خاص العهد
إعلام مأجور يزوّر الوقائع.. ماذا عن التفتيش المركزي؟
ميساء مقدم
كثيرٌ من الشعارات والشعبوية، وقليلٌ من الأرقام والحقائق والأدلة. هكذا يتعاطى بعضُ الإعلام اللبناني مع أزمة كورونا في لبنان. ولأسباب محض سياسية، يعمد البعض الى زجّ الدسائس والاتهامات، والتعاطي معها على أنها حقائق مثبتة، ثم البناء عليها لشن الحملات المنظمة ضد وزارة الصحة اللبنانية.
بلا مواربة، قد تكون وزارة الصحة هي الأكثر نشاطًا وديناميكية من بين وزارات تصريف الأعمال، فالأزمة الصحية العالمية تفرض العمل المضاعف والابتعاد عن نمط تصريف الأعمال الذي تغرق فيه الكثير من الوزارات رغم حالة الانهيار التي يعانيها البلد على أكثر من صعيد.
وقد تكون الحملات التي ينخرط فيها الإعلام ضد الوزارة مفهومة اذا أيقنا مصدر تمويلها. فليس مستغربًا مثلًا أن يخرج طوني خليفة على شاشة "إل بي سي" و"صوت بيروت انترناشونال" (المملوكة من بهاء الحريري ويتم الدفع فيها "كاش" عبر الـfresh money بالعملة الصعبة) بانفعالاته المصطنعة الموجهة ضد وزير الصحة، وكلّما وصلته "خبرية" على هاتفه، أذاعها مباشرة على الهواء دون تدقيق أو تأكد من مصدر أو حقيقة، في "ظاهرة إعلامية" جديدة تقتضي إذاعة كل ما "هو في متناول اليد" من معلومات وأخبار دون أدنى تدقيق فيها، وهو ما يفتح المجال أمام التزوير والكذب.
لكن ما هو غير مفهوم، أن تنغمس مؤسسة رسمية في فوضى الأرقام لأهداف غامضة. التفتيش المركزي، أصدر الأسبوع الفائت ـ من غير اختصاصه ـ ما أسماه "التقرير الأسبوعي الأول عن مرحلة التلقيح"، زاعمًا مخالفة الخطة الوطنية، وموردًا أرقامًا لا أساس لها من الصحة ولا تقارب الواقع. وبحسب مصادر "العهد"، فإن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب قد استدعى رئيس هيئة التفتيش المركزي جورج عطية، وأنّبه بعد تقرير التفتيش الذي أورد أرقامًا منفصلة عن الواقع، متجنيّا بذلك على المستشفيات، متخطيًا وزارة الصحة المسؤولة والمعنية بمتابعة سير الخطة الوطنية.
وكان تقرير التفتيش المركزي قد أثار سخط المستشفيات التي أصدرت تباعًا بيانات صوّبت فيها الأرقام الواردة في التقرير، مبيّنة الخلل الكبير فيه. ورغم ذلك، ما يزال التقرير الذي يتضمن مغالطات كبرى موجودًا على موقع "التفتيش المركزي" رغم كل الملاحظات والبيانات المتتالية للمستشفيات المعنية، ما يطرح تساؤلًا موضوعيًا، حول الغاية من تخطي المعايير العلمية ووزارة الصحة في التعاطي مع ملف دقيق كملف اللقاحات، فهل بتنا بحاجة الى تفتيش آخر يفتش وراء التفتيش المركزي؟
مصادر وزارة الصحة بدورها أكّدت لموقع "العهد" الاخباري أن لا صلاحية للتفتيش المركزي لإصدار هكذا تقارير، فالداتا اللازمة ليست بين يديه حتى يتمكن من المقارنة والحكم، مشيرة لـ"العهد" الى أن الوزارة تتابع سير الخطة مع المستشفيات، ويتم اتخاذ اجراءات بحق المستشفيات المخالفة للمعايير المتبعة كما حصل مع مستشفيي البترون وبعلبك.
وتشدد مصادر الوزارة على أن لا شيء اسمه تلقيح من "خارج المنصة"، موضحة أن بعض الثغرات التي يشار إليها هي ليست مخالفة للمعايير المتبعة، بل إن ما حدث مثلًا أن بعض المسنين المسجلين على المنصة قد حصلوا على موعد لتلقي اللقاح لكنهم لم يحضروا الى المركز المخصص خلال العاصفة، فتم في هذه الحالة اعطاء اللقاح الى آخرين تنطبق عليهن المعايير العمرية وضمن الفئة المستهدفة وفق أولويات الخطة الوطنية وأسماؤهم مسجلة على هذه المنصة، وهذا لا يعد خرقًا للقوانين بل حرص على عدم إهدار الوقت واللقاحات في آن. أما المخالف للقانون فهو أن يتم مثلًا في حال تغيّب صاحب الموعد عن الحضور، تلقيح آخرين من الفئة العمرية المخالفة التي لا يحق لها حاليًا تلقي اللقاح.
وتلفت مصادر وزارة الصحة لموقع "العهد" الاخباري الى أن المستشفيات التي وردت أسماؤها في تقرير التفتيش المركزي قد تواصلت مع الوزارة معترضة على الأخطاء الواردة في أرقام التقرير، مستغربة اقحام التفتيش المركزي نفسه بهذه المعمعة.
وبحسب الوزارة، فإن الخطة الوطنية للتلقيح تسير بشكل جيد، وقد تم حتى الآن استخدام أكثر من 50 ألف لقاح من التي وصلت ضمن الدفعة الأولى الى لبنان، وفق الخطة الوطنية المرسومة.