معركة أولي البأس

سوريا.. نفــوسٌ أبـاةٌ

عقوبات ما قبل "قيصر".. الأميركيون يكذبون وبعض "الأشقاء" يخضعون
09/02/2023

عقوبات ما قبل "قيصر".. الأميركيون يكذبون وبعض "الأشقاء" يخضعون

خليل نصر الله

لطالما تعرضت سوريا الدولة لعقوبات اقتصادية. يعود الأمر الى عام 1979، بحجة دعم "الإرهاب"، في إشارة الى دعم دمشق يومها لقوى المقاومة الفلسطينية، وهو ما أثر على واقعها الاقتصادي.

وطوال فترات الصراع في المنطقة، تتعرض دمشق شيئا فشيئا لعقوبات اقتصادية، لكن أشدها تلك التي فرضت عليها عام 2011، بحجة دفع "الرئيس الأسد" إلى حل سياسي، كما يدّعون.

العقوبات التي استهدفت تجميدًا لأصول الدولة السورية في أي مكان، والتزمت بها جامعة الدول العربية في شهر نوفمبر 2011، أي بعد أشهر قليلة من فرضها أميركيا، كانت الطلقات الأولى لخنق الشعب السوري، تحت عنوان معاقبة النظام، بحسب مسمياتهم.

طالت العقوبات المصرف المركزي السوري، والتعاملات المالية مع دمشق، وفرضت عقوبات على مختلف القطاعات ومرافق الدولة. الطائرات السورية لم يعد بامكانها التزود بالوقود في أي مطار حول العالم، وفقدت قدرتها على استيراد قطع الصيانة. كذلك فرضت عقوبات على القطاع النفطي، قبل أن يحتله الإرهابيون لاحقًا، ثم يسترده الأميركيون عام 2017، ويحرموا دمشق من موارده ويواصلوا عملية نهبه.

من العقوبات أيضًا، ما طال أشخاصًا سوريين وكيانات وشركات، وهو ما زاد من تعقيد المشهد.

التزم العرب عبر جامعة الدولة العربية بما فرضه الأميركيون، وبادروا الى مزيد من الخنق والحصار، وكذلك الاتحاد الأوروبي، الذي يسير وفق ما تريده الولايات المتحدة الأميركية.

بمراجعة بسيطة للأعوام الماضية تحديدًا، منذ عام 2018، يتبين أثر هذه العقوبات على واقع السوريين المعيشي، خاصة مع تدهور سعر العملة السورية كنتيجة مباشرة للحصار.

في الواقع، كل شيء في سوريا يخضع للحصار والعقوبات.

عام 2020، أقر قانون قيصر، بعدما كان مشروعًا قيد البحث في الكونغرس الأميركي، سياقه السياسي أتى في مرحلة الضغوط القصوى التي تتعرض لها دول في المنطقة ومنها إيران.

هدف "قيصر" الذي يزعم الأميركيون أنه لحماية الشعب السوري، هو منع أي دولة أو شركة أو فرد أو كيان، من التعامل مع سوريا اقتصاديًا. في الواقع إن هذا القانون يطال الدول التي يمكن أن تتعامل مع دمشق، وهو يكرس منطق العقوبات أحادية الجانب.

قلّة هم من يخرقون هذا القانون، وهم دول ترفض الهيمنة الأميركية على رأسها ايران وروسيا والصين. مع الزلزال الذي ضرب تركيا وشمال سوريا، وحجم الكارثة الكبير، خرج الأميركيون ليتحدثوا عن أن قانون "قيصر" وعقوباتهم لا تشمل المساعدات. فهل يسمح مثلًا لدمشق باستيراد معدات ثقيلة؟ إن كان نعم فما هي الآلية؟

في الواقع، يمكن الاستناد إلى تجربة حصلت مع ايران ابان جائحة كورونا، ومن خلالها فهم واقع ما يواجهه السوريون.

عام 2019، احتاج القطاع الطبي في ايران إلى معدات طبية، لكن العقوبات منعت طهران من استيرادها. خرج وزير الخارجية الأميركي لاحقًا ليقول لا عقوبات من هذا النوع، ويمكن لإيران استيراد ما تريد، فأتى الرد من طهران في تعليق على ادعاءات بومبيو بأن العقوبات مالية، أي أنها لا تسمح بفتح اعتمادات، فصمت الأميركيون.

ما تواجهه سوريا الآن أمر مشابه تمامًا، يقول الأميركيون إنه لا عقوبات على المساعدات والمواد الطبية وغيرها، لكن في واقع الأمر إن استيرادها يحتاج إلى فتح اعتمادات مالية، وهو ما لا يمكن حصوله بفعل العقوبات المالية الشديدة المفروضة على سوريا من قبل واشنطن والدول التي تدور في فلكها.

إن الكارثة الحالية تبين بشكل واضح أن التوظيف السياسي لأي كارثة قائم، خاصة من قبل الأميركيين والغربيببن، فيما شركاؤهم في المنطقة خاصة الدول العربية، لا قدرة لهم على التحرك إلّا فيما ندر، خشية من العقوبات الأميركية التي لا تراعي حليفًا أو صديقًا، وربما ارسال المساعدات والطائرات يتم بعد أخذ أذونات أميركية.

في المحصلة، إن العقوبات على سوريا، من خلال قانون قيصر، وما سبق قانون قيصر بأعوام، تقف عائقًا أمام تعامل دمشق بسرعة مع الكارثة، وهو ما سيعمق تبعاتها خلال الفترات اللاحقة.

قانون قيصر

إقرأ المزيد في: سوريا.. نفــوسٌ أبـاةٌ