معركة أولي البأس

عاشوراء2020

هذه الرواية (*) مختلفة، لو تقرأونها ...
28/08/2020

هذه الرواية (*) مختلفة، لو تقرأونها ...

سديف حمادة

هذه ليست أسطورة يونانية، ولا أفلام هوليودية، يا عبد القدوس. أليس كذلك؟
حيّرتْني، يا عبد القدوس، هذه اللغة فوق المحاكمة؛
كما حيّرني هذا الشاب الجميل جدًا(محمود) الذي طالما تحرّيتُ عن أشباهه في بطولات التاريخ.
ترددتُ كثيرا قبل أن أقول: "لو كنا معه لوفّرنا عليه عناء جمع أنانبيب الحديد من بين الركام ليصنع منها صواريخه البدائية،
ولو كنا معه لساعدناه في إحصاء عدد حاويات النفايات التي امتلأت بأسلحة الفارّين من الأحزاب في طرقات بيروت وأزقة احيائها...
لو كنّا معه لوفّرْنا عليه رسم خرائط انتشار الصهاينة في المدينة، على أرض غرفة نسيتها قذائف الاحتلال عام١٩٨٢، وبدواةٍ من فحم الأشجار المحترقة...
ولو كنا معه لأبينا أن يتحمّل وحده عبء دواء لمريض، أو ما لديه من مال وهبَه لمحتاج، وهو يستحيي من النظر في وجهه، غير مبالٍ بالبطانة المتدلية من جيبه ..."
وتردّدت كثيرًا قبل أن أقول: "لو كنا معه لضحكنا ضحكة مختلفة، ولبكينا دمعة مختلفة، ولشممنا عبق فِراش الحرب في زقاق حميم...
لو كنا معه لسجدنا فوق ترابنا سجودًا آخر، والسجود ليس مزاجيًا، يا صديقي الكاتب...
لا سجودَ إبليسيًا مع محمود..."
في صفحاتك، يا عبد القدوس، كان بطلك ذا قلبين .
صاحبك وحده أبْطلَ قواعد المنطق، حينما جمع النقيضين في قضية واحدة ، وجهة واحدة، وزمن واحد؛
هذا القلب الذي تتسارع دقاته للمظلومين هو ذاته الذي لا ينبض وهو يطلق قذائفه على الظالمين...
نجحتَ كثيرًا، يا عبد القدوس، في رسم "محمود ديب" عسكرًا كاملًا، على الرغم من احتياطاتك الكثيرة، وأنا أعرفها جيدًا وأُبَرّرُها جيدًا. كنت تكتب وأنت تقول: "ومحمود فوق ذلك"
كنت تنتصر لصالح قارئك، وكنتُ أنا أتخيّل محمود في مكان آخر غير مكاننا الحزين، يناجيك بكل ما في جنّته من ضحكٍ اليوم، وبكل ما في جعبته من دموع وقنابل أمس.
يناجيك بـ سبع وخميسن "قذيفة آر بي جي" أطلقها على آليات الاحتلال الإسرائيلي في بيروت ضاحكًا، ويناجيك بمظلوميةِ تفرُّدِه باكيًا ، وكلا المناجاتين فيهما الله...
حيّرتْني لغتُك، يا صديقي، وقد تحوّلَ اسم محمود المتكرر كثيرًا فيها إلى لازمة شعرية أجمل من موشَّح أندلسي، يخفق له القلب كما لعبَتْ:    "ريحُ الصَّبا بالقبسِ..."
(*) الإصدار الأول لأدب المقاومة من سلسلة "زمن البدايات"
الرواية الحقيقية "قالها محمود" للكاتب السيد عبد القدوس الأمين

عاشوراء 2020

إقرأ المزيد في: عاشوراء2020