خاص العهد
الأولى في شهادة الاقتصاد والاجتماع تروي لـ"العهد" تجربتها: للنجاح طعم آخر
إيمان مصطفى
الإرادة الصادقة للإنسان تُشبه قوةً خفيةً تسير خلفه وتدفعه دفعًا للأمام على طريق النجاح. تتنامى هذه الإرادة مع الوقت حتى تمنعه من التوقف أو التراجع فتتكلّل بالنجاح لا بل التفوق. تلك المرتبة التي لا يصلها سوى المثابرين الذين يجدّون ويبذلون ما عندهم من كدٍّ وكفاح بلا كلل أو ملل.
"بالإرادة نصنع المعجزات"، ثلاث كلمات تلخّص حكاية فاطمة بحسون التي نالت المرتبة الأولى في الامتحانات الرسمية للشهادة الثانوية فرع الاقتصاد والاجتماع بمعدل 18.8 بدرجة ممتاز.
عن تجربتها المميزة، تتحدّث لموقع "العهد" الإخباري بحسون الطالبة في ثانوية "حسن قصير" في بيروت التابعة لمؤسسات "أمل التربوية" فتقول: "إنّ المرء سيكون سعيدًا جدًا عندما يحقّق النجاح دون التخلي عن مبادئه" في إشارة إلى التفوق الذي حصدته بكامل حشمتها وعفافها وعباءتها.
وتتابع: "وسط تخلّي الفتيات عن حجابهن بذريعة العوائق التي توضع في طريقهن للنجاح أنا تمسكت به أكثر خصوصًا أنه بات لدينا مشكلة وضع الفتاة المحجبة في سياق معين ونمطي"، مضيفةً: "لم يقف حجابي عائقًا أمام طموحي، وبعباءتي أثبتُّ أنّ النجاح ممكن، وباعتقاداتي الدينية الراسخة تخطيتُ الظروف الصعبة المحيطة بنا في لبنان، لأنها أعطتني الأمل للمضي قدمًا".
وتؤكد أن هذا الأمل ترافق مع متابعة أساتذتها الحثيثة، فللكادر التعليمي دور مهم بالنسبة لبحسون خصوصًا أنهم لم يتركوا سؤالًا أو استفسارًا يؤرقها من دون إجابة.
وإلى جانب المدرسة، لعب أهلها دورًا مهمًا جدًا خصوصًا بالتشجيع اذ كان لديهم اليقين الكامل بحصدها المرتبة الأولى، وفقًا لبحسون، علمًا أنها لم تكن تتوقع أن تنالها.
بحسون تشدد على أنه لا يصل الناس إلى النجاح دون أن يمروا بمحطات التعب والجهد اذ إنها عزلت نفسها عن كل المحيط وعن كل الملذات، ووضعت هدفًا محددًا، معتبرةً أن صاحب الإرادة القوية لا يُطيل الوقوف في هذه المحطات، بل يتخطاها ليصعد على سلم التفوق.
وتلفت إلى أن الضغوطات الاقتصادية الصعبة والتهويل بإلغاء إجراء الامتحانات أو إضراب الأساتذة عن التصحيح أثّر كثيرًا لكنها تعود وتذكر أنها تعلقت بالأمل.
دموع فاطمة لم تسعفها عند إعلان النتيجة، تتحدث عن شعورها الذي امتزج بين الصدمة والفرح العارم، وتشير إلى مكالمة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي بارك لها بكل فخر اذ شجّعها على المضي قدمًا والمثابرة، مستفسرًا عن تطلعاتها الجامعية.
وبالنسبة للخطوات المستقبلية، فقد حسمت بحسون خيار التخصص في إدارة نظم المعلوماتية في الجامعة الإسلامية.
وتتوجه بحسون عبر "العهد" للشباب بالقول: "اتكلوا على الله، وتمسكوا بالأمل، وتابعوا الطريق لأن هذا البلد يحتاجنا نحن الشباب، ليعود أفضل مما كان"، مضيفةً: "تعب الدراسة يعطينا دفعة للأمام، فلا تتراجعوا عن الهدف لمجرد الشعور بالتعب، فالنجاح قريب لمن يريده ويسعى في سبيل الحصول عليه، مهما قست الظروف المحيطة".
التربية الصالحة
والد فاطمة الشيخ علي بحسون يُخبرنا عن ابنته التي نشأت في بيئة التوكل على الله سبحانه وتعالى والتوسل بأهل بيته وتربت على مفاهيم الطموح والسعي الدؤوب، والمثابرة التي ليس لها حدود. "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل"، يقول الشيخ بحسون، مضيفًا أن "تربية فاطمة - الحافظة لـ 23 جزءًا من القرآن الكريم - دفعتها لتخطي الظروف الصعبة التي يمر بها البلد".
ويؤكد الشيخ بحسون أنّ ابنته لديها وضوح الرؤية، فهدفها محدّد والبوصلة موجهة، مشيرًا إلى أنه كان يعطيها التوجيهات اللازمة لمساعدتها للوصول إلى هدفها. كما يذكر الشيخ بحسون في معرض حديثه زوجته الكريمة التي تعبت وتفرغت لفاطمة واهتمت بها اهتمامًا شديدًا من ناحية الغذاء وتأمين الجو الدراسي المثالي والمساعدة التعليمية أيضًا لترسيخ المفاهيم.