خاص العهد
أزمة المراقبين الجويين على طريق الحل الشامل!
فاطمة سلامة
قبل أيام، حذّر المراقبون الجوّيون في المديرية العامة للطيران المدني من النقص الحاد في عددهم. 13 مراقبًا فقط من ضمنهم رؤساء الدوائر والأقسام والفروع، بينما المطلوب وفق بيان هؤلاء أن يفوق عددهم الـ80. في البيان، يشكو المراقبون من تغطية ساعات إضافية مرهقة لتأمين الملاحة الجوية وسدّ النقص. وفي المقابل، حذّر هؤلاء من أنه بدءًا من تاريخ 2023/9/5 سيعدون جداول مناوبة تناسب عددهم من الساعة السابعة صباحًا حتى الثامنة مساءً ما يعني إقفال المطار ليلًا. إلا أنّ أيامًا قليلة على البيان الأول في 24 آب كانت كفيلة بإصدار بيان ثان للمراقبين يعلنون فيه تأجيل مسألة الجدولة وبذل الجهود للاستمرار في تأمين الخدمة كما كانت 24/24 ساعة.
الحسن: حريصون على الناس أكثر من الجميع
عودة المراقبين عن الجدولة جاءت بعد مشاورات واجتماعات جرى الاتفاق فيها على خارطة طريق تتضمّن الإسراع في تنفيذ وتمويل مشروع تدريب المعاونين المراقبين. وبالموازاة، وضع وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية مرسوم التوظيف للناجحين في امتحانات الخدمة المدنية عام 2018 لوظيفة معاون مراقب على جدول الجلسة الحكومية الأربعاء المقبل. البوادر الإيجابية في الملف تزامنت مع "بلبلة" واسعة أثيرت حول بيان المراقبين جرى فيها الحديث عن خطر حقيقي يتهدّد سلامة الملاحة الجوية وحركة الطيران. وفي هذا الصدد، يقول رئيس مطار بيروت الدولي فادي الحسن لموقع "العهد" الإخباري: "نحن حريصون على الناس أكثر من الجميع. الملف أُقفل، وبات على طريق الحل الشامل على المدى القصير والبعيد، وسيُعرض على مجلس الوزراء ليصدر مرسوم تعيين الدفعة الجديدة عام 2018، وبالموازة سيبدأ العمل لتدريب دفعتي 2010 و2018".
العجز لا ينحصر فقط بالملاحة الجوية
ما يقوله الحسن تؤكّده مصادر أخرى متابعة للملف. الأمور تسير على السكة الصحيحة. لا تُخفي المصادر أنّ ثمّة عجزًا بالتأكيد، لكنه مغطًّى بساعات إضافية من قبل الموظفين، وهذا العجز لا ينحصر فقط بالملاحة الجوية بل بكافة الدوائر، مع الإشارة الى أن التكنولوجيا عوضت قليلًا عنه. وهنا تشدّد المصادر على أنّ العجز لو طال أمده بعيدًا عن التحركات الإيجابية اليوم لكان بالتأكيد سيشكّل خطرًا خاصة أنّ المراقبين سبق لهم أن لوحوا بالتوقف عن العمل مساء. لكن المصادر تشدّد على أنّه ورغم كل الأجواء السوداوية في البلد لا يزال مطار بيروت مستمرًا ويعمل بوتيرة طبيعية.
تتطرّق المصادر الى أهمية عمل المراقب الجوي، فتشرح من الناحية التقنية أنّ المراقبين الجويين هم المسؤولون عن الملاحة الجوية من طيران، تحليق، هبوط، إقلاع. وتلفت الى أنّ مصلحة الملاحة الجوية التي تعنى بالمساعدة على تأمين وصول الطائرات الى وجهتها بسلام وأمان تُقسّم الى ثلاث دوائر: دائرة معلومات الطيران، دائرة المراقبة الإقليمية، ودائرة مراقبة المطار.
في ما يتعلّق بدائرة معلومات الطيران، فهي تتولى تأمين المعلومات الجوية اللازمة للملاحين الجويين، وتحضير بيانات رسوم الهبوط والإيواء وإحصاءات الحركة الجوية، فضلًا عن تطوير أساليب مراقبة الملاحة الجوية وإعداد البرامج التدريبية. وتبدو من مسؤولية هذه الدائرة وضع خطة الطيران لكل طائرة تنطلق من بيروت، فكل طائرة تتطلب خطة لجهة المكان الذي أقلعت منه والى أين تتوجه، فضلًا عن تسجيل الارتفاع والمساحة التي ستحلّق فيها، وإبلاغ المطارات الأخرى عن هذه الخطة لتفادي حصول الحوادث، وفي المقابل تتلقى الدائرة خطة طيران كل دول العالم، وتُعلم بها بقية الدوائر في مصلحة الملاحة.
أما دائرة المراقبة الإقليمية فهي تهتم بتأمين سلامة الحركة الجوية في الأجواء الإقليمية، فمثلًا المراقبون للمنطقة يتبلغون عن أي طائرة سواء أكانت قادمة لتحط في لبنان أم للتحليق فقط، وعندها تُخابر هذه الدائرة المعنيين عن هدف الطائرة المذكورة.
دائرة مراقبة المطار تُعنى بتأمين سلامة الحركة الجوية في أجواء المطار وخلال تحرك الطائرات على أرض المطار، بحيث يكون المراقب هنا بمثابة "شرطي سير" يتسلم الطائرة ويؤمن لها سلامة الهبوط والتحليق لوضعها في المكان المخصّص لها، كما أنه مسؤول عن سلامة كل ساحة الطائرات ويكون من واجب أي آلية مخابرة برج المراقبة للحصول على إذن.
الناجحون
أكثر من ناجح في مجلس الخدمة المدنية لوظيفة مراقب جوي بموجب المرسوم 2018، فضّل عدم الإدلاء بأي تصريح ريثما يتم إصدار المرسوم الأربعاء المقبل لإلحاقهم بوظيفتهم. الحديث مع هؤلاء يبيّن مستوى "كتم الأنفاس" والحذر والخوف من أي حادثة قد تعرقل إقرار المرسوم.
وفي المقابل، يتحدّث لـ"العهد" نايف هدلة وهو أحد الناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية بموجب القرار 269 تاريخ 27/3/2018. هدلة فاز في الامتحانات لوظيفة "الرصد الجوي" لا المراقبة الجوية. وفيما يشدّد على ضرورة إقرار المرسوم وتوظيف المراقبين الجويين بعدما وصل حال المطار الى المرحلة الخطرة، يتمنى التراجع عن فصل المرسوم كما يحدث اليوم. الناجحون بموجب المرسوم لوظائف متعددة في المطار يبلغون 96 شخصًا، سيتم انتقاء 25 شخصًا فقط، وهو عدد المراقبين الجويين، ما يعني استثناء بقية الموظفين الذين نجحوا في الدورة ذاتها. وهنا يشدّد هدلة على أن تعيين المراقبين أكثر من ضرروي لحساسية وخطورة الموقف وتأمين سلامة المطار، لكنه يتمنى ويدعو للنظر في أمر بقية الناجحين لأحقية قضيتهم.