سوريا.. نفــوسٌ أبـاةٌ
في ظل الزلزال المصيبة.. سوريا تقاوم الحصار
خليل نصر الله
المصيبة مصيبة أينما حلت، لا انتقائية في تجزئتها أو تقسيمها حسب الأهواء والمصلحة.
زلزال يضرب في تركيا وشمال سوريا، حسب التقسيم الجغرافي هناك بقعتان، لكن الزلازل والكوارث الطبعية لا تميز. هي أصلًا لا تعمل وفق الحدود المرسّمة بشريًا.
ما إن وقع الزلزال ومركزه جنوب تركيا، وبدأت تُكشف الفاجعة التي حلت على امتداد مساحة تصل إلى وسط سوريا المحاصرة حتى انهالت كافة أشكال المواساة. تقريبًا الكل أبدى أسفه وقدم التعازي، لكنّه في الواقع، تعامل بانتقائية بين بلد وآخر.
الاتحاد الاوروبي أصدر بيانين، في الأول أبدى الوقوف إلى جانب أنقرة، وأهمل سوريا، وفي الثاني حاول التبرير بأن سوريا لم تطلب المساعدة، علمًا أن الاتحاد يفرض عقوبات قاسية على سوريا منذ عام 2011، وهو بات لاحقًا جزءًا من قانون قيصر.
واشنطن، التي تحتل جزءًا من الأراضي السورية وتحاصرها إن بالعقوبات الأحادية أو عبر قانون قيصر، عمدت إلى تسيير رحلات الإنقاذ باتجاه تركيا، وعند التطرق إلى سوريا، كما فعل وزير خارجيتها والبيت الأبيض، تحدثوا عن منظمات تتلقى دعمًا منهم تقوم بواجباتها هناك. وهو تصريح يتعاطى مع زلزال بهذا الحجم كأنه "حادث سير" ربما. حاول الأميركيون "تبرئة الذمة" بتصريحاتهم، لكن الواضح أنهم وفي ظل الزلزال والحصار، اتبعوا اسلوب الابتزاز في مشهد يظهر انعدام الإنسانية لهؤلاء.
صحيح أن دولًا صديقة لسوريا كإيران والصين وروسيا والعراق والجزائر، عمدت إلى تسيير رحلات إغاثة، لكن أمام هول المصيبة التي حصلت تحتاج دمشق إلى جهود مضاعفة جدًا، وهي كانت واضحة بإعلان الحاجة إلى إغاثة عالمية.
المشهد خلال اليومين الماضيين يبين بوضوح أن الكوارث في عالم المصالح، لا تَصلُح كقضية انسانية، وأن هناك من يزيد من الابتزاز والتضييق، وهناك من ينتظر الاذن لارسال طائرات إغاثة خشية من "الغول" الاميركي.
سوريا، تقاوم شبه وحيدة. نصرة الأصدقاء تبدي شيئا من التخفيف من هول الفاجعة. ولأن سوريا لا تنكسر، ولا تسلّم، ظهر مشهد تدافع السوريين من منظمات أهلية وقوى عسكرية وأمنية، وكامل أجهزة الدولة، للزحف نحو حلب كما حصل اتجاه اللاذقية. هم الآن يقاومون ويتحدون الحصار.
سوريا تدفع الثمن ألف مرة، وهي التي عودت العالم أنها في الشدائد تشتد تصلبًا وتمسكًا بسيادتها.
الغرب، الذي يدّعي "الإنسانية" والذي فرض العقوبات على سوريا بحجة "حماية شعبها"، يمارس في هذه اللحظات العصيبة الابتزاز. يُفهم ذلك من البيانات الخجولة اتجاه سوريا وشعبها.
وعليه، لا يمكن توقع أي تغيير في النهج العدواني الغربي اتجاه دمشق، حتى في ظل الكارثة، يبقى العتب على من كانت سوريا ملجأ لهم، وهم ينتظرون الان الإذن الاميركي لتسيير رحلات مساعدات خجولة إلى دمشق، في مقابل جسور جوية تتوجه نحو تركيا، والسباق بين المتنافسين لتقديم الدعم والاسناد والإغاثة يشتد.