وكان حقّاً علينا..
المقاومةُ الإسلاميّة و"السواعر".. تاريخٌ من نور ونار
حسين خازم
يُعتبر الرابع عشر من تموز لعام 2006 واحدًا من أيّام حرب الوعد الصادق المفصليّة، بحال اعتمدنا يوم الثالث عشر منه كيوم أوّل للحرب فيكون ذلك اليوم هو يوم الحرب الثاني، ولكنه في الوقت نفسه اليوم الذي وجّهت فيه المقاومة الإسلاميّة ضربتها التاريخية لمفخرة سلاح البحرية الصهيوني بإغارتها على الفرقاطة ساعر - 5 والتي اعتبرت في حينه أعظم الانتاجات الصهيونية البحرية.
الضربة تلك بكل تفاصيلها استطاعت أن تحجز مكانًا لها في سياق الحرب الطويلة والتي تزامنت مع كلمةٍ صوتية للأمين العام السيد حسن نصرالله، القائد الذي أعلن أنه ومقاتلوه أهلٌ للحرب الضروس التي هددنا بها أولمرت ووزير حربه الذي توّعد بأننا لن ننسى اسمه فنسنياه.
لكن وللإنصاف التاريخي، لم يكن الأمر أول إنجازات المقاومة الإسلامية على صعيد البحر، فقد سجّلت المقاومة الإسلاميّة عددًا من العمليات والمحاولات، نكتفي بالحديث عما أُعلن عنه قبل وأثناء الحرب، ولربما لولا رضوخ الكيان الصهيوني في مسألة تعيين الحدود البحرية لكُنا قد أضفنا عمليةً جديدة.
ظهر إلى العلن وللمرة الأولى اسم "بحرية المقاومة الإسلاميّة" في كانون الأول لعام 1987 أي بعد خمس سنوات تقريبًا على انطلاقة المقاومة الإسلامية، لم يكن ذلك باحتفال أو بمؤتمر صحفي إنّما بعمليّةٍ نوعية كمنت فيها من ساحل الزهراني لهدفٍ إسرائيلي في البحر.
في التفاصيل المختصرة أن مجاهدين من المقاومة الإسلامية، اختارتهم القيادة ضمن شروطٍ محددة وقاسية، كمنوا لبارجتين إسرائيليتين الأولى من نوع "ساعر 3" والثانية من نوع "ساعر 2" قبل أن تصل البارجة الأولى إلى مكان استهدافها فانطلقت قذائف المقاومين نحو غرفة قيادتها إضافةً لزخّات من رصاص رشاشاتهم الفردية قبل الهجوم عليها بشكل مباشر، في هذه الأثناء تتدخل البارجة الثانية التي تعامل معها المجاهدون الاستشهاديون قبل أن يُستشهَدوا جميعًا وتغرق البارجة الأولى لتفرّ الثانية إلى عمق البحر خشية أن تتعرض هي الأخرى لذات المصير.
بعد العملية بأيام، والتي كان إعلانها الإسرائيلي سبّاقًا قبل إعلان المقاومة الإسلاميّة، حذّر الصهاينة العالم من أن لحزب الله خطّة بهدف "تلغيم" البحر الأبيض المتوسط. لقد صرخ اليهود أولًا في المعركة البحرية ولم يكن للمقاومة الإسلامية حينها سوى خمس سنوات على الانطلاقة.
يبلغ طول ساعر 3 حوالي 45 مترًا، ويبلغ عرضها 7 أمتار، وتحمل في عديدها البشري 5 ضباط و30 إلى 35 بحّارًا كحد أقصى، مزوّدة بثلاثة صواريخ "غابرييل" وصاروخَي "هاربون" إضافةً إلى رادار ورشاشين ثقيلين من عيار 12.7 ملم، كل هذا كان أمام ستة استشهاديين من مجاهدي المقاومة الإسلاميّة في مهمّةٍ خاصة تعكس روحية ونوعية هذه الفئة التي باعت جماجمها لله ولم تُعره إياها فحسب.
بعد ذلك، شهدت مرحلة التسعينيات محاولات كذلك، قبل سنوات ظهرت خلف أحد ضباط البحرية المقاومة الإسلاميّة الذين قابلتهم قناة "المنار" بحلقة تحت عنوان "جندٌ مغرقون" صورةٌ لشهداء العملية البحرية الأولى، إضافةً إلى شهيدين آخرين فيما سمّته الصورة "العملية البحرية الثانية" وهُما الشهيد حسن علي ابراهيم، والد الشهيد علي ابراهيم الذي استُشهد في موكب شهداء القنيطرة إلى جانب الشهيدين محمد عيسى وجهاد مغنية واخوانهما، والشهيد نمر علي حميد، لم تذكر الصورة أي تفاصيل أخرى، لكن لهذه الصورة دلالتها وأهميّتها في سياقٍ طويل لم ينتهِ في الحرب بين المقاومة الإسلامية والكيان الصهيوني.
وصولًا إلى حرب تموز 2006، وبعد اليوم الذي هاجمت فيه المقاومة الإسلامية ساعر 5، وفي الحادي والثلاثين من تموز للعام نفسه، اليوم 19 على بداية الحرب، دمرت المقاومة الإسلامية سفينة ساعر 4.5 قبالة شواطئ صور في جنوب لبنان، الصواريخ التي وصفها بيان المقاومة الإسلامية بالمباركة أصابت السفينة ودمّرتها تدميرًا كاملًا بطاقمها المؤلف من 53 ضابطًا وجنديًّا، على الرغم من محاولات النجدة الصهيونية بالمروحيات والقطع البحرية.
قبل أشهر، كاد وقت الصهاينة أن ينفد، شاهد العالم بأسره منصّات الصهاينة لاستخراج النفط تحت مرمى الصواريخ التي كانت وما زالت مباركةً مسددة والتي يمتلك أهلها إرادة أن يضغطوا على الزرّ في الوقت المناسب. اشتبكت المقاومة الإسلامية مع ساعر 2 ودمرت ساعر 3 و ساعر 4.5 وهشّمت مجد ساعر 5. تاريخٌ من نور ونار خطّه الله قبل أن تخطّه أيدي رجاله: "وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُون".
حرب تموز 2006عدوان تموز 2006ساعر 5