا تستطيع أن تتجاوز أصحاب هذه الأراضي التي سيبنى عليها هذا المرفق رغم أنها دولتهم وهذا أمر مقونن بالدستور والقانون ويجب أن ياخذ مسارا حقوقيا متكاملاً يشمل التعويض ويجب أن يكون أساسه شرعيا قبل أن تتم عملية الاستملاك، مشيراً إلى أن هذا موضوع كبير جدا وسيكون التحدي بشأنه قريباً.

ونفى الأحمد أن يكون الدور الوظيفي للمهجرين السوريين في تركيا قد انتهى بل على العكس فإنه يزداد ويتحول إلى ادوار أخرى منها أن الاتراك وبعد أن استخدموا المهجرين لابتزاز الدولة السورية يريدون استخدامهم اليوم كحاجز بشري يشكل امتداداً لسلوكيات الدولة العثمانية تاريخياً كما أن تركيا قد تكون قادرة على ابتزاز أوروبا بشأن المهجرين وهو أمر يتصل بضعف أوروبا وخاصة بعد الحرب الأوكرانية. وختم الأحمد حديثه لموقعنا بالتأكيد على أن ملف الابتزاز يبقى جزءًا رئيسياً من السياسة التركية التي تنصب نفسها سمسار صراعات دولية كبرى وهو سمسار انتهازي لكل من أوروبا وروسيا وصولاً إلى إيران.

حلب

إقرأ المزيد في: خاص العهد