خاص العهد
المعلمون بلا عيد
حسن شريم
كاد المعلّم أن يكون رسولًا.. من شمعة تذوب لإنارة درب الجهل بالعلم والمعرفة إلى شمعة تتقاذف نيرانها عواصف الأزمات ورياح المؤامرات، فيحترق ألمًا وحرمانًا لوضع مأساوي لا يقدر من خلاله على تأمين أدنى مقوماته المعيشية. إنّه المعلّم الذي يلعب دورًا عظيمًا في الحياة المجتمعية لا تقل أهميّة عن دور الأسرة. المعلّم الذي تقع على عاتقه مسؤولية تربوية وتعليمية كبيرة ويتولى ترسيخ الأخلاق الحميدة والصفات الحسنة في نفوس الطلاب لتستقيم المجتمعات كما يقول الشاعر أحمد شوقي: "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت إن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا".
هذا المعلّم للأسف يعيش اليوم أسوأ أيامه إذ يُصادف عيده في 9 آذار وأحواله ليست على ما يُرام. أحواله باتت في الدرك الأسفل وأموره انقلبت رأسًا على عقب. وبدل أن يكرّم على عطاءاته اللامحدودة تراه يحسب ألف حساب للذهاب الى المدرسة وسط تآكل راتبه وقدرته الشرائية. فماذا يقول المعلمون في عيدهم؟.
جواد: عيد بأي حال عدت يا عيد؟
رئيس رابطة المعلّمين في التعليم الأساسي الرسمي حسين جواد يستهل حديثه لموقع "العهد" الإخباري معبّرًا عن واقع حال المعلّم بالقول: "عيد بأي حال عُدت يا عيد؟" ويضيف أنّ "أحوال المعلمين صعبة ولا يحسدون عليها كما الشعب اللبناني الذي يعجز عن تأمين معيشته اليومية نتيجة الانهيار الحاصل".
وعن تآكل رواتب المعلّمين يقول جواد: "كان 17 تشرين الأول شرارة انحدار الواقع اللبناني نحو الإنهيار والهاوية، فبدأت الرواتب بالليرة اللبنانية للقطاع العام ــ ومنهم الموظفين ــ تتآكل إلى أن وصلنا اليوم إلى الحد الذي لم يعد مقبولًا لذلك قمنا بالإضراب المتواصل لنحو ثمانية أسابيع في محاولة منّا لمعالجة الوضع وتحقيق بعض مطالبنا".
ويتابع جواد: "كنا قد وضعنا شعار "صيرفة" للقطاع التربوي أي أن يتقاضى المعلمون رواتبهم على سعر "صيرفة" محدّد إلا أنّ الذي حصل هو أنّ كل القطاع العام استُفز وطالب بسعر "صيرفة" الأمر الذي دفع بالحكومة الى تأجيل هذا المطلب في جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في 6 شباط وبقيت الرواتب على ما هي عليه على أساس البحث في هذا الأمر لكل القطاع العام فيما بعد".
ويلفت جواد إلى "جملة مطالب نُطالب بها كأساتذة الوزارة وكنا نسميها في السابق "حوافز" لكننا اليوم أصبحنا نسميها بـ"بدل إنتاجية" والقصد منها دعم الرواتب التي فقدت قيمتها الفعلية وعدم تصحيحها في ظل غياب دور الحكومة وعدم التئام فعلي لمجلس النواب وغياب المؤسسات الدستورية".
ويتابع جواد: "من هنا وصلنا مع معالي وزير التربية إلى الموافقة على إعطاء المعلمين في 10 آذار مبلغ 100$ وفي 20 آذار مبلغ 200 $ ولآخر آذار وما يليه من أشهر مبلغ 125$ "فريش" تُدفع عبر الـ"OMT" لا المصارف نتيجة إذلالها لنا في دفع رواتبنا". وفي حال لم يتم الدفع ــ يقول جواد ــ: "سنقول له كل عام وأنتم بخير.. بدأ فصل الصيف". لا تعطيل ولا مماطلة تحت أي عنوان وكفى".
وعن صرف الـ"90 $" المستحقّة من العام الماضي والتي لم تُدفع لنحو 3000 من الأساتذة نتيجة بعض الأعطال في النظام التحويلي في الوزارة، يقول جواد "إنّ "اليونيسف" ستحوّل إلى صناديق المدارس مبالغ مالية بـ"الفريش" دولار وسيُصرف للأساتذة الذين لم يستوفوا حقوقهم مبالغ مالية من تلك الصناديق ولكن بموجب قرار صادر عن وزير التربية يقرّ لهم بها".
وفي الختام، يتوجه جواد بالتحية والتبريك للمعلمين في عيدهم متمنيًا لهم يوم غد أفضل.
شريم: احتمال نعي العام الدراسي وارد في حال..
مديرة مدرسة حومين التحتا الرسمية نوال شريم لا ترى في عيد المعلّم هذه السنة إسمًا على مسمّى. تقرأ هذا الأمر في أحوال الأساتذة التي يُرثى لها. تسأل: "كيف سيُعيّد المعلم في ظلّ الوعود الفارغة التي تحول دون حصوله على أيّة محفّزات وحقوق ورواتب مع استفحال الأزمة الاقتصادية والوضع المعيشي المتردّي؟".
تُضيء شريم على أهميّة الجسم التعليمي في أي بناء اجتماعي. برأيها، هو أساس المجتمعات لكنّ المعلّم اليوم يعاني من أوضاع نفسية صعبة كسائر الناس، اذ لا يكفي راتبه الذي يتقاضاه ثمنًا لصفائح "البنزين" التي ستوصله إلى المدرسة".
الحالة الصعبة للمعلّم تبدو جلية لدى الحديث عن الطبابة والاستشفاء. وفق شريم، فإنّ المعلّم يبدو اليوم في مأزق حرج إذا استلزم وضعه الصحي الدخول إلى مستشفى لتلقي العلاج، حيث تترتب عليه نفقات علاجية تفوق قدرته على التحمل فيعمد إلى الاستدانة خاصة وأن "تعاونية موظفي الدولة" أصبحت غير قادرة على تغطية "مساعدات" العلاج، وإن حصل فبنسبة قليلة جدًا لا تعادل جزءًا مما تمّ دفعه في المقابل".
وعن المساعدات التي وعد بها وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي، تقول شريم: "وزير التربية وعد الأساتذة في الحصول على المساعدات في العاشر من آذار الحالي وفي نهايته، وفي حال لم يفِ بوعده فهناك احتمال كبير أن ينعى الأساتذة نهاية العام الدراسي، وهذا ما لا نأمل أن يحدث لما له من تداعيات خطيرة على مستقبل الطلاب التربوي والدراسي لا سيما مراحل الشهادات الرسمية" تختم شريم.
الدولارمصرف لبنانالحكومة اللبنانيةتجمع المعلمين في لبنانوزارة التربية والتعليم العالي في لبنانالمدارس الرسميةعباس حلبي