تجربة حزب الله
كشافة الإمام المهدي(عج) الأكبر في لبنان: منبت الرجال وأصالة الثقافة
سرت كشافاً مضيت.. طوع ربي والكتاب
موطني صرح الخلود.. حده عزم الشباب
منا أشبال رجال.. للعلا قادوا الحياة
منا زهرات السـّنا.. مرشدات قائدات
موقع "العهد" الاخباري يوثّق تجربة كشافة الإمام المهدي(عج) في لبنان في مقابلة مع رئيس الجمعية الشيخ نزيه فيّاض الذي يؤرّخ للتشكيل الأول بقوله: "كشافة الامام المهدي (عج) هي مشروع انطلق في أذهان وطموحات وآمال الأخوة المتدينين الأوائل. ومن 1982 حتى 1985 كانت فترة المقاومة والبناء السري غير المعروف، وكانت في هذه المرحلة تجول أفكار اتجاه الأجيال الجديدة والناشئة مع الوعي التام لأهمية بناء هذا الجيل وتحصينه وإبعاده عن كل أشكال الغزو الثقافي والحرب الناعمة".
ولأن المجاهدين لم يحملوا فقط روح العسكر، بل كانوا أصحاب فكر ومشروع ثقافي تربوي ديني عميق، كان الشباب والناشئة بالنسبة لهم البيئة الخصبة التي ينمو فيها هذا المشروع.
يشير الشيخ فياض إلى "مبادرات كثيرة ميدانية نشأت في هذا الاطار قبل العام 1985 في بيروت والبقاع ثم انتقلت إلى الجنوب، لكن في العام 1985 اكتملت الفكرة وانتشرت واجتمع أصحاب هذه المبادرات التي كانت أحيانًا تلقائية وعفوية مستوحاة من قيم هذا المشروع والمسيرة، والتقوا وأسسوا سويًا كشافة الامام المهدي(ع) وأعطوها الاسم الرسمي لكل الأفواج ووضعوا الأهداف".
إذاً، اكتمل عام 1985 المشهد العام والبذرات الأساسية للمشروع، وتشكّل وفق الشيخ فياض "عنوان ينضوي تحته مجموعة أفواج لبدء العمل في أكثر من منطقة، وكان أغلب الانتشار في البقاع وبيروت ثم مناطق الجنوب الأخرى بعد التحرير".
ماذا عن الأهداف؟
يقول الشيخ فياض في مقابلته التوثيقية مع موقع "العهد" إن "تربية هذا الجيل تربية إسلامية إيمانية وتنشئته على التربية القرآنية وحب أهل البيت(ع)، وبناء العقائد والثقافة والانتماء للوطن والانسان واستنقاذه من فتنة تلك الفترة التي كانت الناس فيها تعيش في عصر الاحتلال الاسرائيلي والهيمنة، وتنوير هذا الجيل وبناء شباب أصحاب فهم ووعي وكفاءة وفكر ومنطق، وبناء المهارات الحياتية للشخص، كلها كانت من ضمن الأهداف التي عملت عليها الجمعية. كما أن الأطفال في هذا العمر بحاجة الى مهارات الحياة والاعتماد على النفس والهوايات المفيدة والتربية الصحيحة، ليكونوا نافعين في مجتمعهم. كل هذه العناصر لو تركت أو أهملت لأنتجت جيلًا مغايرًا منحرفًا ولديه مشاكل، لذلك كانت لدينا نظرة عميقة للسعي لبناء مجتمع مبني على القيم الأخلاقية والدينية والوطنية وما سمي لاحقًا بالمجتمع المقاوم".
لم تهمل الجمعية ضمن أهدافها "الحث على طلب العلم، ففي تلك الفترة انتشر التخلي عن العلم (التسرب المدرسي) نتيجة الحروب والفقر، وكان الكشاف يسعى إلى الترفيه الهادف والتسلية وبناء العلاقات المفيدة، واستثمار طاقة الأطفال والشباب باتجاهات سوية وصحيحة لبناء المجتمع وخدمة القضية".
التحرير والجنوب
لم يكن للكشاف أثناء فترة الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان أي نشاط كشفي في القرى الواقعة تحت الاحتلال. يقول الشيخ فياض: "كل القرى والأماكن التي تحررت تباعًا كنا نحاول مباشرة أن نبني فيها الأفواج وصولًا إلى مرحلة التحرير عام 2000؛ في اللحظة التي كان فيها الاسرائيلي يُتِم اندحاره، كان قادة الكشاف والمفوضية يقررون لحظات بدء تأسيس العمل الكشفي ودعوة الأولاد الذين حرموا وأبعدوا عن وطنهم، وبسرعة قياسية جرى تأسيس أفواج في كل القرى التي انسحب منها الاحتلال".
التطور
يشير الشيخ فياض الى أن "رؤية الجمعية ودورها تطورا مع السنوات، فكان الاتجاه الأساسي في البدايات استقطابيًّا - تربويًّا والبناء الديني كان المحور الأساسي، ومع الوقت ومع ظهور النجاحات وتعمق تجارب القادة (القادة الكشفيين الذين بدؤوا في الثمانينيات هم أنفسهم أصبحوا آباء في التسعينيات واليوم أصبحوا أجدادًا)، صار لدينا مجتمع من المنتمين إلى هذه المسيرة الكشفية والذين خدموا فيها، ومع كل جيل كان يرتفع مستوى الكفاءة والتمكّن".
عام 1992 كانت كشافة الإمام المهدي (عج) تضم 1600 فرد، أما اليوم فهي تضم 75 ألف عنصر كشفي منتمٍ مباشرة الى الكشاف. يعلّق الشيخ فيّاض على هذا الرقم بالقول: "هناك توسع غير عادي لهذه الجمعية، ولدينا نُظم تدريبية وكفاءات تربوية وعلمية كبيرة، فمتوسط المستوى العلمي كان سابقاً لدى القادة الكشفيين يصل للثانوي، أما اليوم فالمتوسط هو للجامعيين مع نسبة كبيرة من الحائزين على شهادات الدراسات العليا. هذا العامل أثّر ايجابًا على الكفاءة والفعالية، فتطور دور الجمعية التي انتقلت من المستقطب والمربي للأفراد إلى دور بناء نفس الشباب والقادة الكشفيين الذين صار تأثيرهم في الحياة العامة مختلفًا".
ويتابع الشيخ فياض: "توسعنا بالانتشار وغذّينا العلاقة أكثر بالمحيط ورفعنا العلاقة الى مستوى الأهل، فصار لدينا اتجاه خاص للتعامل معهم، ثم انتقلنا للبرامح الاضافية وذهبنا أيضًا إلى الأعمال المسرحية والموسيقية النوعية، وكانت هذه الأعمال تظهر مواهب كبيرة في أكثر من اتجاه".
بعد حرب تموز 2006
بعد حرب تموز 2006 توجّهت الجمعية نحو المشاريع الكبيرة. يقول الشيخ فياض: "فكرة المدن الكشفية تمكنا من تحقيقها بعد هذا التاريخ، فبات لدينا منشآت مثل مدينة الامام الخميني(قده) الكشفية (150 ألف متر) التي تم تأسيسها عام 2009 وباتت موجهة للعموم، ويقصدها ليس فقط الكشفيون بل الأهالي والرياضيون والفنيون وتقام فيها المعارض. كذلك في البقاع - رياق لدينا مدينة الشهيد السيد عباس الموسوي ومنشأة كشفية حديثة حاليًا على نهر العاصي. كما أن أكاديمية المهارات والفنون تنظّم دورات وتعطي شهادات مصدقة من وزارة التربية بالفنون والموسيقى والإخراج والإعلام. كذلك أنشأنا مثلا "وكالة مهدي للإعلام" وأقمنا من خلالها ورش تدريب وتدرج الأفراد.. هذا النوع من الأعمال كان سمة بارزة لكشافة الامام المهدي(عج)".
تنمية المجتمع
بعد العام 2010 دخلت الجمعية أكثر إلى الدور الاجتماعي وبات لديها مفوضية "تنمية المجتمع". بحسب الشيخ فياض تعمل هذه المفوضية على خطين، خط التوعية وخط تقديم الخدمات.
اليوم، تشير كل الاحصاءات المُعلَنَة الى أن كشافة الامام المهدي(عج) هي أكبر كشاف في لبنان الذي تعمل فيه 32 جمعية كشفيّة. يعلن الشيخ فياض أن "عدد القادة والقائدات المتطوعين حاليًا في الكشاف يبلغ حوالي 6000 قائد وقائدة (أعمارهم فوق الـ17 عامًا) ومتوسط عمر القادة في الجمعية لدينا أقل من 22 سنة، وهناك 75 ألف منتمٍ حالي ناشط، 40 بالمئة منهم إناث و60 بالمئة ذكور".
هذه الكتلة الشبابية المتطوّعة (6000 شاب وشابة) الذين مأموريتهم الاساسية الاستقطاب والتربية وبناء الذات، بات لديهم مأمورية رسمية تشكلت ضمن إطار مجموعات أفواج الخدمة المجتمعية، التي توجّهت من خلالها الجمعية الى العناوين الانسانية. يقول فياض في هذا الإطار: "من جهة تقديم خدمة إلى المجتمع والناس، ومن جهة نربي شبابنا والجيل الصاعد على أنهم خدام لمجتمعهم وأهلهم، ويتبارون ويتنافسون في الخدمة، فكان 2021 هو عام التأسيس لهذه الخدمات، وعام 2022 هو عام اطلاق أفواج الخدمة المجتمعية رسميًا من خلال مؤتمر".
يخرج إطار الخدمة المجتمعة شبابًا وكوادر لديهم مهارة واتجاه وعمق في تأدية هذه الخدمة إضافة إلى كل لجان التكافل والعمل المنتشرة والتي يكرسها حزب الله لصالح الناس.
ماذا عن المستقبل؟
"للمستقبل نتجه نحو الشباب"، يقول الشيخ فياص مضيفًا: "حتى الآن الفئة العمرية التي نستهدفها تنتهي عند 17 سنة. كل الذين تتخطى اعمارهم هذا الرقم هم قادة كشفيون، لكن نطمح في العشرية القادمة لأن يكون للجمعية اطار شبابي من 18 إلى 25 سنة، ونحاول قدر الامكان جذب الشباب ليكونوا جزءًا من برنامج خدمة المجتمع، وليكونوا خدامًا لمجتمعهم ولاحقًا ليكونوا مديرين ومسؤولين ومتميزين في اطار خدمة المجتمع".
تطبيق الكشاف
كيف ينخرط الكشاف في العالم الافتراضي؟ يجيب الشيخ فياض: "المقاربة التربوية والاستقطابية للجمعية قائمة على العلاقة المباشرة، شخصية القائد وترتيب المكان وطبيعة النشاطات والحركة والتفاعل هو رأسمالنا. فكرة الاستقطاب والتربية والتعامل "عن بُعد" كانت فكرة جديدة وهي ضرورية وهامة. عام 2013 كنا قد أجرينا دراسة حول مدى ملاءمة برامج وأنشطة الجمعية لتفضيلات واهتمامات الناشئة بمشاركة 7000 طفل، تبيّن في ذلك الوقت أن 80 بالمئة من الاطفال في سن 14 عامًا يحملون هواتف ذكية متصلة بالانترنت. الخلاصة كانت منذ ذلك الوقت أن الأطفال باتوا جزءًا من الحياة الافتراضية".
يتابع الشيخ فياض: "على أساس هذه الدراسة عملنا على تطوير مناهجنا التربوية، هذه الشاشة التي أُدخل العالم اليها كانت كبيرة لدرجة تصغره إلى كف اليد، وهي دخلت إلى عيني ودماغ الطفل، ويصعب نهيه عنها لأن هذا هدف صعب التحقق، فقررنا أن ندخل نحن الى هذه الشاشة حتى يرانا بداخلها. صحيح هناك مشاكل ومخاطر لكن هذا كأس مرّة لا بد منها، وقد يستطيع أن يقلب التهديد الى فرصة"، مشيرًا الى "أننا نواكب هذا الجيل، وبدأنا بمجموعة من الانتاجات الفنية والتدريبات، وعززنا كل ما يندرج تحت عناوين مواقع التواصل الاجتماعي، والانتاج المتناسب مع هذا العالم، لكن مع حلول العام 2020 جالباً معه وباء الكورونا احتجنا أكثر الى هذا العالم وهو ما ساهم في إنضاج هذا الجانب".
بحسب الشيخ فياض "كل المجموعات الكشفية الميدانية حاليًا متصلة بوضع افتراضي، فلدى كل فرقة كشفية ومجموعة قادة وفوج مجموعة للتواصل مع الأفراد، وكل قائد وقائدة متصلان بمجموعة مع عناصرهما وقيادتهما. وهناك دروس للافواج حول القيادة الكشفية عن بعد، وقمنا بمجموعة توصيات وتجارب ناجحة ومبدعة"، مشيرًا الى أن "قادتنا الميدانيين متقدمون علينا، وطبقنا آليات مرنة لتقبل كل الطرق الجديدة".
ويكشف رئيس جمعية كشافة الامام المهدي(عج) أنه "قريبًا سيكون للكشاف منصة شاملة - تطبيق - نفس الوجود الحقيقي للجمعية سيوازيه وجود افتراضي، تطبيق المنصة التربوية الشاملة لكشافة الامام المهدي (عج) يسمح لكل الأولاد لأي فئة عمرية بأن يكونوا جزءًا من برامجها التي يختارها هو وقد تكون فنية أو إعلامية أو قرآنية..".
يرى الشيخ فياض ان "إحدى دلائل عمق مشروع جميعة كشافة الإمام المهدي(عج) هو أنها مؤسسة الحزب التي يتبناها الجميع ويعوّل عليها، سماحة السيد يقول للقادة بالفم الملآن "الرهان عليهم"".
يستحضر الشيخ فياض في ذكرى "الأربعون ربيعًا" سيد شهداء المقاومة الإسلامية الشهيد السيد عباس الموسوي الذي كان يزور المخيمات ويجلس بين القادة، والقائد الجهادي الكبير الحاج عماد مغنية الذي كان متابعًا جيدًا للكشاف لكن دون ظهور علني، وكان الحاج من بين القادة الجهاديين الذين كانوا يجيبون على رسائل المعايدات من الجمعية، كان يجيب على الرسائل برسائل معايدة مماثلة".
ماذا عن العلاقة مع سماحة الأمين العام لحزب الله؟
يقول الشيخ فياض إن "مستوى تبنّي الأمين العام سماحة السيد حسن نصر الله للجمعية لعلّه الأعمق والأكبر والأكثر دلالة على مستوى الحضور الشخصي، فالسيد قبل توليه للأمانة العامة كانت له صور مع الكشفيين وفي المخيمات من قبل أن يتولى الأمانة العامة، عام 1994 أصدرت الشورى قرارًا بأن يكون الأمين العام لحزب لله القائد العام لكشافة الامام المهدي(عج) وكان يجتمع مع الكوادر كل ثلاثة أشهر حتى العام 1996، ساهم ذلك في رفع معنويات الجمعية ومنذ ذلك الزمن لديه متابعة سنوية محددة ولقاء محدد يستمر أحيانًا إلى 3 ساعات يتحدث فيه الى كل القادة والقائدات".
ويلفت الى أنه "في كل لقاء مع سماحة الأمين العام نخرج بمهمة وحمل جديد ومعنويات خارقة للقادة والقائدات تشكل ذخيرتنا من عام إلى عام".
المفوّض العام لكشافة الامام المهدي(عج) الشيخ نزيه فياض يروي لـ"العهد" حكاية إهداء السيد نصر الله منزله للجمعية:
إقرأ المزيد في: تجربة حزب الله
26/08/2022
قناة "الصراط".. قبس من نور الولاية
22/08/2022