طوفان الأقصى
كيف أقر نتنياهو بالفشل أمام الكونغرس؟
ليس خافيًا أن ظهور مجرم الحرب نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي كان أمرًا مُجَدْولًا منذ فترة ليست بالقصيرة. وليس مستبعدًا أن تقديرات هذا المجرم، هو أن موعد مخاطبته للكونغرس سيأتي وقد حقق الكيان أبرز أهدافه في غزّة، محتفلًا بشبه نصر على الأقل، إلا أن أمرًا من هذا لم يحدث.
قبل الموعد المحدّد بأيام تحمّل نتنياهو على ظهره عملية يافا كشكوى إضافية إلى أعضاء المجلس الأميركي، الذي استقبله بحفاوة لم يحصل عليها حتّى رئيس أميركي.
هذه الشكوى، إلى جانب إصرار رئيس حكومة العدو على تحريض واشنطن لمزيد من الدعم للكيان من أجل مواجهة حماس، تجعل نتنياهو في موضع من يقر بشكل غير مباشر بالعجز والفشل وتنامي الخوف والقلق، الذي عبّر عنه بالقول إن المنطقة في مفترق طرق، واستجدى المشرّعين الأميركيين من أجل مزيد من الأسلحة لـ"إسرائيل" في "أقرب وقت"، وقال: "نحتاج أميركا معنا لتحقيق الفوز والوصول إلى أهدافنا.
"إسرائيل" من دون واشنطن ودعمها لا شيء". هذه الحقيقة التي أكدها نتنياهو، دون قصد، تكشف أن واحدًا من أقوى الجيوش في العالم تدريبًا وتسليحًا وتكنولوجيا، لا يزال يراوح مكانه في غزّة المحاصرة، وأمام ثلة مؤمنة من المجاهدين المسلحين بأسلحة تعتبر بدائية أمام ترسانة الكيان المؤقت.
ما الذي يريده الكيان للنصر في غزّة، وها هو قد وصل لعشرة أشهر دون تقديم أي صورة للنصر، والأحياء والمدن والمناطق التي خرج منها جيشه يعود إليها عدة مرات وكأنها في أول أيام عدوانه، وقد استخدم القنابل والمتفجرات بشكل لم يعد أمامه إلا استخدام القنبلة النووية.
وليس الفشل أمام غزّة فقط، بل أمام جبهات الإسناد أيضًا، من لبنان إلى العراق واليمن، وهنا ليس الفشل "إسرائيليًّا" فحسب، بل هو فشل أميركي وبريطاني كذلك.
ما أقر به نتنياهو بشكل غير مباشر، قالته وسائل الإعلام والخبراء والمسؤولون "الإسرائيليون" والأميركيون بشكل مباشر.
قائد القيادة المركزية الأميركية أرسل رسالة إلى وزير الدفاع لويد أوستن أكد فيها على فشل الاستراتيجية الأميركية في البحر الأحمر. وعبّر نائب رئيس معهد يوركتاون أن الخسارة التي تنتظر واشنطن والكيان المؤقت تشبه الخسارة في أفغانستان، ووصف الفشل الأميركي وتحالف ما يسمى بـ"حارس الازدهار"، بأنه فشل مهين.
يأتي استجداء نتنياهو إذًا، في الوقت الذي توسع فيه جبهة المقاومة من عملياتها، لتصل الطائرة المسيّرة اليمنية إلى عمق الكيان في "تل أبيب"،وتُحدث ذلك الانفجار الذي سمع على بعد عدة أميال، ويكشف حزب الله عمّا جمعته الهدهد من صور ومعلومات وتحليقها فوق القواعد العسكرية، واختراق هذه الطائرات لمنظومات العدوّ الدفاعية الأكثر تقدمًا حسب ادعائه.
هذا الواقع جعل نتنياهو لا يتوقف على طلب الدعم الأميركي، بل ذهب أبعد من ذلك، وهو اقتراح تشكيل تحالف عسكري، باسم "تحالف ابراهام"، وهو لو كان قادرًا على حسم المعركة بجيشه وعتاده الضخم وترسانته الهائلة لما طالب به، إلا أنه الفشل والعجز.
أنه لمنطق سخيف، يراه السيد عبد الملك الحوثي، عندما يظن نتنياهو أن العرب يمكن أن يتحالفوا مع هذا المتوحش، أو أن يتحالفوا معه ضدّ غزّة وضد أنفسهم كعرب وكمسلمين، وإن كان السيد يحفظه الله، قد أشار إلى أن هناك من يتناغم مع العدوّ من حملة راية التطبيع.
إذًا، كلّ التفاصيل تقول إن مجرم الحرب قد أكد أنه فشل وعجز في غزّة، والتصفيق الذي تعالى أكثر من ٧٥ مرة أثناء خطابه وأكاذيبه، ليس إلا محاولة أميركية لرفع معنوياته المنهارة، وليس لإنجازاته المعدومة أصلًا.
الولايات المتحدة الأميركيةبنيامين نتنياهوالكونغرس