الحدث السوداني
المعارك في السودان تزداد شراسة.. كيف ستنتهي الأزمة؟
خاص العهد
تتسارع التطورات الميدانية في السودان مع استمرار القتال العنيف بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، فما إن أوشكت الأزمة السياسية في هذا البلد على أن تدخل مرحلة انفراج في سياق ما يعرف بـ"الاتفاق الإطاري"، حتى اندلع القتال مجددًا، وسط مخاوف من تضاؤل فرص الحكم المدني في البلاد، وسط فشل الوساطات المحلية والدولية في تطويق الخلافات بين الطرفين ما يزيد المخاوف من انزلاق البلاد الى حرب واسعة. فكيف سيكون حل الأزمة؟.
الكاتب والمحلّل السياسي صالح جمعة أكّد لـ "العهد" أننا في خضم معركة شرسة جدًا حاسمة وفاصلة في السودان، والتي من بعدها إما سينعقد الحوار، أو يكون الحزم النهائي لواحد من الأطراف. وقال "إننا توقعنا أن تسمح هدنة الثلاث ساعات الأولى بجلوس طرفي النزاع على طاولة التفاوض لوقف إطلاق النار وإيقاف العداءات الموجودة بين الطرفين، إلا أننا تفاجأنا بالاشتباكات المستمرة في الخرطوم".
جمعة شدّد على أنه لا يمكننا الآن تحديد الطرف الذي سيستطيع حسم المعركة، موضحًا أن الصراع اندلع وسط انسداد الأفق لفترة طويلة جدًا خصوصًا بعد انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021 في السودان، والاتفاق "الإطاري" الذي جمع بين القوى المركزية في العاصمة السودانية الخرطوم، والذي تم التوقيع عليه أواخر العام الماضي.
جمعة اعتبر أنه كان يتعين على كل من الجيش وقوات الدعم السريع التخلي عن السلطة كما أمل منهما الشعب السوداني، ولكن اتضح أن هناك مسألتين مثيرتين للخلاف بشكل خاص، الأولى هي الجدول الزمني لدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة النظامية، والثانية هي توقيت وضع الجيش رسميًا تحت إشراف مدني. وأضاف أن "التوتر تصاعد بين الطرفين مؤخرًا، حيث قام كل منهما بتعزير مواقعه العسكرية في العاصمة بسبب الخلاف بينهما حول الانتقال الى حكم مدني ودمج قوات الرد السريع في الجيش السوداني، وحول من يقود المؤسسة العسكرية التي تنتج عن دمج القوتين".
وفقًا لجمعة، فإنّ "قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" كان لديه رؤية لآليات مختلفة يهدف من خلالها إلى إيجاد حلول للأزمة السياسية القائمة والوصول إلى انتقال ديمقراطي حقيقي وتسليم السلطة، والقوة للقوات المدنية، لكن الحرب حالت دون ذلك" حسب قول جمعة.
وتابع أنه "من خلال المراقبة تبين لنا أن هناك تدخلات خارجية في الأزمة السودانية، وأبرز وجوهها المناورات المشتركة بين قوات الشعب المسلحة والقوات المصرية داخل الحدود السودانية، وهذه الأشياء كانت مفاجئة لقوات الدعم السريع" على حد قوله، مشيرًا إلى أن الحرب بين الطرفين كانت كلامية، إلا أن التدخلات في مسار العملية السياسية في السودان من المجتمع الدولي ومن الخارج، كانت سببًا لبناء عدم ثقة بين المكونات الموجودة في العمل السياسي والأمني، مما أجج الاختلافات.
ولفت إلى أن الصراع يضعف الدولة السودانية ويؤثر على البنية التحتية لقدرة وجاهزية القوات المسلحة، ورأى أن هذا الصراع في السودان سيؤثر على شمال أفريقيا وعلى المنطقة عامة، لأهمية السودان في المنطقة وربطها مع الحدود خصوصًا مع تشاد ومصر وأفريقيا الوسطى وليبيا وغيرها.
وقال إن "السودان الآن دولة عشائرية والصراع سيخلق المجموعات السودانية المنفصلة، فجنوب السودان انفصل بسبب الحرب والصراعات القبلية التي تستفيد من غياب الحكومات، مما يدفع للانقسام الذي تريده بعض الدول، وهذا يؤدي إلى أعمال تؤجج من حدة الصراع أو تهدف للنيل من سلامة الأراضي السودانية، وتؤثر على أمن واستقرار وسلامة الشعب السوداني".
جمعة بيّن أن "السودان هي المنطقة الوحيدة للغذاء العالمي بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، مما استقطب المستثمرين، نسبة لنهر النيل والأراضي الزراعية، ولما فيها من ذهب وبترول، فبعض الدول لديها أطماع كبيرة في السودان، ولها مصلحة بالانقسام في هذا البلد".
وأضاف: "لقد ظلّ السودان لفترة ليست بالقصيرة تحت الضغط الدولي سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا منذ أيام الرئيس عمر البشير الذي أُطيحَ به في 11 نيسان 2019".
واعتبر أن "الأمور تتجه نحو الحل النهائي العسكري، فالمبادرات التي قام بها الاتحاد الأفريقي، وبريطانيا، والدول الأوروبية، والولايات المتحدة الأميركية جاءت متأخرة جدًا، فيما القتال يزداد شراسة".
جمعة شدّد على ضرورة أن تتبنى الأطراف جميعها مبدأ التفاوض والحوار وتقبل به، وأن تعمل على إعادة الأمور لنصابها.