أفغانستان
طالبان" تستعيد صورتها الحقيقية: قتل 13 افغانيًا استسلموا لها بدم بارد
منح اتفاق السلام الذي وقعته الولايات المتحدة مع حركة "طالبان" في العاصمة القطرية الدوحة في 29 شباط/ فبراير 2020، هذه الجماعة المسلحة التكفيرية الإرهابية، فرصة للظهور على أنها " أشخاص يرتدون ملابس أنيقة للغاية، ولديهم هواتف ذكية، ويتقنون فن التحدث بدبلوماسية للغاية أمام وسائل الإعلام الدولية. لكن هذا لا يعني أن "طالبان" قد غيرت نظرتها للعالم، أو تخلت عن أهدافها، او انها اقلعت عن بطشها، بعد احكام قبضتها على افغانستان.
عمليا، في جوهر ــــ أيديولوجيتها، والطريقة التي تنظر بها إلى الإسلام، وفرض قوانينها الدينية الخاصة على المجتمع بقوة البندقية ـــــ "طالبان" لم تتغير جذريا كحركة. صحيح انها تكيّفت سياسيًا وعسكريًا، منذ الإطاحة بها في ايلول/ سبتمبر2001، غير ان عقيدة الالغاء والتكفير والقتل ما زالت حاضرة في عقولهم وبقوة، بعيدا عن خطابهم المعتدل المزعوم، وكلمات قادتها المنتقاة بحذر، والصور الاعلامية الدعائية، مثل حضورها للمراسم العاشورائية او اجتماعات قادتها، مع ممثلي مجتمعات السيخ الأفغانية.
في المؤتمر الصحفي الأول لحركة "طالبان"، والذي وعد فيه المتحدث باسم "طالبان" ذبيح الله مجاهد بـ"العفو طعن الأفغان". لكن بعد حوالي 15 يوما من كلام مجاهد، سرعان ما ظهرت الحركة على حقيقتها بامتهان القتل الذي لم يفارقها يوما. حيث كشفت "منظمة العفو الدولية" (الثلاثاء 5 تشرين الاول/ اكتوبر 2021) إن "قوات طالبان قتلت بشكل غير قانوني 13 من عرقية الهزارة، معظمهم من الجنود الأفغان الذين استسلموا للمسلحين".
وبحسب تحقيق أجرته المنظمة، وقعت عمليات القتل في قرية كاهور بإقليم دايكوندي بوسط أفغانستان في 30 آب/أغسطس الماضي الماضي، وكان 11 من الضحايا من أفراد قوات الأمن الوطني الأفغانية واثنان من المدنيين، من بينهم فتاة تبلغ من العمر 17 عاما.
هذه الجريمة المهولة (خصوصًا ان القتلى كانوا بوضعية الاستسلام) ارتكبت فيما كان العالم يراقب ما إذا كانت "طالبان" ستفي بوعودها الأولية بالتسامح والشمول تجاه النساء والأقليات العرقية، بما في ذلك الهزارة الشيعة. ومع ذلك، فإن تصرفات "طالبان" حتى الآن، مثل القيود المتجددة على النساء وتعيين حكومة مؤلفة من الرجال فقط، قوبلت بالفزع والهلع من قبل المجتمع الدولي.
وفي هذا الاطار قالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية "أغنيس كالامارد" إن "عمليات الإعدام بدم بارد (ضد الهزارة) هي دليل آخر على أن "طالبان" يرتكبون نفس الانتهاكات المروعة التي اشتهروا بها خلال حكمهم السابق لأفغانستان". بالمقابل لم يرد "الناطقان" باسم طالبان، "ذبيح الله مجاهد" و"بلال كريمي"، على مكالمات وكالة "أسوشيتد برس" للتعليق.
ومع ان قائد شرطة دايكوندي صادق الله عابد الذي عينته "طالبان"، نفى وقوع أي قتل، واكتفى بالقول إن أحد أعضاء طالبان أصيب في هجوم بالمقاطعة. لكن تقرير منظمة العفو اكد وبالادلة وقوع الجريمة.
طيشير التقرير الى انه في 14 آب/ أغسطس المنصرم سيطرت "طالبان" على مقاطعة "دايكوندي"، بعدها سعى ما يقدر بنحو 34 جنديا سابقا إلى الأمان في منطقة خضراء. ووافق الجنود الذين كانت معهم معدات عسكرية حكومية وأسلحة على الاستسلام لـ"طالبان". وكان محمد عظيم صدقات، الذي قاد استسلام الجماعة رتب لإخراج السلاح بحضور عناصر "طالبان".
في 30 آب/ أغسطس وصل ما يقدر بنحو 300 من مقاتلي "طالبان" في قافلة بالقرب من قرية "دهاني قل"، حيث كان يقيم عناصر قوات الأمن الافغاني، وبعضهم مع أفراد عائلاتهم. وبحسب التقرير انه "بينما حاول عناصر قوات الأمن مغادرة المنطقة مع عائلاتهم، لحق بهم مقاتلو طالبان وفتحوا النار على الحشد مما أسفر عن مقتل فتاة تبلغ من العمر 17 عامًا تدعى معصومة. ورد جندي بإطلاق النار فقتل مقاتلا من "طالبان" وجرح آخر.
واضاف "التقرير أن طالبان واصلت إطلاق النار مع فرار العائلات مما أسفر عن مقتل جنديين، بعدها استسلام تسعة من قوات الأمن، اقتادتهم "طالبان" إلى حوض نهر قريب وقتلوهم، بحسب المنظمة الحقوقية.
وتداركا لمحاولة "طالبان" التنصل من الجريمة ورفع المسوؤلية عنها، لفتت منظمة العفو الدولية الانتباه الى "إنها تحققت من الصور ومقاطع الفيديو التي التقطت في أعقاب عمليات القتل.
الجدير بالذكر ان الهزارة يشكلون حوالي 9 بالمائة، من سكان أفغانستان البالغ عددهم 36 مليون نسمة وغالبًا ما يتم استهدافهم سابقا وحاليا من قبل "طالبان" بسبب انتمائهم العرقي والمذهبي.