الحدث السوداني
ايران والسودان.. عودة العلاقات وظروف مختلفة!
خليل نصر الله
عام ٢٠١٦، وعلى إثر قطع السعودية ودول خليجية علاقاتها الدبلوماسية بالجمهورية الاسلامية الايرانية، أقدمت السودان على ذات الخطوة كمجاراة لموقف تلك الدول. لم يكون الموقف السوداني وليد اللحظة لتسجيل نقطة تقربه من المملكة العربية السعودية، فقد سبق الامر قبل عامين، أواخر عام ٢٠١٤، طرد السودان الملحق الثقافي الإيراني وإغلق المركز الثقافي الإيراني مبرراً الخطوة بتجاوز المركز للتفويض الممنوح له.
التبرير يومها لم يكن مقنعا، وقد فهم أن السودان ذات العلاقة المهزوزة مع دول عربية ومنها مصر والسعودية يحاول التقرب منهم بخطوات من هذا النوع، خصوصا أنه يتعرض لحصار أمريكي يضرب اقتصاده، ناهيك عن وضعه على قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإصدار مذكرة توقيف من قبل محكمة الجنايات الدولية سابقا (عام ٢٠٠٩) بحق الرئيس الأسبق عمر حسن البشير بتهم تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خصوصا في دارفور.
في تلك الأعوام، أي قبل عام ٢٠١٤، كانت العلاقات الايرانية السودانية متطورة خصوصا في الجوانب السياسية والأمنية والعسكرية، وكان موقف السودان من المقاومة في فلسطين متقدما خصوصا أنه بلد اللاءات الثلاث "لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف" مع العدو الاسرائيلي الذي يحتل أرضاً عربية مقدسة.
تعرض السودان لعدة ضربات إسرائيلية كانت تستهدف، مصانع سلاح، وقوافل تدعي "إسرائيل" أنها كانت سترسل إلى المقاومة في قطاع غزة بعد تنسيق إيراني سوداني.
لكن واقع السودان اليوم يختلف تماما عن وضعه السابق، نظام عمر حسن البشير سقط، والنظام القائم يشهد صراعات فيما بين أقطابه، وكذلك تربط الخرطوم علاقة تطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وقعت عام ٢٠٢٠. ويعاني البلد من أزمة اقتصادية حادة، وتدخلات خارجية في شؤونه الداخلية.
في ظل هذه الأوضاع، ومع استعادة طهران والرياض علاقاتهما، سارع السودان وعند أول لقاء سوداني إيراني، حصل في اذربيجان، إلى الاتفاق على استعادة العلاقات الدبلوماسية وإعادة تبادل فتح السفارات بين البلدين.
صحيح ان الخطوة جيدة، وتسجل لمصلحة الجمهورية الاسلامية في الدرجة الأولى كاعتراف على اساءة سابقة لم يكن له مبرر، لكنها من الجانب السوداني أتت مجاراة للأجواء العربية، الخليجية منها خصوصا، في استعادة العلاقات مع طهران.
في المحصلة، قد لا تكون نتائج استعادة العلاقات سريعة، نسبة إلى الوضع الممزق داخل السودان، وقد لا تشبه العلاقات في سابق عهدها خصوصا من قبل عام ٢٠١٤، لكنه في المحصلة تعد ضربة للخطوات الأمريكية التي عملت لعقود من الزمن على عزل طهران تطويقها.