نصر من الله

طوفان الأقصى

رعب الوعد الإلهي
20/06/2024

رعب الوعد الإلهي

خرج علينا جنرالان من جيش العدو برسالتين غير مسبوقتين. رأى الضابطان شيئًا مرعبًا عند خط الأفق القريب، فاضطرا لخرق بروتوكولات الصمت في محاولة تنبيه أخيرة، على ما يبدو، مدير إدارة العمليات السابق في جيش الاحتلال يسرائيل زيف قال: "إننا نتصرف كأننا نمتلك الوقت ولا نستشعر تأثير عوامل أخرى على الزمن"، ثم أعقبه الجنرال إسحق بريك، بدق ناقوس الخطر من تفكير في هجوم على حزب الله، سيتحول إلى محرقة شاملة للكيان، خلال "الأيام الصعبة المقبلة".

"ما نعرفه يقينًا أن الكيان قد تورط في معركة استنزاف مرهقة ومرعبة"، التعبير أيضًا للجنرال الصهيوني يسرائيل زيف الذي قال حرفيًا إن "الحرب اليوم تنتقل إلى أخطر مراحلها، والكيان ينزلق ببطء نحو فقد المبادرة كليًا والسقوط إلى حيث خطط الأعداء تمامًا"، وأي جولة سريعة على إعلام الكيان سيعطي فورًا الانطباع بالتشتت واليأس وغياب الأهداف وضبابية المشهد، فوقًا عن الصدع السياسي الهائل الذي تمثل في حل حكومة الحرب، وتولي المجنون نتنياهو وحده قيادة السفينة الغارقة.

باستعراض سريع لما وصلت إليه خطوط القتال بين محور المقاومة والكيان، فإن جبهة غزة لا تزال صامدة، والرهان الصهيوني على حرب تجويع، تحول مع الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني البطل إلى صرح من وهم، والعملية العسكرية الجارية في رفح قد تحولت إلى فخ مروع يبتلع يوميًا عشرات القتلى، مع كل التكتم والرقابة الحديدية على أرقام الخسائر في صفوف الجيش المهلهل، والكيان أصلًا يخوض معركته في ظلال عميقة من الشك في كل خطوة أو تصرف، وتوزيع الاتهامات على كل مسؤول، وهذا يمكن أن يكون أي شيء إلا أن يكون نصرًا من أي نوع أو وصف.

نأتي إلى الرهان الأول منذ اللحظة الأولى، جبهة جنوب لبنان وحزب الله الذي ما خذلنا ولا خيب ثقتنا وآمالنا الكبرى، في هذه الجبهة يبدو الصهيوني عاجزاً عن التفكير، فضلًا عن الحركة، فرجال الله -وعدنا الصادق- قد اجترحوا من رحم المستحيل إستراتيجية التصعيد الذكي، وبينما يغرق الجيش الصهيوني في احتمالات المواجهة، ويؤجلها يومًا بعد يوم، فإن هذه الجبهة وحدها قد عرت كل الأوراق ونزعت كل المبادرات من عقول مخططيه، الحزب في حرب قادمة سيكون إعصارًا من نار ودم سيذهب وساوس الشيطان عن الكيان وعن الصهاينة العرب، سواء بسواء، ما يقوله الإعلام الصهيوني –ذاته- إن حربًا شاملة مع الحزب ستدمر كل مقومات الوجود الصهيوني، المحصور في مساحة صغيرة جدًا ومحدودة وسط فلسطين المحتلة، وأن الحزب طوال ما يقترب من 257 يومًا لم يكن يمارس على الجبهة شيئًا سوى مناورة بالذخيرة الحية، لم تدرك أبدًا حكومة العدو أنها كانت التجهيز للحرب الكبرى القادمة، فاستخدام القذائف الموجهة ثم المسيرات، فصواريخ الميدان الثقيلة كان يستهدف في الواقع تحييد كل قدرات الرصد والاكتشاف لدى منظومات العدو الدفاعية، والحزب لم يستخدم فعليًا ترسانته الجاهزة والواسعة من صواريخ دقيقة أو أسلحة جديدة، وحتى الآن لا يزال محتفظًا بمفاجآته للحظة الحسم الآتية.

يعرف ويعترف أعلى مستوى في قيادة العدو أن حربًا واسعة مع حزب الله تساوي هلاكًا عاجلًا أكيدًا سريعًا، فالكيان الذي هو ليس دولة بالمعنى المفهوم محصور في بقعة ضيقة جدًا، تتمركز فيها كل أسباب حياته، من صناعات إلى محطات مياه وكهرباء، ثم المدن الكبرى، أي أن تغطية هذه الأهداف ممكن ويسير، ثم أن الحزب يملك من القوة العسكرية قاعدة واسعة عميقة الخبرات، خاضت حروبًا متتالية، وهذا في ميزان المواجهة عنصر له ثقله وتأثيره، وهو قادر على ترجيح كفة طرف على طرف.

في بدايات معركة طوفان الأقصى المباركة، كان المتخاذلون العرب يتندرون من الأسلوب القتالي لحزب الله، لكن في اللحظة الحاسمة للحرب، وكما كان منتظرًا من كل عربي شريف، فإن حزب الله وسماحة السيد حسن نصر الله، أثبتا للمرة المئة أو الألف، أن الحزب وعد لم يخلف أبدًا موعده.

هل هذا كل شيء يتعلق بالرعب الصهيوني من الأيام المهولة المقبلة؟!

في الثامن من شهر ذي الحجة بدأت حكايتنا الحقيقية، أدار الإمام الحسين(ع) ظهره للكعبة موليًا وجهه شطر طريق الحق، عما قريب تظللنا ذكرى "كربلاء" انتصار الدم على السيف، ونحن مختلفون كليًا، ففي هذه الزمن كما قال سيد الوعد الصادق "ليس دمنا فقط هو الذي ينتصر على السيف، سيفنا أيضًا ينتصر على السيف، لدينا في هذا الزمن دم وسيف وكلاهما ينتصر".

في زيارة الإمام الحسين(ع) يردد المسلم "السلام على ثار الله وابن ثاره"، لا يبحث المؤمن عن ثأر واحد، بل يبحث عن ثأر كل مضطهد وضحية ومظلوم وصاحب حق على طول التاريخ الإنساني، في هذه الأيام سيقاتل العدو أرواحًا لم يقاتلها من قبل، ولم يعرفها من قبل، سيقاتل الأرواح التي تهفو لفناء الحسين(ع)، سيقاتل أبطال كربلاء، سيواجه ملحمة كبرى ونهائية عابرة للقرون والأجيال والأزمنة، لن يجد الصهيوني هذه المرة في الجبهة احتمالات نجاة أو هرب، وإنما سيجد الثأر الإلهي الموعود.

إقرأ المزيد في: طوفان الأقصى