معركة أولي البأس

خاص العهد

 "بيروت بتحكي حريّة": "بالديمقراطية جئناكم.. بالذبح جئناكم"
18/11/2022

 "بيروت بتحكي حريّة": "بالديمقراطية جئناكم.. بالذبح جئناكم"

ميساء مقدم

"بيروت بتحكي حرية"، عنوان برّاق لمؤتمر يتصدى لـ"مجموعة التحديات السياسية والاجتماعية اليومية التي يشهدها كلّ من لبنان والمنطقة والعالم بأسره". أمّا الحضور فيضم "شخصيات بارزة، إلى العديد من العقول المفكّرة الأخرى بهدف توفير نهج متعدّد الأوجه للموضوعات التي سيجري تناولها". (الرجاء التركيز على "متعدد" لأننا سنعود للمصطلح لاحقًا).

إذا كنت لبنانيًا وتحرّك فيك شيء من الحماس لحضور المؤتمر ذي العناوين الجاذبة، فلا بد من إشارات يجب أن تعرفها مسبقًا:

- أولها أن المؤتمر "التحفة" قد فاتك، فهو لسوء حظك عقد ليوم واحد في 17 تشرين الثاني/نوفمبر في الكرنتينا. Dommage لن تتمكن من تلقي جرعتك الضرورية من الديمقراطية الغربية!

- ثانيها أن لغة بيروت "اللي بتحكي حريّة" تبدّلت، فعليك أن تتحدّث الانجليزية للمشاركة، أو أن تكون مستمعًا حصرًا لترجمة تنظيرات المبشّرين الغربيين بالديمقراطية، دون أن تتاح لك حرية الادلاء بآرائك أو تساؤلاتك باللغة العربية، وإلا فالنتيجة كما ستراها في الفيديو.

- ثالثها وقد تكون أهمّها، أن "الديمقراطية" المستوردة التي جاؤوا يبشرون بها في بيروت، هي من "نوعهم الخاص"، لنتعرّف اليها.

 "بيروت بتحكي حريّة": "بالديمقراطية جئناكم.. بالذبح جئناكم"

عقد المؤتمر الذي روّجت له صحيفة "النهار" وفق المخطط، وهو من تنظيم مؤسسة "فريدريش ناومان" الألمانية المعنيّة بالترويج لـ"حرية الفرد والليبرالية". وقد شمل عدّة جلسات تناولت "الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في لبنان"، و"سبل حماية الحريات الفردية في لبنان والمنطقة"، و"الكفاح من أجل التغيير الديموقراطي في الشرق الأوسط" مع تخصيص عنوان خاص بالجمهورية الاسلامية الايرانية تحت عنوان: "كيف يمكن للتغيير في إيران أن يعيد تشكيل المنطقة. وكيف يمكن أن يبدو مستقبل الديموقراطية في الشرق الأوسط؟".

انطلاقًا من العناوين "الطنّانة" المنفتحة والمشجّعة للديمقراطية، كان لأحد الحاضرين مداخلة ضمّت تساؤلات مشروعة لمواطن لبناني عربي عاش ويلات الخريف العربي الدموي المصنوع أميركيا وغربيًا: "هناك أناس منسجمة ومقتنعة بأنظمتها لماذا تبثون فيها أفكارًا معادية؟ ألم تحولوا "الربيع العربي" إلى ظاهرة تسمى "داعش"؟ حكوماتكم تعترف أنها هي من صنعت "داعش"، هل يجب أن نصبح جميعًا بلدانا تحتلها "داعش" حتى نكون ديمقراطيين؟".

ما هو جواب سفراء الديمقراطية من الـ NGOS؟

الجواب جاء على لسان "الدكتورة" لينا الخطيب (مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس. كانت سابقًا مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت وشاركت في تأسيس وقيادة برنامج الإصلاح العربي والديمقراطية في مركز جامعة ستانفورد للديمقراطية والتنمية وسيادة القانون):  

"حسناً، لن أترجم ذلك، لأنّ السؤال فعليًا لم يكن موجّهًا لشخص محدّد، كان السؤال "أنتم في الغرب"، وأنا لا أدري إلى من كنت تتوجّه بسؤالك، هل كان سؤالك لمنظّمي المؤتمر؟ إذا كان كذلك أظن أنه عليك التحدّث معهم لاحقًا".

استخفاف، قمع، خوف من الآخر، عنجهيّة، وفوقيّة غربية لا تعكس سوى صفات الاستكبار العالمي في التعاطي مع الشعوب. يكشف الفيديو المرفق زيف الادعاءات الغربية والديمقراطية المزعومة، ويقدّم لنا صورة مصغّرة عن البروباغندا الأميركية الأجنبية تجاه بلداننا. هذه البروباغندا القائمة على الكذب، تريد اقناعنا أن جماعات المجتمع المدني، وبعض المحاضرين والعاملين في مراكز الدراسات الغربية، هم أسياد الديمقراطية وحريّة الشعوب، فإذا بهم يضيقون ببضعة أسئلة من مواطن لبناني، جاؤوا اليه بعنوان يخاطب حريّة عاصمته.

"بيروت بتحكي حريّة"، ولأنها كذلك، خافت الخطيب حتى من "ترجمة" المداخلة، ففي هذه الجلسات المترفة بشعارات الانفتاح الخادع، لن تسمع سوى صدى المشروع الأميركي يتردد على حقيقته: "بالديمقراطية جئناكم.. بالذبح جئناكم"، كلاهما شعاران بمضمون واحد.. "أمريكا أم الارهاب".

إقرأ المزيد في: خاص العهد