معركة أولي البأس

#عشرة_الفجر

أول الغيث: قصة ولادة المسيّرة الإيرانية الأولى 2/2
08/02/2023

أول الغيث: قصة ولادة المسيّرة الإيرانية الأولى 2/2

يوسف الشيخ

بركات "الباقريين" حسن ومحمد

تقرر نتيجة لذلك وقف المعارك التمهيدية الصغيرة وعمليات التعرض والتحضير لعمليات كبيرة ذات طابع استراتيجي. في تلك المرحلة استشهد الشهيد حسن باقري في منطقة فكة في 29-1-1983 فتولى احتضان المشروع أخوه ضابط الاستخبارات العسكرية "محمد باقري" والذي أصبح اليوم لواءً ورئيساً لهيئة الأركان العامة المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية.

في ذلك الوقت يمكن القول أن بذور انطلاقة مشروع أول طائرة مسيرة إيرانية بدون طيار قد زرعت حيث كان الطلاب الثوريون في جامعات البوليتكنيك الايرانية يقدمون إبداعاتهم ويركزون تفكيرهم على حل معضلة الحصار الفني الشامل على إيران ومن ضمن المشاريع المقدمة برز مشروع طائرة "مهاجر 1" بدون طيار والذي كان يعمل عليه طلاب من جامعة أصفهان للتكنولوجيا حيث تم الاتصال بهم من قبل الحرس والاستفسار عن طبيعة مشروعهم والمدى الذي وصلوا إليه وطلب منهم إمكانية اعتماد نموذج عسكري يمكن اعتماده في جبهات الحرب المفروضة. كان بين أيدي الطلاب في أصفهان عدة نماذج وبعد شرح مواصفات كل النماذج تم اعتماد النموذج الأولي (PROTOTYPE) لطائرة "مهاجر".

يتحدث عبد المجيد مختار زاده الضابط المنتدب من القوة الجوية لمواكبة بناء مشروع "مهاجر 1" وأوّل قائد للطائرة خلال الحرب المفروضة: "عندما أنجزت عينة جامعة أصفهان، كانت هذه العينة واحدة على خمسين من العينة الحقيقية" تم تسميتها لاحقاً بـ "تلاش 1 / Talash-1". كانت تلك الطائرات بسيطة تطير بسرعة وارتفاع أقل بكثير من طائرات اليوم وكانت مزودة بكاميرات عادية من صنع شركة ALPA السويسرية. أخذ الحرس الثوري هذه الطائرة مع مصمميها الى ميادين المعارك في الحرب المفروضة مع العراق لتجريبها على أرض الواقع. وهناك تعاونوا لحل عيوب هذه الطائرة التي لم تدخل الخدمة الفعلية الميدانية بل استخدمت كطائرة تدريب أولي لتأسيس أطقم مشغلي الطائرات بدون طيار، كما استخدمت كهدف لأطقم الدفاع الجوي في تدريباتهم بعدما أدخلت القوات الجوية الايرانية منظومات دفاع جوي من طراز سام 2 إلى المعركة. وكانت "تلاش 1 / Talash-1" تتميز بسرعة 120 كم / ساعة ومدى 5 كم وارتفاع 2700 متر.. كما كانت تقلع وتهبط على ثلاث عجلات.

أول الغيث: قصة ولادة المسيّرة الإيرانية الأولى 2/2
طلاب من جامعة أصفهان للتكنولوجيا يعملون عام 1983 في المختبر على تركيب أجزاء من طائرة "مهاجر 1"

 

خلال التجربة التي استمرت لعدة أشهر تم إدخال تحسينات كبيرة على "تلاش 1 / Talash-1" وتم تطوير نسخة محسنة باسم "تلاش 2 / Talash-2" تميزت عن سابقتها بسرعة أكبر 140 كم / ساعة وقدرة اطلاق بمنجنيق وهبوط مظلة وقدرة أكبر على تنفيذ المناورات، وكان يتم التحكم بالنسختين تلاش1 و تلاش2 بجهاز تحكم راديوي محمول.

كانت الدروس الفنية والتعبوية المستفادة في فترة اختبار النموذجين الأوليين من طائرات التدريب من دون طيار من طراز "تلاش 1 و 2" أساسية في تصنيع طائرة مهاجر-1 / Mohajer-1 التي تعتبر أول طائرة بدون طيار محلية الصنع تدخل الخدمة فعلياً بمواصفات عسكرية تخدم أغراض الاستطلاع والقصف الجوي التكتيكي صنعت بداية عام 1984. كانت هذه الطائرة مجهزة بكاميرا ثابتة مثبتة في مقدمتها مائلة للأسفل يتم الحصول على صورها بعد هبوطها. مدى طائرة مهاجر-1 / Mohajer-1 يصل حتى 30 كم ما يعني أنها كانت قادرة على استطلاع الخطوط الأمامية العراقية (الموانع والتحصينات) فقط.. وكان يتم التحكم بها بواسطة اتصال لاسلكي ضعيف بقدرة أقل من 100 ميغاهرتز ويمكن التشويش عليه بسهولة. كانت هذه الطائرة تقلع وتهبط بواسطة 3 عجلات مزودة بها. كما زودت بمظلة لحالات الهبوط الاضطراري أو في حالة عدم وجود منطقة معبدة للهبوط.

كانت عملية "مهاجر-1 / Mohajer-1" الأولى هي تصوير منطقة شلامشة شرق البصرة، وبعد ذلك، من خلال تجهيز منصة إطلاق مهاجر بالقوارب السريعة، تم توسيع نطاق عملية هذه الطائرة إلى هور العظيم. حققت طائرة مهاجر نجاحًا كبيرًا في الجبهة في الأسابيع الأولى لدرجة أنه وقبيل هجوم كبير كانت تعد له القوات المسلحة الايرانية أظهرت الصور التي التقطتها بعد تحميضها الخنادق والدبابات والحشود العراقية فضلاً عن نوعية الاستحكامات والطرق (الحقيقية والمزيفة). وتبين من خلال الصور أهمية ما نبّه منه الشهيد باقري قبل استشهاده حين اعتبر أن للصور الجوية دوراً حيوياً في المراحل القادمة من القتال فقد كشفت الصور التي التقطتها "مهاجر-1 / Mohajer-1" أن احدى المعلومات الخاصة بمخابرات العملية كانت خاطئة وتبين من خلالها أنه لو تم تنفيذ العملية فستكون هناك خسائر فادحة لدى القوات الايرانية. وتم بموجب الصور إلغاء العملية قبل 11 ساعة من انطلاقها.

وبنفس العام 1985 تم تطوير نسخة محسنة من مهاجر-1 / Mohajer-1 باسم Mohajer-1 M1، وأضيفت لها قدرة الحصول على التصوير من المشغل الأرضي أثناء الطيران ويدعم ذلك تسليحها بـ 6 قواذف rpg-7 ثلاثة تحت كل جناح.
جودة الصورة الملتقطة بواسطة Mohajer-1 M1 مقارنة بصور طائرات الاستطلاع القتالية من طراز فانتوم F4  وسهولة التقاطها وسرعة الحصول عليها وأثر الطائرات بدون طيار النفسي على جنود الجيش العراقي ساهم بتشجيع دعم صناعتها بشكل كبير من قبل القيادة الايرانية.

أول الغيث: قصة ولادة المسيّرة الإيرانية الأولى 2/2
صورتان جويتان التقطتهما طائرة "مهاجر 1 M" خلال عمليات "كربلاء 5"
 (8-1-1987 و 26-2-1987)
أول الغيث: قصة ولادة المسيّرة الإيرانية الأولى 2/2
لقطة من فيلم أخرجه المخرج ابراهيم حاتمي كيا تخليداً لـ"مهاجر1"


 
تأسيس  كتيبة الطائرات بدون طيار "رعد سباه"
 
يروي محمد رضا خان محمدي، وهو عضو في أول وحدة طائرات بدون طيار خلال الحرب، قصة تشكيل أول كتيبة إيرانية للطائرات بدون طيار المعروفة باسم "رعد سباه" فيقول: "في إحدى المهمات الروتينية، أطلقنا الطائرة بمعدات أساسية كاملة "الكاميرا + قذائف آر بي جي المضادة للدروع". وخلال المهمة كان أحد الضباط العراقيين الكبار يقوم بزيارة تفقدية لإحدى النقاط الأمامية المحصنة، تم رصده واستهدافه فقتل على الفور. عند عودتنا من المهمة التي أكملنا فيها الاستطلاع الجوي بعد ظهر نفس اليوم علمنا أن اجتماعاً قيادياً للحرس حضره السيد محسن رضائي قائد الحرس في ذلك الوقت وبقية قادة الحرب فور انتهاء الاجتماع أبلغ السيد عبد المجيد مختار زاده الضابط المنتدب من القوة الجوية لمواكبة بناء مشروع "مهاجر 1" والذي كان يشغّل يومها الطائرة التي اصطادت الضابط العراقي الكبير، وتم الاتفاق على تشكيل كتيبة للطائرات المسيّرة أطلق عليها اسم "رعد سباه" وتعيينه قائدًا للكتيبة. حيث كان ذلك التدبير القيادي مفاجئاً للمشغلين الثلاثة الأساسيين الذين طلب منهم انتخاب من يرونه مناسباً للانضمام للكتيبة وتأهيله واعداده تحت إشراف "قاعدة كربلاء" حيث تم إلحاق الكتيبة بالقاعدة ولاحقاً بعد الحاق غرف القيادة الفرعية إلى مقر خاتم الأنبياء (ص) كان يشرف على جميع عمليات الحرب. أسهمت كتيبة "رعد سباه" بصورة فعّالة في عمليات "خيبر ومحرم والفجر وكربلاء 5" كما ساهمت لاحقاً في الحرب البحرية التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران أواخر عام 1986. خلال سنوات الحرب، وبواسطة 13 طائرة من نوع مهاجر 1 ومهاجر M 1 المحسنة تم التقاط ثلاثة ملايين صورة باستخدام هذه الطائرات بدون طيار من عام 1984 وحتى نهاية الحرب من الشمال الغربي عند حدود باوة وسوسنجرد إلى الجنوب عند حدود عبدان والفاو.

أول الغيث: قصة ولادة المسيرة الإيرانية الأولى 2/1

ذكرى انتصار الثورة الاسلامية في ايران

إقرأ المزيد في: #عشرة_الفجر

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة