#لواء_الثورة
لواء الثورة.. عامان والحزنُ الجميل يُكتب حكايا حبّ ونصر
ليلى عماشا
"علمدار نيامد"
وانسكبَ العاشقون كلّهم في دمعة واحدة..
والبكاء طواف العارفين..
رفعَ النبأ حجاب الزمان برهةً،
ورأى الجميعُ، ممّا رأوا، كفَّ الساقي وخيلَ الآل خالية من فرسانها ونار الخيام..
"علمدار نيامد"
مضى إلى المستحيل الصراط،
يلملم جراحَ الزمانِ بكفٍّ وحيدة
وينسابُ جرحًا عظيمًا كقوسِ الضوء
من أرضِ الطفوف إلى حراءِ السّماء..
لم يعد، بل منذ ارتفع ما عدنا..
بقينا أسارى الذهولِ نحدّقُ في يقينه المستقيم..
بقينا سُكارى الفقد نطوفُ بذكراه كما الدراويش، كما الزاهدين.. بقينا نحاصرُ فجرًا قسا، ونكتبُ الحزنَ الجميل حكاية حبّ، فارسها ثائرٌ مدّته يد الله سلاحًا بهذا الزمان، وفارسها قاسم محاربٌ عارف نقيّ أبيّ، عادَ ذات فجرٍ منتصرًا إلى كرمان..
مرّ عامان..
عامان، ولواء الثورة المرفوع إلى أرض السماء يواصل بثَّ العشق ترياقًا في دمنا كي لا نُقتل بسمِّ القهر، ويواصل سكبَ اليقين ماءً في مدامعنا، كي لا يفوتنا جمال البكاء وجمال الصبر..
عامان، بل دهران، وحزن الأرض على يتم أهلها، "كلّه خير" كيقينه المسيّل ماءً طهورًا ودفئًا وصيحات نصر..
عامان، والفقدُ، الذي ليس أيّامًا تُعدّ، ما حال بيننا وبين حضوره المؤنس في مسكنه الذي خلف الضلوع..
عامان، والعائد إلى كرمان جنديًّا كما اشتهى،
يمرُّ في بيوتنا كلّ يوم..
يحاصر أعداءنا كلّ يوم،
يزيدنا حبًّا وصبرًا جميلًا وعزًّا عصيًّا على المارقين..
يمرُّ بِسوحِ القتال فارسًا،
يمرُّ بدور الفقراء خبزًا،
يمرُّ بدعاء العاشقين عقيقًا..
ويمرُّ أنيسًا في ليل عوائل الشهداء..
وكيفما مرّ يمرُّ سخيًّا.. وهل العشقُ إلّا السخاء؟
قاسم..
سخيُّ الدّمع في حضرةِ الدم وفي حضرة الغائبين وفي حضرةِ الأولياء..
سخيّ الحضورِ كلونِ السّواتر، كدفءِ الرّصاص، كصوتِ العزاءِ..
سخيٌّ سخيٌّ كطفٍّ يجولُ على العاشقين
ليسقي عطاشى اليقين بما رأت كربلاء..
سخيٌّ كما الهيبة الفارسية..
كضلعٍ يُتلى دموعًا حرّةً في الفاطمية..
كعطرٍ يسكّن روعَ الشام، حاملًا شذا الغربةِ الزينبية..
سخيٌّ كالفداء، كالحزنِ الأبيّ في أعينٍ حرّة يمانية..
سخيٌّ كأرضِ العراقِ الحيِ،
كبأسِ المشتبك المقدسيّ،
كبسمةِ العفّة العاملية..
سخيٌّ كنهر،
كغيمٍ يحملُ دمع الغرباء إلى ليلات القدر،
كطوافِ الثائرين حول نارِ الخيام عصرًا بعد عصر..
كشوق اليتامى، كدفء الخزامى، كقمحٍ وفيرٍ، كجمرٍ، كفجر..
سخيّ كسرٍّ، كغيبٍ لطيف.. سخيّ الغياب!